تعيش محافظة تعز حالة من انعدام الأمن وانتشار للمظاهر المسلحة في المدينة وعدد من المشاكل الكثيرة وعمليات القتل اليومي الناجمة عن الإنفلات الأمني. وفي هذا الإستطلاع سنحاول تسليط الضوء على إحدى المشاكل التي تعاني منها المحافظة والمتمثلة في انقطاع المياه بشكل غير طبيعي منذ فترة طويلة الأمر الذي يهدد الأمن الاجتماعي للمحافظة. صحيح أن مشكلة المياه مشكلة بعمر أجيال إلا أن أبناء تعز هذه الأيام يعيشون وضعا مأساويا سيئا قد ينذر بكارثة بيئية نتيجة انعدام الماء عن أغلب أحياء المدينة منذ فترة تصل إلى أربعة أشهر ، ماجعل المواطنون يقومون بقطع الطرق وإحراق الإطارات واحتجاجات للفت نظر الدولة قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة فقد ضاق بهم الأمر ذرعا ولم يعد يطاق. وحول هذه المشكلة يقول أحمد حسان احد سكان حي الجملة انه يعيش بدون مياه ما يقارب 100 يوم رغم أن هناك أحياء أخرى تنعم بالمياه. فيما يقول على إبراهيم من سكان صالة انهم يضطرون إلى شراء المياه من الوايتات والتي يتجاوز سعرها 3500 وانه قد تكبد قيمة 3 وايتات في هذا الشهر مما آثر سلبا على مستوى معيشته حيث يضطر إلى إنفاق ثلث راتبه على شراء المياه. الوضع المادي الصعب لعبد الفتاح إسماعيل أرغمه وأولاده على جلب المياه كل يوم من الجامع القريب من البيت في دبب 20لتر بالإضافة إلى الترصد للجيران الذين يقومون بشراء وائتات والحصول على الماء من الفائض – حد قوله. ويتهم المواطنون مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدم التوزيع العادل للمياه حيث يقولون إن هناك أحياء تنعم بالمياه بينما يظل البعض لشهور بدون مياه، حيث يقول المواطن عبدا لقادر المحيا : «برغم إني بدون مياه لأكثر من ثلاثة أشهر إلا أن فواتير المياه تصل شهريا والمضحك أنهم يكتبون في خانه الاستهلاك (صفر) وحدة إلا أن للصفر قيمة في حساب المؤسسة حيث يحتسبون الصفر ب 300 ريال بالإضافة لمثلها رسوم صرف صحي وخدمات ومجالس محلية». وتعاني أغلب الآلات ومولدات ضخ المياه من الآبار وشبكات التوزيع من تهالك شبه تام ولم تعمل المؤسسة على صيانتها نتيجة لتعرضها لأعطال مستمرة. وبررالمدير العام للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي فؤاد الجابري بالقول : «يوجد العديد من الأسباب وراء استنزاف المياه في تعز، وأهمها زيادة عدد السكان والتوسع العمراني الذي تشهده المحافظة مع محدودية مصادر المياه فيها». وأضاف : «مدينة تعز تعتمد على ثلاث أحواض مائية وهي: الخيمة، وادي الضباب، والحوبان، وهي تزود المدينة ب14000 متر مكعب يوميا، ولكن الاحتياج اليومي للسكان من المياه هو 56000 متر مكعب، وهذا يعني نقص 42000 متر مكعب من الاحتياج». وحول المشاكل التي تعاني منها المؤسسة والمتمثلة بانقطاع الكهرباء والذي يجعل المؤسسة عاجزة عن ضخ الماء للمناطق البعيدة أكد الجابرس أن هناك حلول ستتخذها المؤسسة لمواجهة هذه المشكلة وفي مقدمتها حفر المزيد من الآبار والتي ستخفف من المشكلة نسبيا. وتابع : «نحن في العام 2013م لدينا خطة لتوفير أربعة آلاف متر مكعب من المياه من خلال حفر آبار جديدة وهو ما يمثل على الأقل عشرة آبار جديدة بتجهيزاتها الكاملة». وكان المحافظ قد وجه في وقت سابق بالإسراع بإصلاح 47 مولداً كهربائياً كانت متوقفة