رئاسة الحكومة من بحاح إلى بن مبارك    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    صحيفة: أزمة الخدمات تعجّل نهاية التعايش بين حكومة بن مبارك والانتقالي    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى الغرابي وإخواننا السلفيين
عن التكفير وزواج الصغيرات ومفهومي الحزبية و أهل الذكر
نشر في الجمهورية يوم 07 - 07 - 2010

معرفة الحق تتأتى لكل من يملك ناصية القراءة والكتابة، وقواعد اللغة الضابطة للمعنى، ويمتلك الهمة العالية للبحث عن المعرفة والشروط الضرورية للبحث المنهجي،{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} وهذا لا يعني إهدار التخصص، فالتخصص مطلوب، إذا لم يتحول إلى كهانة تحول دون قبول الحق من غير المتخصصين
اطلعت على جواب الأخ الكريم: مصبح الغرابي في العدد الماضي والذي تضمن عدداً من الوقفات،منها استنكاره لاتهامي الأخ العزيز علي القاضي بتكفير الجابري وطالب الغرابي القارىء بالعودة إلى مقال القاضي للتأكد من واقعة التكفير. ومع اعتراف كاتب هذه السطور بأن تعقيبه على القاضي كان فيه بعض الحدة، إلا أنه يود أن يوضح للأخ مصبح و من خلاله للقارىء الكريم ما يلي:
خلاصة رأي القاضي في الجابري أنه كان كافراً مرتداً حلال الدم عندما كان على قيد الحياة، ولكنه يتوقف الآن عن تكفيره بعد موته، ولكن سهام التكفير لا تزال موجهة إلى جميع تلاميذ الجابري ومن يؤمنون بما نسبه إليه ، وهو يرى أن “من أعتقد مسألة من المسائل السابقة- التي نسبها للجابري- فهو كافر مرتد حلال الدم إن لم يتب- وهو أكد أنه لا يعتبر الجابري الآن كافراً لأنه مات لاحتمال توبته من كفره قبل موته، وهذا يعني أنه إذا كان الجابري حياً فالحكم أن يقتل مرتداً، وأما بعد موته فهو لا يكفره، وأكد بعد ذلك أنه لا يخشى بأن يتهم بأنه تكفيري لأنه يرى أن ما قاله الجابري يستحق التكفير وعلى ذلك لو كان الجابري حياً، فالحكم الشرعي هو القول بتكفيره، وقتله لأنه حلال الدم، ولكي يؤكد القاضي اعتداله، أشار إلى أن واجب القتل منوط بولي الأمر عبر القضاء الشرعي.
أخي مصبح: ألا يعد هذا تكفيراً على جميع المذاهب؟ ألا ترى أن مسمى الكفر لا يفارق الجابري إلا بمانع مفارقته للحياة لاحتمال التوبة؟ ألا ترى أن سيف التكفير هنا إذا ارتفع عن الجابري برافع الموت فإنه لا يرتفع عن كافة تلاميذ الجابري الذين يجب قتلهم تطبيقاً لحد الردة؟ .
ألا يعني هذا أن الجابري لو كان على قيد الحياة وغاب القضاء –الشرعي- الذي يجب أن يتولى قتل هذا الكافر- حسب رؤية القاضي لمعنى شرعية القضاء- فإن من حق أي مقتنع برأي القاضي القيام بقتل الجابري، وقد يعتبره مفتئتاً على السلطة لا أكثر، وقد لا يعتبر كذلك بحجة أن السلطة لم تقم بواجبها، إن كان مقتنعاً بشرعيتها؟.
ألم يعترف القاضي بأنه إذا عاتبه بعض العلماء على هذا التكفير وأرشدوه إلى أنه وقع في التكفير خطأً؛ وأنه رتب التكفير على ما لا يستحق التكفير،فإنه سيعود إلى رشده وسيعتذر في ملحق«أفكار» ويعلن توبته؟.
