على الرغم من أن السعودية طلبت من الحجاج تنحية السياسة جانبًا خلال شعائر الحج، لكن بعض الحجاج المصريين استفزهم قمع الجيش والشرطة في مصر لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، ما جعلهم يبتهلون إلى الله بأن ينتقم من المسئولين عن سقوط مئات القتلى وآلاف المصابين. ونقلت وكالة "رويترز" عن زغلول حسنين الذي يملك شركة للمنتجات النفطية في المنصورة وصفه لما يحدث في مصر الآن بأنه "عار"، قائلاً "الجيش يقتل مسلمين أبرياء بدم بارد كل يوم". وكان حسنين يقف في متجر قرب المسجد الحرام في مكة حيث يتدفق حاليا الملايين الساعين لأداء فريضة الحج التي تبدأ شعائرها يوم الاثنين. وفي الوقت الذي تقابل فيه قوات الأمن مظاهرات أنصار "الإخوان المسلمين" بحملة صارمة تحتدم الانفعالات بين الحجاج المصريين لكنهم يقولون إنهم لا يعتزمون إثارة اضطراب. وقالت مصرية منتقبة، إن الحج ليس مكانا للسياسة لكنها قالت إنها "ستدعو الله لأن ينتقم من قائد الجيش عبد الفتاح السيسي"، في إشارة إلى مقتل المئات من أنصار "الإخوان على يد قوات الأمن في الاحتجاجات. وقال محمد رمضان (63 عاما) وهو موظف حكومي متقاعد من الإسكندرية "اتفقنا قبل المجيء للحج على عدم الحديث في السياسة وتجنب أي مشكلات في هذا البلد"، وأضاف "الشريعة ستسود. الله أكبر". لكن حجاج مصريين آخرين يرون في السيسي فرصة لإعادة الاستقرار إلى البلاد. وقال محمد محمود أحمد (36 عاما) من أسوان "في كل صلاة أدعو الله أن يبارك في السيسي.. ربنا يقويه لحمايتنا من الناس الذين يدعون أنهم متدينون ولا علاقة لهم بالإسلام". وأغلب المصريين الذين توجهوا إلى مكة يقولون إن أكثر دعائهم هو من أجل السلام. وقال مسعد محمد أحمد (28 عاما) من المنصورة "لم تكن مصر أبدا بهذا الشكل. الآن في الأسرة الواحدة تجد واحدا يدعم مرسي وأخاه يدعم الجيش.. ويقتلون بعضهم بسبب هذه الخلافات". وأضاف "أدعو الله في هذه الأيام المباركة أن تتوحد مصر مرة أخرى. تعبنا من سماع أنباء مقتل أناس كل يوم". يشار إلى أن دعوات صدرت من داخل جماعة "الإخوان المسلمين" تطالب برفع شعار "رابعة" على جبل عرفات، الأمر الذي يصطدم بتعليمات المملكة التي تحظر أي شعارات سياسية خلال موسم الحج. وطالب الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ورئيس بعثة الحج المصرية لهذا العام، السلطات السعودية بالترحيل الفوري أي حاج يرفع شعارات سياسية خلال أداء مناسك الحج. وقال جمعة خلال مؤتمر صحفي أمس بمكةالمكرمة، إن السلطات المصرية حذرت كل الحجاج المصريين من استغلال موسم الحج في أغراض سياسية. وشدد على حق السلطات السعودية أن تتخذ ما تراه لحماية موسم الحج من الذين يريدون إفساده بالشعارات السياسية حتى لو وصل الأمر إلى ترحيل من يرفع هذه الشعارات. وعلى صعيد متصل تستعد أجهزة الأمن السعودية للبدء بحملة أمنية ستطال النشطاء المطالبين بالاصلاح والداعين لاحترام حقوق الانسان في المملكة. وذكر موقع "أسرار" معلومات تقول إن القيادة السياسية طلبت من الأجهزة الأمنية تأجيل الحملة