بالتأكيد شعور مختلف.. يحمل معه أجواء مختلفة كذلك.. ربما هذا العام سيكتفي بأن يراجع أوراقه.. يبحث في تاريخه.. قد يستغل الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي هذه الأيام التي توافق عيد ميلاده ال 76.. ليتأمل كيف جاء للحكم بثورة بيضاء هادئة وسط ترحيب وهتاف شعبي.. وكيف انتهي به الحال ليخرج بثورة شعبية وسط لعنات وسخط "التوانسة". قصة صعود قد لا يعرف سبب تحول مسارها لتصل إلى هذه النهاية، فهو ابن مدينة حمام بسوسة، كان يعمل والده حارس بسيط في مرفأ هناك، شاب كان يوصف بأنه مناضل في الحركات الوطنية.. التحق بالجيش التونسي وأكمل دراسته في فرنسا، وبعدها اعتلي سلم الصعود من ضابط صغير مرورا بمدير الأمن الوطني، وسفير لبلاده في بولندا، ووزير للداخلية.. وصولا لمنصب الوزير الأول في البلاد 1987. "فجر 87" كل هذا الصعود والتدرج في المناصب..ولم تكن البداية قد بدأت بعد..ربما البداية الحقيقة فجر 7 نوفمبر 1987..عندما قرر بن علي أن يصبح رئيسا للبلاد..كلمات حولت مجري تاريخ أمه .. جاءت عبر أثير الإذاعة الوطنية التونسية .. كلمات سطرت عهد جديد في التاريخ التونسي. "أيها المواطنون.. أيتها المواطنات".. نحن زين العابدين بن علي الوزير الأوّل بالجمهورية التّونسية أصدرنا البلاغ التّالي: إنّ التضحيّات الجسام التي أقدم عليها الزّعيم الحبيب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية لا تحصى ولا تعدّ لذلك أحببناه وقدّرناه وعملنا السّنين الطوال تحت إمرته في مختلف المستويات في جيشنا الوطني الشعبي وفي الحكومة بثقة وإخلاص ولكن الواجب الوطني يفرض علينا اليوم أمام طوال شيخوخته واستفحال مرضه أن نعلن اعتمادا على تقرير طبي أنّه أصبح عاجزا تماما عن الاضطلاع بمهام رئاسة الجمهورية..وبناء على ذلك نتولّى بعون الله وتوفيقه رئاسة الجمهوريّة..". هكذا أصبح زين العابدين ثاني رئيس لتونس بعد فترة الاحتلال الفرنسي.. وقد وصف ما فعله بن علي بأنه "انقلاب طبي" حيث استند بن علي على تقرير طبي يفيد "عجز بورقيبة عن إدارة البلاد"، وهناك من وصف ما حدث بالثورة البيضاء أو الانقلاب الهادئ. "إنه الغدر" هذه كانت رؤية الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة ووصفه لما فعله بن علي به وفقا لكتاب "بورقيبة كما عرفته" لطبيب بورقيبة الخاص عمر الشاذلي. "الديكتاتور" لا أحد يعلم تحديدا نقطة التحول.. من رئيس قيل انه جاء ليمنح البلاد الديمقراطية .. ربما يقول البعض أنه لم يكن هناك تحول لان الديكتاتورية ظهرت مع السنوات الأولى من حكمه، ويتم التدليل بأن أول انتخابات تعددية في تونس التي جرت في الثاني من أبريل 1989 حصل نواب الحكومة على كل مقاعد البرلمان وحصل بن علي خلال الانتخابات الرئاسية على 99.02 % من أصوات الناخبين. ثم بعدها توالت قوانين تقييد الحريات منها إصداره قانون ينظم ارتياد المساجد وفرض غلقها بعد أوقات الصلاة، كما منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل والدراسة، وسن قوانين قضي بها على حرية الرأي والتعبير، وقام بتقييد الصحافة، وتعطيل فاعلية الأحزاب المعارضة. "فتش عن المرأة" هناك من يقول ان السر في سقوط بن علي للهاوية هي زوجتة الثانية ليلي الطرابلسي التي تعرف عليها عام 1980 عندما كان وزيرا للداخلية، ليتزوجها بعد أن طلق زوجته الأولى نعيمة سنة 1988، قيل ان ليلي هي الحاكمة الفعلية التي استولت على خيرات البلاد هي وعائلتها اذ استحوذ أخوها الأكبر بلحسن، على شركة الطيران، كما استحوذ الكثيرون من أقاربها على العديد من المناصب، بالإضافة لسيطرتهم على المشروعات الاقتصادية. وكشف خادمها السابق لطفي بن شرودة في كتاب "في ظل الملكة" ان ليلي كانت تستغل نقطة ضعف زوجها تجاه ابنهما محمد لتحصل على ما تريد. ربما هناك اختلاف عن سر سقوط بن علي إلا أن الحقيقة المؤكدة، أن بن علي انتهي به الحال من رئيس دولة تونس لهارب من تنفيذ حكم غيابي بالسجن المؤبد في قضية قتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي أطاحت به في ثورة الياسمين.