أخي مصبح: القاضي تجاوز القول بكفرية القول إلى القول بكفرية من يقول القول، وضرورة قتله باعتباره مرتداً لو كان حياً ؟ مع أن معظم الأقوال التي نسبها إلى الجابري لم تثبت، أو فُهِمت على نحو خاطئ، وهناك عبارة أو عبارتان مبهمتان قالها الجابري قبل أربعين سنة و وضحها في كتبه الأخيرة التي أكدت أنه يذهب إلى خلاف ما يبدو أنه يذهب إليه في تلك العبارات، ولعلي تجاوزت في اتهامه بتكفير الجابري حياً وميتاً، فهو يكفره حياً لا ميتاً.
أخي مصبح: يرى القاضي أن الفتوى باتهام الجابري بالطعن في القرآن لصالح منظمات أجنبية فتوى صائبة وهي الحق ويصفها بالفتوى الذهبية، فهل نحتاج إلى نظارة خاصة لنقرأ هذا التكفير الذهبي؟ أم أن التعاون مع اليهود والنصارى للطعن في القرآن ليس كفراً؟!.
أخي الكريم: بما أنك مقيم في المكلا، أرجو أن تعرض ما قاله علي القاضي على الشيخ أحمد المعلم،أوالشيخ علي مذيحج من علماء الصوفية الأفاضل،أو الشيخ ناظم باحبارة،-وقد حظيت بشرف زيارة الشيخين مذيحج وباحبارة في المكلا-، وتسألهم عن رأيهم في قول علي القاضي أن الجابري لو كان حياً يعد كافراً يجب أن يقتل، وأن تلاميذه الذين على قيد الحياة كفارٌ مرتدون، مع ضرورة تنبيه المشايخ إلى أن ما ينسب إلى الجابري لم يثبت كالقول بنقصان القرآن و التنبيه إلى أن الجابري أكد في أكثر من موضع أن القرآن الذي بين يدينا هو كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان، وأنه أورد الأحاديث التي وردت في كتب السنة والشيعة والتي أشارت إلى سقوط آيات ولم يناقشها نقاشاً وافياً، فاستكثر الناس عليه هذا الخطأ، نظراً لحجمه العلمي؟
ولأني أحد الذين تتلمذوا على يد الشيخ أحمد المعلم لأكثر من شهر في جامع عمار بن ياسر في مدينة تعز، فإني أستطيع تخمين موقف الشيخ مسبقاً وأنتظر منك توضيحاً من الشيخ؟.
أخي مصبح: ليس بيني وبين الأخ علي القاضي أي إشكال شخصي كما تتوقع، ولا نأخذ عليه غير تحامله على مخالفيه، وتورطه في تحريف الكلم عن مواضعه، والتلبيس على القارىء بمنقولات عن أئمة السلف، لا أساس لها كما أكدنا ذلك بالوثائق والأدلة الموضحة، وإذا كنت ترى أن هذا التلبيس والغش العلمي لا يستوجب الكشف والتبيين،إذا صدر عمن تصفهم بمشايخك، فأنت وما اخترته لنفسك، ونحن نرى أن واجب الدفاع عن العلم والحقيقة،أهم بكثير من الدفاع عن المتورطين في التلبيس وتزوير الحقائق،{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
أخي مصبح:
مواقف بعض المشايخ التي نصفها بالغلو هي المواقف المتعلقة بقضايا المرأة، والتي تأثرت بثقافة المحافظة الاجتماعية وتورطت في تحريم ما كان مباحاً في عهد صاحب الرسالة،والغلو ليس مقابلاً للاعتدال والوسطية،ولكنه يعني تجاوز الحق، وأنا شخصياً لست من أنصار الوسطية التي تعني التوسط والاعتدال في الدين،فالدين هو الحق الذي يجب أن نتعامل معه بمنهجية الحرص على اتباع الحق قدر الاستطاعة،ولا يجوز التعامل معه بمنهجية التوسط، ولا يحق للعلماء ابتداع تحريمات إضافية ما أنزل الله بها من سلطان، وإذا فعل العلماء ذلك،فإن من الواجب الشرعي إخراج الناس من عبادة العلماء والزعماء إلى عبادة رب العلماء والزعماء.
