يدخل أكثر من 100 معتقل سياسي سعودي في اليوم الحادي عشر من إضرابهم المسمى ب"إضراب الكرامة" الذي بدأ في أول أيام شهر رمضان المبارك، وسيستمر إلى يوم العيد، بهدف الضغط على الداخلية السعودية، لتطبيق القانون "المغيب" في قضاياهم. ويعود الهدف الرئيسي من الإضراب نقل الأخبار بشكل فوري إلى شبكات التواصل الإجتماعي في ظل عدم وجود منظمات حقوقية (مستقلة) تقوم بنقل أخبار المعتقلين، بالإضافة لمنع الداخلية السعودية الزيارات لأهالي المعتقلين، مما يعتبر وسيلة ضغط على الحكومة السعودية، للنظر في قضايا آلاف المعتقلين "المنسية"، بحسب بعض أهالي المعتقلين. وتنص المادة 104 من نظام الإجراءات الجزائية، على انتهاء التوقيف بعد خمسة أيام، إلا إذا رأى المحقق تمديد مدة التوقيف فيجب قبل انقضائها أن يقوم بعرض الأوراق على رئيس فرع هيئة التحقيق والإدعاء العام بالمنطقة ليصدر أمراً بتمديد مدة التوقيف مدة أو مدداً متعاقبة، على ألا تزيد في مجموعها على أربعين يوما من تاريخ القبض عليه، أو الإفراج عن المتهم. وفي الحالات التي تتطلب التوقيف مدة أطول يرفع الأمر إلى رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام ليصدر أمره بالتمديد لمدة أو مدد متعاقبة لا تزيد أي منها على ثلاثين يوماً، ولا يزيد مجموعها على ستة أشهر من تاريخ القبض على المتهم، يتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة، أو الإفراج عنه. إلى أن أغلب الموقوفين في السعودية تجاوزت مدة توقيفهم ال6 أشهر دون توجيه أي تهمة لهم، مما يعتبر مخالفة للقانون السعودي، والدولي على حد سواء. وبحسب جمعية الحقوق المدنية والسعودية (حسم) التي تم حلها بعد سجن جميع مؤسسيها، المتراوحة أحكامهم بالسجن بين 4أعوام إلى 15 عام، فإن عدد الموقوفين على في سجون المباحث السعودية تجاوز ال30 ألف موقوف، وتجاوزت بعض المنظمات الحقوقية غير الرسمية الرقم، حيث تحدثت بعض الإحصائيات عن وجود أكثر من 50 ألف موقوف سياسي في السعودية، في حين لم تعترف الداخلية السعودية، سوى ب2772 موقوف، نافية صحة الأرقام المذكورة في مواقع التواصل الإجتماعي. ويلجأ المتضامنون مع الموقوفين إلى "تويتر" لنشر أخبار الموقوفين والكشف عن الحملات التضامنية، التي تقتصر على الكتابات على الجدران، ومسيرات للسيارات يرفع من خلالها شعارات مثل "فكو العاني" و"اطلقو المعتقلين"، أو الإعتصامات "الخاطفة" التي بالكاد أن تتم في ظل القبضة الأمنية الكبيرة، ومنع أي شكل من أشكال التظاهر السلمي بالمملكة، بالرغم من موافقة السعودية على "الميثاق العربي لحقوق الانسان" الذي نصت المادة (24) من الفقرة (6) من الاتفاقية "أن لكل مواطن الحق في حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية"،وقد تم اقرار القانون في مجلس الشورى بتاريخ(17-2-1429) وتلاه اقراره في مجلس الوزراء بتاريخ(27-3-1430). ويتوقع مراقبون للوضع السعودي نشاطا في قضية الموقوفين لا سيما بعد الأنباء شبه المؤكدة عن اعتقال الشيخ محمد العريفي، ومن قبل اعتقال الداعية محسن العواجي، الذي يعد اعتقاله صادما لجميع الأطراف السعودية بين مؤيدين ومعارضين، حيث ذاع صيت العواجي بعد البرقية الشهيرة التي بعثها من داخل السجن إلى وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز، تحدث من خلالها عن الإنتهاكات والظلم الكبير الذي يعانيه السجناء، وتم تسريب نسخة منها، إلى وسائل الإعلام. فيما يرى محللين سياسيين للوضع السعودي، دخوله في دوامة شائكة، حيث يرجح أن يكون السبب الرئيسي في حملة الاعتقالات الأخيرة الإختلاف على الشأن المصري بين الحكومة وبعض الدعاة أمثال العريفي، والعواجي، وعوض القرني، والإعلامي المعروف أحمد راشد بن سعيد، المصنفين من أصدقاء الدولة إلى حد ما مقارنة بالمعارضين العلنيين للدولة، مما سيكون له أُر كبير في مراجعة نظر جزء كبير من الشعب السعودي في سياسات حكومتهم، وفق قول بعض المحللين. ومن أشهر المعتقلين السعوديين: الشيخ خالد الراشد الذي اعتقل عام 2005 بسبب دعوته لاعتصام امام أمارة الرياض للمطالبة باتخاذ موقف تجاه حكومة الدانمارك بسبب الرسوم المسيئة للرسول عليه السلام، وقد حوكم بالسجن 15 عاما، والمفكر المعروف سعود الهاشمي، الذي اتهمته