كانت أمريكا تدرك حجم التأثير المصري على المنطقة العربية، وتدرك حجم القوة التأثيرية لحركة "الإخوان" على مزاج الشارع المصري والعربي، فالإحصائيات لديها تؤكد أن "الإخوان" يسيطرون على نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين منذ أكثر من عقدين، وأنهم في ذروة بطش مبارك انتزعوا 88 مقعداً برلمانياً، لذا قررت تجريب قدراتهم في الحكم، وطبيعة العلاقة التي ستبنيها مع نظام "الإخوان" ومدى مرونتهم واستجابتهم لمطالبها وتوجيهاتها، وإذا ما قرروا التمرد وشق عصا الطاعة عن واشنطن؛ فإن بيد أمريكا "عصا التركيع" وهي الجيش المصري الذي سيخرجهم من السلطة؛ بل إحراقهم سياسياً وإعادتهم عقوداً إلى الوراء، وهذا ما حدث..!!. وفي أواخر أيام ثورة 25 يناير تيقنت الإدارة الأمريكية أن لا أمل من تراجع الشعب وبقاء مبارك، فأوعزت إلى قادة المجلس العسكري بحسم المسألة، وكان الجيش هو من أخرج مبارك من السلطة، ولايزال الجميع يتذكر صورة اللواء عمر سليمان وهو يقرأ بيان تنحية' مبارك وخلفه يقف أحد الضباط كدلالة رمزية لقوة المؤسسة العسكرية في تحديد مستقبل مصر. خلال ثلاثة عقود مضت أنفقت أمريكا 66 مليار دولار على الجيش المصري، أي أن رواتب الجيش المصري تقدمها أمريكا، وقدمت له 2200 دبابة و1250 عربة مدرعة، و500 ضابط مصري يتخرجون سنوياً من الجامعات والأكاديميات العسكرية الأمريكية، بينهم اللواء عبدالفتاح السيسي الذي كانت رسالته للدكتوراه عن «العلاقة بين الدين والسلطة». وفي أمريكا يقوم رجال البنتاجون و«السي آي ايه» بفرز شخصيات الضباط العرب المتخرجين خلال فترة دراستهم ومن منهم مؤهل للقيادة والسمع والطاعة، ويظلون على صلة دائمة برغبات وإملاءات أمريكا، وتقف هي في الظل خلف كل عملية ترقية لهم أما مصر فقد فقدت الديمقراطية ولم تفقد «مرسي» فهو شخص يجيء ويذهب، والضربة التي لا تقصم الظهر تقويه، وأعتقد أن المديين المتوسط والقريب يخبآن مفاجأة مماثلة لتركيا أردوغان ما لم يتدارك نفسه بمزيد من المرونة، وتخفيف التعصُب تجاه كل ماهو «إسلامي».