عن العمل منذ فترة طويلة وإعادتها للخدمة واستئجار مولدات كهربائية بحجم كبير يخصص لضخ المياه إلى المناطق والأحياء المرتفعة للتغلب على مشكلة الانطفاءات الكهربائية والتخفيف عن معاناة المواطنين. ورغم الوعود التي أطلقتها الحكومات السابقة منذ 2006 بقرب حل مشكلة المياه بتعز بعد تبرع الأمير سلطان بمبلغ 250 مليون دولار لعمل محطة تحلية في المخا إلا أن الوضع لا يزال في مكانه. وقالت السلطة المحلية في تصريحات سابقة إن الحكومة حصلت على وعود مؤكدة من قبل المانحين لدعم المشروع بالإضافة إلى دعم مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود للمشروع والمقررة ب212 مليون دولار أمريكي ، إلا أن التعديلات المباغتة لتطوير المشروع ومده من مدينة المخا إلى مدينة إب أجهضت كل ما كان جاهزاً للتنفيذ, حيث بات المشروع بعد تلك التعديلات بحاجة إلى مبلغ (500) مليون دولار, ما يعني رحلة عناء جديدة للبحث عن تمويل للمشروع من المانحين. وفي حال تم المشروع فان الدراسات المتوافرة تشير إلى أن الطاقة الإنتاجية للمشروع تقدر مبدئياً ب(50) ألف متر مكعب يومياً، وستصل مستقبلاً إلى (100) ألف متر مكعب كحد أقصى, وأن معدل استهلاك الفرد سيرتفع من (30) لترا في اليوم إلى (60) لترا بعد إدخال مشروع تحليت البحر بالنسبة لمشتركي المؤسسة, مع الأخذ بعين الاعتبار أن خدمات المؤسسة لم تتجاوز (70%) من سكان المدينة بحسب إحصائيات المؤسسة حتى العام 2010م مع العلم أن مديرية التعزية ليست ضمن تصنيف المؤسسة لسكان مدينة تعز. وهناك مؤشرات تقول انه في العام (2018) م لن يغطي مشروع التحلية الاحتياج المطلوب للسكان في مدينة تعزوإب لوحدهما, حيث سيصبح عدد السكان بناء على مؤشرات النمو السكاني المرتفعة في تعز (446و941و1) نسمة مع إضافة مديرية التعزية, وبما أن الهدف أن يحصل الفرد على (60) لترا يومياً على الأقل فإننا سوف نحتاج إلى (69) ألف متر مكعب يومياً أي ما يعادل ثلثي الطاقة الإنتاجية بعد ثلاث سنوات فقط من بدء عمل المشروع. وإذا افترضنا أن سكان مدينة إب نصف سكان مدينة تعز نكتشف أن المشروع سيغطي المدينتين لمدة ثلاث سنوات فقط من بدء تشغيل المشروع, هذا مع استبعاد الاحتياجات الصناعية وغيرها والاقتصار على الاحتياجات المنزلية فقط تاريخ المشكلة وتعود تاريخ مشكلة شح المياه في تعز إلى بداية الثمانينات. وتقول بعض المصادر إن حوض تعز المائي تعرض للجفاف في تلك الفترة بسبب الاستنزاف الجائر للمياه وقلة التعويض لكن المشكلة لم تصل إلى المستوى الذي وصلت إليه اليوم فقد أصبح الماء سلعة نفيسة تفنى من أجلها الأرواح كما هو حاصل في الحرب الدائرة بين قراضة والمرزوح في صبر والتي راح ضحيتها في الأشهر السابقة ما يقارب 20 شخص. صحيح أن اليمن ككل تعاني من مشكلة الجفاف وتعد من أقل 4 دول على مستوى العالم في نصيب الفرد من الماء والذي لا يتعدى 135 متر مكعب في العام وهو من أقل المستويات في حين تعرف منظمة الصحة العالمية الفقر الشديد للمياه بأنه ألف متر مكعب. من المياه إلا أن تعز لا تحصل حتى على هذا الرقم ونصيب الفرد من المياه لا يتعدى 20 متر مكعب حسب أخر الإحصائيات. ورغم تعاقب الحكومات اليمنية وتعاقب المحافظين على تعز إلا أن هذه المشكلة لم تجد لها حل رغم الوعود المتكررة التي تظل أشبه بالسراب الخادع.