أخي الكريم:
لا يضيرنا تصنيف الآخرين لنا، ولا ينبغي أن يمنعنا هذا التصنيف عن أداء واجب التواصي بالحق،وأن نكون شهداء لله ولو على أنفسنا وأحزابنا، قوامين بالقسط،لأننا نرى أن هذه الشهادة على الناس هي الوسطية المفروضة، وواجب التواصي بالحق ليس حكراً على العلماء لأن الله أناطه بالمؤمنين جميعاً { وتواصوا بالحق}و اتفاق ما نقوله أو نختاره ونرجحه من الآراء العلمية مع الاتفاقيات الدولية لا يزعجنا، لأننا لا ندرج مخالفة هذه الاتفاقيات في منهجية ترجيح الأحكام، ولن يدفعنا هوس أهواء الصراع إلى تحويل اتفاق بعض بنود هذه الاتفاقيات مع بعض الآراء الفقهية دليلاً على فساد هذه الآراء الفقهية،وتحويل الخلافات الفرعية المتعلقة بهذه البنود إلى ثوابت عقدية لا يجوز التشكيك فيها،وعلى من يجعلون موافقة بعض البنود في الاتفاقيات الدولية لبعض الآراء الفقهية دليلاً مرجحاً، أن يقبلوا بتجديد أصول الفقه، وإضافة هذا الدليل الجديد إلى أدلة ثبوت الأحكام، وأنا شخصياً ممن يؤيد الدعوة إلى تجديد أصول الفقه و اعتبار ما يكتشفه الإنسان من سنن الله في الآفاق والنفس والمجتمع من الأدلة المرجحة للفتوى والاستعانة بالنظريات العلمية والإنسانية في ترجيح تفسير النصوص ذات الدلالة الظنية مع تحاشي القطع بصحة هذه الترجيحات.
أخي الحبيب:
مناهضة زواج الصغيرات والرضيعات واجب شرعي والحيلولة دون الظلم النا تج عن هذا الزواج فريضة شرعية،وما المانع أن نتفق مع جميع من يضع يده في أيدينا في السلطة والمعارضة لمحاربة هذا الظلم، وما المانع حتى من قيام حلف فضول بين المسلمين واليهود والنصارى والمشركين لمواجهة هذا الظلم؟! وأرجو أن تمعن النظر في مفاسد وكوارث هذا الزواج التي ذكرها الشيخ ابن عثيمين، واعتمد عليها في ترجيح الرأي المهجور في تراثنا الفقهي في تحريم هذا الزواج وتخصيص قوله تعالى{لم يحضن} في النص القرآني بمن تصل إلى سن التكليف، لأن التكليف الشرعي إنما يكون للمكلفين ، واستخدام جمهور المفسرين لكلمة الصغيرات لا يعني غير البالغات ومن دون سن التكليف.
ولو استخدمنا المنهجية التجديدية للشيخ الفاضل عبد المجيد الزنداني في ترجيح كلام المفسرين على ضوء الحقائق العلمية، وترجيح ما تقبله اللغة وتؤكده الحقائق العلمية ولو تناقض مع ما ذهب إليه جمهور السلف والخلف، لو استخدمنا هذه المنهجية التجديدية المتميزة في تخصيص قوله تعالى { لم يحضن} وتفسيرها بمن تجاوزت سن التكليف ولم يأتيها الحيض لعلة ما، لو استخدمنا هذه المنهجية في ترجيح هذا الرأي المهجور لابن شبرمة وأبو بكر الأصم و البتي في تفسير الآية وغيرهم من علماء السلف، لو استخدمنا هذه المنهجية لأغلقنا على الحاقدين من اليهود والنصارى وأعداء الإسلام أبواب التقول على الإسلام وإثارة الشبهات والإدعاء أن القرآن يجيز زواج الرضيعات-كبرت كلمة تخرج من أفواه أعداء الإسلام- كما تروج ذلك بعض المواقع الصهيونية والصليبية الحاقدة وتعتمد على فتاوى ومواقف بعض علمائنا الذين نسأل الله لهم الهداية والتوفيق لخدمة الإسلام ومغادرة مربع إثارة الشبهات وتعزيزها.
