إذا كان الكذب في حق عامة الناس قبيحا وخادشا للمروءة، ولا يقدم عليه المؤمن كما أخبر الصادق المصدوق في الحديث الصحيح، فإنه في حق المنتسبين إلى العلم أشد قبحا، فما بالك اذا كان الكاذب شيخا معمما متسلفا يتمسح بالسلف ويتاجر بالسلفية، في سوق رواده السذج والبسطاء والعوام من الناس، الذين يحوّلون في العادة كل مايسمعون أو يقرؤون إلى حقائق لعجزهم عن التمييز وممارسة التفكير الناقد الذي دعا إليه القرآن، فأدمغتهم مجرد أجهزة استقبال وكفى، فهم أتباع لكل ناعق وآذان لكل من زوق الكلام وأخفى حقيقته بمظهر خادع وشكل براق، وترديد أقوال منسوبة إلى أهل العلم لاسيما السلف الكرام، وهذه الفئة تشكل نسبة كبيرة من الناس في القديم والحديث، لذلك لاعجب أن وجدنا في زمننا من سار خلف من دعا إلى عبادة الشيطان في ديار الإسلام، وقد وجد مسيلمة الكذاب في زمانه من طبل له وروج لدعوته ونافح عنه وفتن به حتى ممن كان يظن فيه الخير والصلاح كالرجال بن عنفوة الذي أرسله الصديق لتثبيت أهل الايمان في اليمامة، ولكنه ما ان التقى بمسيلمة حتى فتن به ونكص على عقبيه فخرج إلى الناس معلنا أنه قد سمع النبي – صلى الله عليه وسلم- قبل موته يقول « إن مسيلمة قد أشرك معه في الأمر»، فالباطل مهما كان واضحا جليا فإنه قد يخفى على كثير من الخلق؛ لذلك كان من دعائه – عليه السلام- أن يرينا الله الحق حقا ولا يجعله ملتبسا علينا. جالت هذه المعاني في ذهني وأنا أستمع إلى رأس الجامية الضالة في أرض مصر الحبيبة المدعو محمود الرضواني عبر قناته المشبوهة المسماة « البصيرة « الممولة من اولئك الخبثاء من الأعراب، الذين تسارعوا لضخ أموالهم في خزائن الانقلابيين ليطفئوا نور الله بأفواههم، ومن أجل ذلك أبقى عليها الانقلابيون دون الفضائيات الدينية لأن صاحبها أخذ على عاتقه الكيد للدعاة وتشويه صورتهم والإساءة إليهم بكل ساقط من القول وهابط من اللفظ، مستخدما كل وسيلة رخيصة وأداة خسيسة دون أن يستثني من أذاه حتى رموز الدعوة السلفية في أرض مصر، فرماهم بأبشع الاوصاف وجرأ عليهم سفهاء الأحلام من فراخ فرقته، خدمة لأسياده الذين يملؤون جيوبه وينفقون على بدعته. لم يستح هذا البوق الخائن لدينه وأمانته أن يتهم الإمام حسن البنا بأنه تكفيري فيقول وعبر قناته البائسة، وقد نشر قوله هذا في موقع جامية الأردن المسمى( كل السلفيين ) إن « حسن البنا هو أصل التكفير وليس سيد قطب كما يظن كثير من الناس، فحسن البنا تكفيري « هذا ماسمعته بأذني وقرأته في ذاك الموقع ولا أدري أين وجد هذا الأفاك ما يدلل على زعمه الذي لم يقل به أحد قبله حتى من أشد خصوم الإمام البنا؛ لأنه كذب مكشوف مفضوح يزري بصاحبه ويحط من قدره ويسقط عدالته، فالامام كان أبعد الناس عن تبني فكر التكفير أو الدعوة إليه، وهاهي رسالة التعاليم التي مازال الإخوان يتبنونها ويعلمونها لأفرادهم منذ عقود ينص فيها على عقيدته في هذه المسألة الخطيرة فيقول « ولا نكفر مسلما أقر بالشهادتين، وعمل بمقتضاهما، وأدى الفرائض برأي أو معصية إلا ان أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملا لايحتمل تأويلا غير الكفر». أبعْد هذا النص الذي يحفظه الإخوان جميعا حتى المبتدئين في الانتظام في هذه الدعوة المباركة مقال لمتقول ؟؟. أما يستحي هذا المدلس من التلبيس على الناس والتحريض على الإخوان في هذه المحنة التي يمرون بها في أرض الكنانة، رحم الله الأديب خالد محمد خالد الذي قال لعبد الناصر يوما عندما طلب منه أن يهاجم الإخوان « نعم أنا على خلاف مع الإخوان وكنت أهاجمهم وأرد عليهم يوم ان كانوا أقوياء يستطيعون مواجهتي والرد علي، أما الآن وهم في محنة ولا يملكون القدرة على مواجهتي فلن أكتب ضدهم حرفا واحدا، ولن أتفوه بكلمة واحدة فليس من المروءة أن أجهزعلى جريح والإخوان الآن مثخنون بالجراح». ماكان مثل هذا الافتراء يحركنا من أجل الرد على صاحبه، لولا تلك الدعاوى العريضة الزاعمة الانتساب إلى خير القرون وأشرف الخلق، وسادَةِ من وطئ الثرى من السلف الأماجد الكرام، الذين تُشوه صورتهم اليوم على يد أمثال هؤلاء المدعين.