قد لا نكون مبالغين ان قلنا ان التغير الذي تم في سوريا بعد قصة السلاح الكيماوي لا يمكن وضعه ضمن مبادئ علوم السياسة التي لا دين لها, ولا يتبع حتى اي من نواميس العلاقات الدولية بل حتى لا يمكن لاحد ان يكتبه فيما بعد في صفحات تاريخ امتنا العربية المشرف. قصة الافراج عن اللبنانين التسعة, قمة الدراما في السياسة الدولية المتبعة في سوريا, بين ليلة وضحاها تتوسط قطر وتركيا والرئيس الفلسطيني (كما يبدو) للإفراج عن تسعة من اللبنانين المختطفين في سوريا منذ ما يزيد على عام في مقابل تسليم الطيارين التركيين الذي تم اختطافهم ايضا في لبنان للضغط على تركيا للتدخل لحل هذا القضية, وبين ليلة وضحاها تتم المراسلات وخطب الود من سوريا وايران بل وحتى حزب الله, فماذا جرى يا ترى وهل نحن امام حالة طلاق سياسي استمر لمدة ثلاث اغوام بين الرياضوالدوحة ام في الامر شي لا يلحظه الا العارفون؟. لمن لا يعلم فالتسعة المخطوفين هم من الطائفة الشيعية في لبنان بل ويقطن معظمهم الضاحية الجنوبية(معقل حزب الله) في بيروت, ولمن لا يعلم فلم يبقى جهد او محاولة الا وتم بذلها لتحرير المخطوفين لدرجة انه تم تهديد الجالية القطرية والسعودية في لبنان ان لم يتم الافراج عنهم لكن دون اي نجاح, فالحل (كما كان متوقع) بايدي القطريين او حتى التركيين لذى تم خطف الطيارين التركيين المدنيين للضغط على انقرة لتحريرهم ولكن ايضا دون جدوى. الان ,وبعد قصة الكيماوي العجيبة وما نتج عنها من تحالفات دولية واقليمية جديدة, ونجاح ايران في اعادة صياغة نفسها بشكل يقبله الغرب وفشل الدول العربية في ادامة التحالف ضد بشار وغيره من الاتفاقات التي لا نعلمها ويعلمها الساسة وجدت قطر نفسها مجبرة للتفكير في تغير منهجها في سوريا, كمحاولة للبقاء ضمن دائرة الضوء, وخصوصا بعد خسرانها الجبهة المصرية بكل تعقيداتها, والهدف الاخر وهو الاهم ان الكفة بدأت تميل لصالح التحالف السوري –الايراني المدعم باتفاقات دولية قد تستمر لخمس او عشر سنوات مما يعني ضمناً انه لا نية للمجتمع الدولي للتدخل لصالح الثورة السورية او شن حرب تنهي النظام لذى فمن المهم الان اعادة الحسابات لمعرفة اين يقع كل طرف. اتجهت البوصلة القطرية الى ايران وتم توجية دعوة لرئيسها(الاصلاحي) لزيارة قطر مما يعني (حال قبول الزيارة وتنفيذها) عودة الدفء للعلاقات المتوترة بين الدولتين والذي ينسحب فورا على وقف الدعم القطري للمسلحين في سوريا ووقف هالة الاعلام(الجزيرة) العدو الاول للنظام السوري عن دعمها للثورة وينسحب ايضاً على عودة الخط الساخن بين دمشقوالدوحة و…و…الخ من الاتفاقات وهذا لم يكن ليكن لولا ادراك الدوحة ان عناوين دمشق كلها وحتى ارقامها السرية هي بايدي ايرانية وبتميز. الآن من يبقى في الساحة يدعم الثوار او الثورة؟, قد تكون السعودية هي ما تبقى من الدول الخليجية وممكن الكويت ايضا الا انه من المؤكد ان العلاقات الخليجية ستشهد الكثير من التعقيدات, والمتابع للاحداث يلحظ حجم التحدي الذي تواجهه السعودية بعد التقارب الايراني الامريكي وبعد محاولة قطر الانسحاب من المشهد السوري وقد تصل هذه العلاقات الى القطيعة وما اعتذار السعودية عن شغر مقعدها الاممي الا انعكاس لحالة الاحباط الذي تعيشة السعودية من خذلان المجتمع الدولي لها او للثورة. اذاً سنشهد طلاق في العلاقات الخليجية-الخليجية ينعكس وبشكل فوري على ميادين القتال في سوريا التي لا يعلم الا الله متى ستهدأ.