أخي الحبيب:
أعتقد أن واجب تفنيد شبهة إباحة زواج الرضيعات، وإزالة هذا العار عن الإسلام، من أوجب الواجبات، وأن هذا الواجب لا يسقط بمجرد إعراض بعض العلماء أو حتى جميعهم عنه، وهذا الواجب لا يسقط بتأييد بعض علمائنا لهذه الشبهات المثارة، مناكفة لبعض المنظمات الأجنبية التي ربما نجحت في استفزاز علمائنا لارتكاب هذه الحماقات،بأساليب ذكية، لتدفع علماء المسلمين أنفسهم للدفاع عن الشبهات المثارة وتأكيدها من علماء المسلمين أنفسهم،لأنهم اكتشفوا بدائية العقل العربي وسهولة التلاعب الذكي بخياراته،والسياسات الغربية اليوم تصنع التطرف والإرهاب، ووسائلهم الإعلامية تدعي محاربة الإرهاب كذباً وزوراً، وهم ينجحون في دفع علمائنا إلى مواقف متشددة لإدانة الإسلام، ويقولون أنهم يحاربون التشدد. ولكن المواقف العملية تفضح هذه السياسات،وهاهي العواصم الغربية التي تحتضن كافة مشايخ الغلو والتشدد، ترفض استقبال الشيخ يوسف القرضاوي، وتطرد العلامة طه جابر العلواني من أمريكا بتهمة دعم الإرهاب، وهم يدركون أن مجرد نشر هذه الشبهات في مواقع مشبوهة يدفع الغيورين إلى سرعة تفنيد الشبهات،كما حدث عندما حاولوا الاستفادة من تفسير المفسرين لبعض الآيات والإشارة إلى أن الأرض ليست كروية، فانبرى لهم بعض الغيورين من العلماء ومنهم الشيخ عبد المجيد الزنداني،وأكدوا لهم أن أقوال المفسرين ليست حجة، وأن بعض الأقوال المهجورة أو المستحدثة المقبولة من الناحية اللغوية، تؤكد كروية الأرض،وأن بعض الأقوال المهجورة قد تتحول مع مرور الزمن واكتشاف بعض آيات الله في الأنفس والآفاق إلى أقوال راجحة، لأن الفهم البشري للنص القرآني فهمٌ نسبي غير مقدس، وقد اكتشف الطب آيات الله في الجسم البشري، وأكدت هذه الآيات أن زواج الرضيعة ومن لم تبلغ سن البلوغ، خطر ماحق يعرض حياة المرأة للخطر، فلماذا نصر على التضحية بسمعة الإسلام لننتصر لتفسير سقيم لقوله تعالى {لم يحضن} قاله المفسرون قبل اكتشاف آيات الله في الأنفس، ولو أنهم عاشوا إلى عصرنا لجددوا فهومهم على ضوء ما استجد، وكان ابن عباس رحمه الله، يتوقف أمام بعض الآيات، ويؤكد أن هذه الآيات سيفسرها الزمن.
لا أدري لماذا نقبل أن يكون ثمن انتصارنا على إخواننا في منظمات المجتمع المدني، تشويه الإسلام والإساءة إلى دين الفطرة، دين الحنيفية السمحة؟.
نأمل أن يراجع الشيخ الزنداني موقفه من زواج غير البالغات وتفسير قوله تعالى{ لم يحضن} على ضوء منهجية الزنداني الرائدة في التفسير العلمي واللغوي للقرآن، بعيداً عن أهواء التعصب الجانح نحو مناكفة المخالفين، فالحق أحق أن يتبع، ونحن ندرك أن الشيخ الزنداني بما حباه الله من“كاريزما”-جاذبية التأثير- يمتلك القدرة على إقناع أغلبية المخالفين في قضية تحديد سن الزواج، بشرعية منع زواج الصغيرة ولديه القدرة على استخراج بيان آخر من نفس العلماء الذين وقعوا على البيان السابق، يؤكد شرعية تحديد السن وضرورة منع زواج الصغيرة لغير مصلحة، وضرورة تفنيد شبهات إباحة زواج الرضيعات، وغير البالغات، ونأمل ألا تتحول الجاذبية الشخصية لبعض المشايخ إلى فتنة لبعض المتدينين، وابتلاء لبعض الصالحين العاجزين عن تحرير الأدلة من مواضعها والله المستعان.
