تعد الصحفية الهولندية المخطوفة في اليمن جوديث سبيخل وزوجها بودواين برندسن من الاصدقاء الكبار لليمن، وكانا يقومان بالدعاية لهذا البلد أينما ذهبا. هذا ما تقوله عالمة الانثروبولوجيا الهولندية مارينا دي رخت. ‘والآن يصبحان هما ضحية عملية خطف!!' عاشت مارينا دي ريخت لسنوات طوال في اليمن، ومازالت تزوره بانتظام. تعرف يوديت سبيخل وكانت على اتصال بها عبر الفيسبوك. أعربت دي ريخت عن صدمتها الكبيرة عقب انتشار شريط فيديو قصير الاسبوع الماضي عبر يوتيوب. في الفيديو تناشد يوديت وزوجها عائلاتهما والحكومة الهولندية ووسائل الاعلام للقيام ‘بعمل ما، وإلا سيتم قتلهما بعد انتهاء مهلة العشرة ايام المعطاة لهما من قبل خاطفيهما. تقول الخبيرة الهولندية في شؤون اليمن: ‘لاحظت انهما قلقان وأصابهما اليأس والخوف. بالطبع أجبرا على قول ذلك، لكن تعابير وجهيهما تكشف مشاعرهما. ما لفت نظري انهما مازالا يرتديان الملابس الغربية. يوديت غير محجبة وهي وزوجها بو يرتديان قميص بولو. هذا الأمر يشير الى ان الخاطفين لا ينتمون الى تنظيم القاعدة'. - كيف تعرفت على يوديت واي نوع من الاشخاص هي؟ تعرفت عليها في عام 2009 في اليمن. حينها كانت قد امضت بضعة أشهر فقط في اليمن، وكانت متحمسة جدا لهذا البلد. تابعت دروسا لتعلم العربية، صديقها بودواين لم يكن قد جاء الى اليمن بعد، وانضم اليها في وقت لاحق. غطت يوديت كصحفية اخبار الثورة في اليمن. وما اجده مميزا فيها انها كانت من الصحفيين القلائل الذين بقوا في اليمن بعد الثورة، مع ان الوضع ازداد خطورة هناك. وفي وقت يحظى كل الموظفين الغربيين الذين يعملون في السفارات والمنظمات غير الحكومية بحماية خاصة، ولا يغادرون منازلهم الا نادرا. بقيت يوديت تعيش هناك بشكل مستقل وتقرر بنفسها ماذا تريد ان تفعل. كانت يوديت تتصرف وكأنها سفيرة. جلبت الكثير من الاصدقاء وافراد العائلة الى اليمن، وفي عملها الصحفي رفضت تكريس الصورة السائدة عن اليمن كبلد الارهاب والمجرمين. في آخر مرة تحدثت فيها مع يوديت قالت لي: الوضع خطير هنا، ولكننا سعداء هنا جدا. انه بلد مميز ونكن محبة كبيرة للناس فيه. - الاجانب الذين اخذوا كرهائن في التسعينات عادوا في الغالب الى منازلهم وهم بحالة جيدة. كما عوملوا بطريقة حسنة، لكن هذه الايام تغيرت الأمور على ما يبدو. ما الذي تغير فيها؟ في التسعينات كان يتم اختطاف الاجانب من قبل القبائل المحلية بهدف الضغط على الحكومة، لكنهم كانوا يعاملون الرهائن وفقا لقواعد الضيافة اليمنية. منذ الربيع العربي تدهور الوضع الامني في اليمن كثيرا، وبات المجرمون وعناصر تنظيم القاعدة يسرحون بحرية في البلاد. خلال العامين الماضيين كان من بين المخطوفين في اليمن امرأة سويسرية ورجل نمساوي ورجل فنلندي وزوجته، قامت بخطفهم جماعات ارهابية، وهذه الجماعات لا تعامل الرهائن معاملة جيدة. بعد اطلاق سراح الرجل النمساوي روى لوسائل الاعلام الكثير عن ظروف اختطافه، حيث كان يتم نقله من مكان لآخر واحتجز في غرف مظلمة واقتصر طعامه على الارز والماء الوسخ. كان يخشى على حياته طوال فترة خطفه. وظهر في فيلم فيديو قصير يناشد فيه بضرورة دفع الفدية التي يطلبها الخاطفون قبل انقضاء مهلة 7 ايام وإلا فانهم سيقتلونه. ولحسن الحظ، عاد سالما الى بلاده، تماما كما حصل مع المرأة السويسرية والفنلنديين. - هل شعرت يوديت يوما بعدم الامان في اليمن؟ في شهر فبراير الماضي كنت في اليمن، وقبل ذلك اتصلت بها لسؤالها عن الوضع الامني في البلاد. قالت لي: الوضع هنا غير آمن. لكن يمكنك اخذ تدابير وقائية لحماية نفسك مثل التنقل دائما في سيارة تاكسي، عدم السير في المساء في الشوارع. عندما تحدثت معها، كان ذلك قبل يوم واحد على نشر الفيديو الذي ظهر فيه الرهينة النمساوي. وقامت يوديت بكتابة مقالة صحفية عن الفيديو هذا، نشرت في صحيفة هولندية، وركزت فيها على الخوف من التعرض للخطف. وانها تبقى طوال الليل مستيقظة بسبب مثل هذه الافكار، يا للهول، ماذا لو تعرضت انا للخطف. وهل انا ساذجة حتى ابقى هنا؟ هذا الامر المخيف جدا حصل لها وهي مخطوفة الآن. - ما موقف اليمنيين من عملية الخطف هذه؟ في اليمن فتحت صفحة على الفيسبوك للمطالبة بإطلاق سراح يوديت سبيخل وبوداوين برندسن. حيث وضع الكثير من اليمنيين بوستات تؤكد على دعمهم، وقال العديد منهم: من يخطف صديقا كبيرا لليمن لابد ان يكون هو العدو الأكبر لليمن. كما اعرب البعض عن شكوكهم من ان يكون الخاطفون يمنيين. بهذا اتفق معهم تماما. يوديت، سفيرة اليمن، كانت تجهد كي يرى العالم الخارجي كم ان اليمن بلد جميل. لكن ما حصل هو أنها هي تحديدا تعرضت للخطف، واصبحت صورة اليمن اسوأ في الاخبار.