أظهر تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي أخيرا أن معدلات البطالة العام الماضي كانت الأعلى بين الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وبنسبة 28.3 % و23.7 % على التوالي. ولم تسلم دول الاقتصادات المتقدمة والاتحاد الأوروبي من هذه الزيادة؛ إذ شهدت معدلات البطالة بين الشباب زيادة تصل إلى نسبة 24.9 % بين الأعوام 2008-2012. وتناول التقرير ملف بطالة الشباب وأسواق العمل الملائمة التي تطرقت إليها اجتماعات الصندوق والحوارات التي جرت أخيراً في واشنطن. وبين التقرير أنه بعد مرور خمس سنوات من الأزمة العالمية باتت بلا أدنى شك مشكلة بطالة الشباب مصدر قلق رئيسيا للعالم، ولطالما لعبت مشكلة بطالة الشباب دوراً أساسياً في النمو الاقتصادي للدول من نواح وجوانب متعددة. وقالت نائبة مدير العام لصندوق النقد الدولي نعمت شفيق في حوار جرى في واشنطن، إن "تفاقم معدلات البطالة يرجع إلى فشل العديد من البلدان في جعل أسواق عمل الشباب اجتماعية". وأضافت شفيق أن النمو الذي سيحصل يأخذنا إلى ثلثي الطريق في توفير فرص العمل، إلا أن هناك أيضاً عاملا لا يمكن أن نتغاضى عنه وهو القضايا الهيكلية المتعلقة في أنواع السياسات التي تسهم في تحديد كيفية سوق العمل وإعداد العمال لسوق العمل. وبينت أنه كان لبداية الأزمة العالمية منذ خمس سنوات الدور الأساسي في إنشاء جيل عاطل عن العمل حيث هناك حالياً ما يقارب 200 مليون شخص عاطل عن العمل أي أن 75 مليون شخص منهم هم من جيل الشباب. ومن ضمن الآراء التي تناولها هذا الحوار جاء رأي مارك دافي الطالب الأميركي في جامعة جورج واشنطن من أصول إيرلندية الذي أبدى رأيه حول وضع معدلات بطالة الشباب في إيرلندا. وقال "معدل بطالة الشباب في إيرلندا وصل إلى نسبة 28.6 % لذا نحن بحاجة ماسة إلى توفير فرص عمل جديدة والعمل على إزالة بعض الحدودو والحواجز لنمكن الشباب من الحصول على الوظائف". وأشارت شفيق في حديثها إلى أهم الحواجز التي تؤثر على القوى العاملة، وهي عدم اليقين وعدم وجود القدرة على التكيف مع سوق العمل وعدم تطابق المهارات المتوفرة وهذه جميعها أسباب تفسر لماذا ما تزال معدلات البطالة مرتفعة. وأضافت شفيق أن تردد انتعاش الاقتصاد العالمي ما يزال واضحاً جداً ومساهمة العديد المستثمرين ليست أكثر من معيقة للإستثمار ولا توفر أي فرص عمل ولا سيما للشباب. وأضافت شفيق "يوجد في الشرق الأوسط وأجزاء من أوروبا شيء نسميه "الثنائية في سوق العمل"، والتي تعني أن تعمل في سوق العمل الرسمي وتمتلك وظيفة فيه إذا فأنت محمي ولك كامل الحق ولا يمكن طردك، أما إذا كنت من الوافدين الجدد فذلك يعني من الصعب جداً الحصول على عقد عمل في السوق الرسمي، وإذا كنت عالقاً مع العقود المؤقتة أو سوق العمل غير الرسمي فهذا يتكبده عمل خال من الفوائد بالإضافة إلى نسبة بسيطة من أمن العمل". وفي حديثها عن القطاعات التي تستخدم توظيف عدد كبير من الناس؛ أي الصناعات التحويلية التي لم تعد متنامية كما في السابق؛ أوضحت شفيق أن هناك العديد من الشباب يأتون إلى أسواق العمل مدربين على أشياء لا تمت إلى واقع سوق العمل بأية صلة. وبينت أنه لا شك في أن إثارة البيئة المناسبة لتوفير فرص عمل تعد أفضل وسيلة يمكن للبلدان أن تسلكها من أجل مواكبة الاتجاهات المتغيرة والتعامل مع عدم اليقين. وفي نهاية الحوار أجمع المتحاورون على رأي واحد، وهو أن الشباب قادرون على فعل أشياء تمكنهم من تولي مسؤولية متسقبلهم. فعلى سبيل المثال يستطيع طلاب الجامعات في الولاياتالمتحدة الحصول على المزيد من المشاركة في مجتماعتهم المحلية لاكتساب المهارات من واقع الحياة الأمر الذي لاحظه أليسون دي مايو وهو طالب جامعي في جامعة جورج واشنطن أن الشباب أنفسهم قادرين على الوصول لهذه الفرص ولا سيما عن طريق العمل التطوعي أو التدريب. وما قاله أيضاً رئيس مؤسسة صدى وهي مؤسسة يديرها الشباب رأفت الخالي إن "الشباب عليهم أن يفعلوا الكثير من أجل العمل لأنفسهم وإيجاد ما هو ملائم لهم لشغل هذه الوظائف ومساعدة الشباب الآخرين في توجيهم نحو الملائم لهم".