أخي مصبح:
بخصوص عتابي لما يتعلق بالكراهية أود الإشارة إلى أن هذا العتاب مرتبط بمقال لكم نشر قبل شهرين تقريباً وكان مليئاً بمفردات التهكم والتسفيه، إضافة إلى مقالات أخرى نشرتها مجلة المنتدى، ومن حقك ألا تعتبرني عالماً أو فقيهاً أو محدثاً وأي شيء يكبر في صدور المغرمين بالألقاب، وما أرفضه ويرفضه العقل والدين والخلق الرفيع، أن نرفض أي بحث أو دراسة، لمجرد أن صاحب البحث، يرفض التعالم بالألقاب، ولو كان يحمل الشهادات العليا في الدراسات الشرعية ويستطيع سرد قوائم بأسماء مشايخه، أو لأنه يشعر أن ما تلقاه من العلم في مؤسسات التعليم الشرعي وحلقات العلم وتحصيله الشخصي لا يمنحه حق التعالي على الناس ،مع امتلاكه لمنهجية البحث وشروطه العلمية. أرجو أن تعتبرني باحثاً يمتلك القدرة على القراءة والكتابة، ومن واجبك احترام بحثه، وتفنيده بالأدلة، ومن جاءك بالعلم المعزز بالأدلة فهو صاحب الذكر في مجاله، ومنهجية التكبر على البحث العلمي، لمجرد أن صاحبه لا يتفاخر بما يكبر في عيون الناس، أوليس رجلاً من القريتين عظيم،أو فلان أحق بالعلم منه، أو لأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق كاشفاً رأسه،عارياً من الألقاب،هذه منهجية تعصبية حزبية جاهلية، ولا يعني هذا إهدار التخصص المطلوب للبحث، ولكن التخصص يدرك بمراجعة السيرة الذاتية للباحث والنظر في بحوثه ودراسته، وبعد ذلك يستطيع المنصف أن يدرك هل هذا الباحث من أهل الذكر في مجال بحثه أم لا. ووفقاً لمعيار التخصص، فإن القول إن الباحث أمين الصلاحي الذي درس العلم على يد الشيخ ابن عثيمين وغيره وتخرج من مؤسسات التعليم الشرعي، وحصل على جائزة السعيد في العلوم الشرعية، وفازت الكثير من دراساته وأبحاثه وطبعت في داخل الوطن وخارجه، وفقاً لهذا المعيار، فإن العلامة والبحّاثة أمين الصلاحي أكثر علماً وأقرب إلى أهل الذكر من بعض أساتذة الصيدلة والكيمياء الذين يؤكد الأخ مصبح الغرابي على أنهم أهل الذكر وأهل العلم، لأنهم أكثر شهرة، وأقرب إلى منهجه في بعض القضايا،رغم تورط بعضهم في ممارسة التحريف والتزوير العلمي، هكذا تنحرف روح الحزبية التعصبية المقيتة ببعض المتدينين، وتفضي إلى بخس المخالف حقه وجهوده، وترفض الاعتراف بفضله، وتنحرف عن فريضة الشهادة لله والقوامة بالقسط، ولو على أنفسنا، نسأل الله أن يثبتنا على الحق، ويعيننا على التجرد من سائر أهواء التعصب لغير الحق.