الدولة بمحاولة الإنقلاب على النظام، وحوكم بالسجن مدة 30 عاما. بينما لا زال مئات الموقوفين بانتظار الإفراج عنهم بعد انتهاء محكوميتهم منذ عدة أشهر، وبعضهم سنوات، لكن ما زالوا رهن التوقيف،ويبقى الجزء الأكبر من المعتقلين السعوديين، دون توجيه أي تهمة لهم، أو تقديمهم للمحاكمة. وينشط بعض السعوديين "المنصارين للأسرى" كما يطلقون على أنفسهم، على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" في عدة حسابات وهاشتاقات لمتابعة أخبار الموقوفين الفورية، والتعريف بهم لعموم الناس، ونشر معاناة ذويهم، مما لاقى تجاوبا نوعيا بين أفراد الشعب السعودي. يشار أن إضرابات السجناء في السعودية لم تعرف سوى بعد دخول "تويتر" إلى الوسط السعودي، وكان آخرها إضراب "معتقلات مكة" الذي ما زال مستمرا منذ أكثر من شهر، حيث أضربت 4 معتقلات من زوجات الموقوفين داخل سجن مكة بعد اعتقالهم على خلفية مشاركتهن في احد الإعتصامات وتم الإفراج عن اثنتين منهم وابقاء مثلهم. وتعد مدينة بريدة وسط المملكة هي الأكثر نشاطا في قضايا الموقوفين، ويرجع السبب إلى أن غالبية الموقوفين من نفس المدينة، مما يكثر فيها عدد الإعتصامات، لكنها قتصر في الغالب على النساء، لدواعي أمنية. من جهة أخرى أكد المعارض السعودي المقيم في العاصمة البريطانية لندن محمد المسعري، أن السلطات الأمنية السعودية دشنت حملة اعتقالات ضد "رموز الإصلاح" في البلاد، وأنها اعتقلت مؤسس منبر الوسطية الدكتور محسن العواجي، واستدعت آخرين للتحقيق، ومنعت الداعية المعروف الدكتور محمد العريفي وآخرين من السفر. وذكر المسعري في تصريحات ل "قدس برس"، أن "هذه الحملة الأمنية "ضد الإصلاحيين تأتي ضمن سياق دعم الانقلاب في مصر"، وقال: "لقد اتضح بالمكشوف بعد الانقلاب العسكري في مصر أن السعودية لعبت دورًا محوريًا في دعمه، وأن الدعم المادي الذي تم الإعلان عنه ليس إلا العنوان لهذا الدور .. ولذلك فالسعودية الآن مثلها مثل الإمارات تعيش نشوة الانتصار على التجربة الديمقراطية في مصر، وهو نشوة ناجمة عن خوف لدى البلدين من إمكانية امتدادات الثورة إليهما". ورأى المسعري أن السعودية والإمارات "قد أخطأتا التقدير في دعمهما للانقلاب العسكري، لا سيما في ظل الإصرار الشعبي المصري على التمسك بنتائج الصندوق والمطالبة بالعودة إلى الشرعية"، معربا عن اعتقاده أن الانقلاب في مصر "في طريقه إلى الفشل، ونحن هنا في الغرب نتابع بالإضافة للاعتصامات المليونية، رأي كثير من أصحاب القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب عامة، من أن الاستمرار في دعم الانقلابيين في مصر ستكون له عواقب وخيمة على أمن المنطقة .. ولذلك فإن الدعم الإماراتي والسعودي وفق هذا المنظور مغامرة غير محسوبة، وسيدفع النظامان فاتورة هذا الدور في مقبل الأيام"، وفق ما يرى. وأكد المعارض السعودي أن السلطات في بلاده "بدأت في شن حملة كبيرة ضد رموز الإصلاح ممن وقعوا على بيان رفضوا فيه الانقلاب العسكري في مصر، وطالبوا فيه بعودة الشرعية، وفي هذا الإطار يأتي اعتقال الدكتور محسن العواجي ومنع الدكتور محمد العريفي من السفر واستدعاء عدد من الإصلاحيين من الإسلاميين وغيرهم بشأن موقفهم من الانقلاب العسكري في مصر، وهي حملة تتم بعيدة عن وسائل الإعلام وعمل المنظمات الحقوقية، لكن شبكة التواصل الاجتماعي عبر الفايسبوك والتويتر كشفت حقيقة ما يجري، وهو أن السلطات السعودية تريد وأد أي صوت معارض للإنقلاب العسكري في مصر، وإسكات أي صوت منتقد للدور السعودي فيه". وقلل المسعري من أهمية الخيار الأمني في التعاطي مع الرأي المخالف إزاء الانقلاب العسكري في مصر، وقال: "لقد أخطأ القائمون على إدارة النظام في السعودية مرتين: أولا عندما دعموا الانقلاب العسكري، والثاني عندما عمدوا لشن حملة أمنية لإسكات صوت المنتقدين، وسيدفعون فاتورة هذه الأخطاء". وأعرب المسعري عن اعتقاده، أن الموقف الرسمي السعودي الداعم للانقلاب لن يكون له أي تأثير على العلاقة بين المؤسستين السياسية والدينية "ذلك أن العلاقة القائمة بينهما هي علاقات مصالح متبادلة، من الصعب أن تؤثر فيها هذه الحملة على عشرات الإصلاحيين سيتم نعتهم ب "الخوارج" عن ولي الأمر ولذلك سيسهل إسكاتهم"، على حد تعبيره.