توقعت منظمة العمل الدولية أن "حوالي 11 مليون شخص حول العالم سيصبحون عاطلين عن العمل بحلول عام 2013"، لافتةً في تقريرها السنوي عن أوضاع العمالة في العالم، إلى أن "الإنتعاش الوظيفي وخاصة في أوروبا ليس متوقعاً قبل نهاية عام 2016 إلا إذا تم إحداث تحول جذري في إتجاه السياسات"، مشيرةً إلى أنه "إذا لم يتم فعل شيء ما فإن توقعات منظمة العمل الدولية تشير إلى أن أعداد العاطلين عن العمل ستزيد خلال العام الحالي بستة ملايين شخص في أنحاء العالم، وخمسة ملايين آخرين في العام المقبل". ويشير التقرير إلى أن "جهود الحكومات في أنحاء العالم لتقليص إنفاقها لم تترجم إلى زيادة في النمو في القطاع الخاص"، لافتاً إلى أن "زيادة معدلات البطالة ترفع نسبة الفقر في العالم كما أن الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى في القارة الافريقية تواجه تهديدات متزايدة لحدوث إضطرابات إجتماعية بسبب البطالة". وحذرت المنظمة أمس من اندلاع أزمة وظائف عالمية جديدة، حيث لا يزال هناك عجز قدره 50 مليون وظيفة مقارنة بالوضع فى سوق العمل قبل الأزمة المالية. وذكرت المنظمة في تقرير «عالم العمل 2012» السنوي الصادر أول من أمس أن نحو 196 مليون شخص كانوا بلا عمل في انحاء العالم في نهاية العام الماضي ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 202 مليون في العام الجاري اي بنسبة 6.1%. وجاء في التقرير ان معدلات البطالة بين الشباب زادت بحوإلى 80 % فى الدول المتقدمة، بينما زادت بحوإلى الثلثين فى الدول النامية. وأوضحت منظمة العم الدولية إن التقشف المالي والاصلاحات الصعبة لسوق العمل فشلت في توفير وظائف مما قاد لوضع يثير القلق في سوق العمل العالمية التي لا تبدي أي بوادر تحسن. ومن غير المتوقع أن تعود البطالة في الدول المتقدمة لاسيما اوروبا لمستويات ما قبل الازمة في 2008 حتى عام 2016 بتأخير عامين عما توقعته المنظمة من قبل وذلك نظرا لتباطؤ الانتاج. وقال رايموند توريس مدير معهد دراسات العمل الدولية التابع للمنظمة في مؤتمر صحفي لم يفرز التقشف نموا اقتصاديا أكبر. وقال توريس الذي أشرف على اعداد التقرير كما ان اصلاحات سوق العمل على المدى القصير التي لم تلق قبولا لن تفيد إيضا. في حالات الازمات تتجه هذه الاصلاحات للتسبب في فقد وظائف واتاحة عدد قليل جدا من فرص العمل على الأقل على المدى القصير. وكشف التقرير ان معنويات من طال أمد بحثهم عن فرص عمل تنخفض كما أن 40% في المتوسط ممن يبحثون عن وظيفة في عنفوانهم (25-49 عاما) في الدول المتقدمة هم بلا عمل منذ فترة تتجاوز العام. وارتفع معدل البطالة بين الشبان مما يزيد من خطر اضطرابات اجتماعية لاسيما في اجزاء من افريقيا والشرق الاوسط. وتابع التقرير أن سوق العمل تدهور بصفة عامة على مدار الاشهر الستة الماضية مع تباطؤ شديد في حالة الدول الاوروبية. وزاد معدل البطالة في عدد كبير من الدول بما في ذلك أكثر من ثلثي الدول الاوروبية على مدار العام المنصرم. وقال إن التركيز من منظور ضيق على التقشف المالي في العديد في دول منطقة اليورو عمق ازمة العمل وقد يقود لتجدد الكساد في اوروبا." وتابع: إضافة إلى ذلك ثمة تطورات أقل في اماكن أخرى في العالم ففي الولاياتالمتحدة على سبيل المثال يبدو أن ثمة تباطؤ في خطى خفض البطالة ويبدو هذا كاتجاه. وذكر التقرير ان تعافي سوق العمل في اليابان تعثر ولم تتغير معدلات التوظيف في الصين والهند والسعودية بينما تبدو اميركا اللاتينية أقوى وشهدت تحسنا في الارجنتين والبرازيل والمكسيك. وكان تقرير لبنك «كريدي سويس» أكد أن معدلات البطالة بين الشباب في أغلب الدول الصناعية الأوروبية تصل إلى ضعف نسبة البطالة بين المواطنين العاديين بل تصل تلك النسبة في بريطانيا وايطاليا والنرويج إلى ثلاثة اضعاف وفي السويد إلى أربعة أضعاف. وألمح التقرير إلى وجود مليون شاب في كل من بريطانيا وايطاليا مسجلين كعاطلين عن العمل وغير مؤهلين لممارسة أية مهنة ومن غير الملتحقين بالتعليم في الوقت الذي تسعى دول مثل فرنساوالسويد والمانيا إلى تقديم برامج إعادة تأهيل دراسي للشباب العاطلين عن العمل لتحسين فرص حصولهم على عمل إلا ان تلك البرامج لم تقدم حلاً شاملاً للمشكلة. وربط البنك بين معدلات البطالة وبين انتشار اقتصاد الظل في تلك الدول إذ يمثل اقتصاد الظل في دولة مثل اليونان نحو 28% من الناتج القومي الخام وفي ايطاليا تصل تلك النسبة إلى 27% ما يجعل نسب البطالة بين الشباب في تلك الدول معرضة للتغيير. وذكر أن قوانين العمل في الاتحاد الأوروبي تجعل من تسريح العمال أمراً غير يسير ما يجعل الشركات تفضل تشغيلهم بعقود عمل مؤقتة لا تلزمها بتجديد التعاقد وذلك لثقة الشركات في الأسواق وتحسن الحالة الاقتصادية. وقال التقرير أن الشباب العاطلين عن العمل في مطلع حياتهم المهنية يعانون مستقبلاً من العثور على فرصة عمل مناسبة أو دخل ثابت وقد تلازمهم تبعات تلك البطالة المبكرة طيلة حياتهم مستندة في ذلك إلى احصائيات اللجنة الأوروبية التي تؤكد ان الشباب عندما يبدأون حياتهم المهنية عاطلين عن العمل ثم يبدأون تدريجياً الحصول على وظيفة فإن راتب واحدهم عندما يبلغ سن الأربعين يكون اقل بنسبة تتراوح بين 13 و20% مقارنة بأقرانه الذين لم يعانوا البطالة في مطلع حياتهم المهنية. وحذر التقرير من تأثير تلك المشكلة على استمرار البطالة في اوروبا بسبب الركود الاقتصادي اذ يجب على شباب اليوم العمل لتمويل صناديق التقاعد لمن سيحالون إلى المعاشات مستقبلاً إلى جانب مشكلة الخلل في التركيبة السكانية التي تجعل نسبة المسنين في ارتفاع متواصل ومعدلات الإنجاب منخفضة للغاية.