أخي مصبح:
معرفة الحق تتأتى لكل من يملك ناصية القراءة والكتابة، وقواعد اللغة الضابطة للمعنى، ويمتلك الهمة العالية للبحث عن المعرفة والشروط الضرورية للبحث المنهجي،{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} وهذا لا يعني إهدار التخصص، فالتخصص مطلوب، إذا لم يتحول إلى كهانة تحول دون قبول الحق من غير المتخصصين، والتخصص لا علاقة له بالعمامة واللحية، والحرص على التعالم والتباهي بالألقاب، والكثير ممن يعدهم الأخ مصبح من العلماء، من هذا الصنف، وبعضهم متخصص في مجال العلوم الطبيعية أو الطبية والزراعية،ولا يربطهم بالعلم غير الوجاهة الشخصية وممارسة الخطابة والمظهر الشخصي ،,والشهرة التي حولت بعضهم إلى ظاهرة صوتية، ومع ذلك يراهم الأخ مصبح من أهل الذكر، ويرى أن غيرهم من الراسخين في التخصص الشرعي كالعلامة أمين الصلاحي والعلامة الأصولي عبد العزيز العسالي ،لا علاقة لهم بالعلم لأنهم لا يحرصون على التباهي بالألقاب والتسابق على العضوية في الجمعيات الخاصة بالعلماء، وهذه مشكلة أهل الأهواء وسائر من يصر على معرفة الحق بالرجال.
أخي مصبح:
نتمنى أن نكون أكثر حرصاً على الدفاع على الإسلام وما نراه حقاً، وهذا أهم في نظري من الدفاع عن الأشخاص، ويكفي في مسألة التعامل مع الأشخاص ألا نبخسهم حقهم وجهودهم في خدمة الإسلام ولا نغالي في التعصب لهم والحزبية المذمومة ليست الانتماء إلى حزب أو مذهب أو طائفة ولكنها التعصب الأعمى لهذه الطائفة أو تلك أو هذا الشيخ أو ذاك، دون معايير علمية واضحة، وصدقني يا أخ مصبح أن هذه الحزبية المرضية موجودة في مدارس مشايخ السلفية بشكل واسع وخطير، ولا أقول هذا من باب النكاية، ولكن باب وضع الإصبع على موضع الداء والنصيحة المحضة، و يكفي أن مئات المصنفات السلفية أصبحت إفرازاً واضحا لحزبية مشايخ السلفية، وهجوم بعضهم على بعض، ولو أنصفت لتبين لك أن 90% من مصنفات السلفيين مصنفات حزبية تستهدف مواجهة المخالفين، والكثير من مشايخ السلفية حزبيون يعتقدون أن ما يرونه هو الحق المبين وأن من خالفهم في مسائل الفروع قد سلك سبيل المبتدعين،وأصبح من الضالين المضلين، وما أبعدهم عن منهجية رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.
إذا أردت أن تعرف حزبية ربيع المدخلي فأقرأ ما يكتبه أبو الحسن، وأقرأ عن حزبية أصحاب الجمعيات، فيما يكتبه مشايخ كل جمعية عن الجمعية الأخرى، وأقرأ ما يكتبه الحجوري ومحمد الإمام عن الجميع، والقائمة تطول، وتعج بثقافة حزبية اقصائية لا نظير لها،وأكثر مشايخ السلفية محاربة للحزبية هم أكثر حزبية من غيرهم، ولعل أعدلهم مشايخ جمعية الحكمة.
ختاماً: أود التأكيد على أن المرجعية العليا للإصلاح في قضايا الفروع هي القرآن والسنة، وليس لدينا أي مرجعية بشرية فوق القرآن والسنة، مع أن بعض المتأثرين بالثقافة الشيعية الاثنا عشرية يطالبون بأن يكون للإصلاح مرجعية ذات أنواط كما أن للشيعة مرجعية،والشعار الذي نؤمن به في الإصلاح- إذا وُجد فينا من يستعلي لن يجد فينا من يركع- ومنهجيتنا في القضايا الاختلافية العملية، قبول التوافق العملي حول ما تختاره الأغلبية، مع احتفاظ كل صاحب وجهة نظر بنظره، ولا استطيع نفي وجود بعض الأمراض الناتجة عن التعصب الحزبي ومخلفات العمل السري،وهذه طبيعة العمل البشري،ولكننا نرى أن ترسيخ فريضة التواصي بالحق كفيل بمعالجة هذه النتوءات. نسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى ما نختلف فيه من الحق،إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.