لحين انتهاء الحج، وذلك على الرغم من المخاوف الكبيرة والاستثنائية التي تعتري الحكومة والأمن في السعودية العام الحالي بسبب الانقلاب في مصر والموقف السعودي الداعم له وللاطاحة بالرئيس محمد مرسي. وقال مصدر سعودي مطلع في الرياض إن جهاز الاستخبارات السعودي برئاسة الأمير بندر بن سلطان اتخذ قراراً بشن حملة تطال عدداً من النشطاء في المملكة، الا أنه تقرر تأجيلها لما بعد موسم الحج تحسباً لتأجيج الغضب ضد المملكة خلال أداء شعائر الحج، خاصة مع وجود مخاوف أصلاً من تحول موسم الحج العام الحالي الى أكبر تظاهرة في العالم ضد الانقلاب العسكري بمصر. وأكدت المملكة العربية السعودية أن حركة الحجاج ستكون مراقبة بكاميرات تلفزيونية موزعة بالمشاعر عبر ما يزيد عن 32 شاشة تلفزيونية بهدف السرعة في درء أي خطر قد يواجه الحجاج، وحذرت في الوقت نفسه من تبعات تسييس الحج. وقال المسؤول في مركز عمليات الدفاع المدني بالمشاعر بمكةالمكرمة خالد بن فهد الهزاع إن المركز يتابع حركة الحجيج في منى وعرفة ومزدلفة والجمرات والحرم باستخدام أحدث تقنيات الاتصال والكاميرات، لسرعة توجيه الفرق الميدانية للمواقع التي تمثل خطورة على سلامة الحجاج، ومكافحة مخاطر الحريق وأعمال الإنقاذ والإسعاف. وأشار إلى وجود ضباط عمليات الدفاع المدني على مدار 24 ساعة طوال أيام الحج أمام شاشات تلفزيونية وعدد كبير من الخرائط والمصورات الجوية لاستقبال بلاغات الحوادث ونقل صورة مباشرة لقوة الدفاع المدني عن سير العمليات الميدانية. من جانبه كشف العقيد مانع شايع أبو جلبة -وهو مدير مركز عمليات الدفاع المدني بالمشاعر- عن نظام جديد لتلقي البلاغات عن الحوادث يتيح تحديد موقع الحادث ومتابعة جهود فرق الإطفاء والإنقاذ. تحذير من التسييس كما حذر وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف من تبعات تسييس الحج أو رفع أي شعارات سياسية خلال تأدية المناسك، وأكد أنه سيتم التعامل مع هذه التصرفات بحزم. وقال الوزير السعودي رئيسُ لجنة الحج العليا إن ضيق المكان وكثرة أعداد الحجاج قد يؤديان إلى كوارث في حال حدوث أيّ نوع من الاضطرابات. وأضاف : إن "الحفاظ على سلامة وأمن الحجاج يستدعي منا أخذ جميع الاحتمالات على محمل الجد". وأعلن الوزير عن صدور موافقة على تشكيل قوات خاصة بأمن الحج والعمرة يصل قوامها إلى 40 ألفا من رجال الأمن، مشيرا إلى أن ثمة 95 ألف رجل أمن للحفاظ على أمن حج هذا العام. وكانت السلطات السعودية قد قررت في يونيو/حزيران الماضي تخفيض عدد الحجاج المسموح لهم بأداء الفريضة هذا العام بسبب أعمال التوسعة في الحرمين المكي والنبوي. وقال وزير الحج بندر الحجار في وقت سابق إن عدد حجيج الخارج سيتم تخفيضه بنسبة 20%، ومن داخل المملكة بنسبة 50%، وأكدت الرياض أن هذا القرار سيبقى ساريا إلى حين الانتهاء من مشاريع التوسعة عام 2015. من جانبها أكدت مصلحة الجوازات أن أعداد الحجاج القادمين إلى المملكة من جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية بلغ 1.165 مليون حتى صباح الاثنين الماضي.