جددت قوات النظام السوري اليوم الثلاثاء قصفها مناطق مختلفة من المدن والبلدات باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، فأوقعت قتلى وجرحى خاصة في حلب، وذلك بعد يوم دام سقط فيه ما لا يقل عن 120 قتيلا وعدد آخر من الجرحى. وقال ناشطون سوريون إن قصف الطيران الحربي على كراج جسر الحجر بمدينة حلب أدى إلى مقتل 12 شخصا بينهم طفلان، وسقوط عشرات الجرحى. وأفادت شبكة سوريا مباشر بإصابة عشرة أشخاص بقصف الطيران الحربي لحيي كرم البيك والأنصار بالمدينة. وكان 14 شخصا بينهم سيدتان وطفل، قتلوا أمس إثر سقوط قذيفة في حي سيف الدولة، بحسب لجان التنسيق المحلية. ويواصل الجيش السوري استخدام البراميل المتفجرة في قصف المدن والبلدات السورية، فقد استهدف اليوم الثلاثاء الأراضي الزراعية المحيطة بمدينة كفر زيتا وأحيائها. وأشار ناشطون إلى مقتل تسعة من عناصر قوات النظام وإصابة عدد كبير بعد استهدافهم أمس بالألغام داخل قرية تمانعة الغاب بريف حماة الغربي. وأوضح الناشطون أن تسعة من "الشبيحة" وجيش النظام بينهم ضابط برتبة ملازم أول قتلوا وأصيب آخرون إثر عملية نفذها مقاتلون من سرية الشهيد أسامة الشيخ من حركة أحرار الشام، أحد فصائل الجبهة الإسلامية بعد التسلل وزرع لغم أرضي في القرية، وفق المكتب الإعلامي للحركة. يذكر أن العملية هي السادسة من نوعها في قرية تمانعة الغاب حيث سبق أن زرعت ستة ألغام قتلت أكثر من 15 من عناصر الجيش والشبيحة ودمرت عربة عسكرية بي أم بي، وسيارتين مزودتين برشاشات تابعة لجيش النظام. وتحدث ناشطون عن قصف بالمدفعية لبلدة الدار الكبيرة بريف حمص، وبالصواريخ من الطيران الحربي لقرية ركايا سجنة في ريف إدلب الجنوبي. وفي ريف دمشق، قال اتحاد تنسيقيات الثورة إن قصف قوات النظام تجدد من حاجز الخزان على منطقة الجمعيات والجبل الغربي في الزبداني. وتحدث الاتحاد عن اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام على الجبهة الشرقية لمدينة داريا بريف دمشق تزامنا مع دوي انفجارين نتيجة قصف الدبابات بداريا. وأشار ناشطون إلى أن الجيش النظامي قصف بالهاون والصواريخ بلدات النشابية والبلالية وحزرما بمنطقة المرج بريف العاصمة. وقالت مسار برس إن اشتباكات بين الجيش الحر ومليشيات أبو الفضل الموالية للنظام اندلعت بمنطقة السيدة زينب بريف دمشق، وتحدثت عن مقتل عنصرين من المليشيات. وفي محافظة درعا، جدد الجيش السوري قصفه مناطق مختلفة منها حي طريق السد وسوق مدينة درعا وحي الشيخ مسكين بريف المدينة، واستخدم المدفعية والصواريخ، مما أوقع قتلى وجرحى، وفق اتحاد تنسيقيات الثورة. وتحدث اتحاد تنسيقيات الثورة عن قصف مدفعي استهدف مدينة إنخل بريف درعا بالتزامن مع اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام على الجبهة الشرقية للمدينة المتاخمة للواء 15 بعد غارة جوية استهدفت المدينة راح ضحيتها عشرات الجرحى. وفي السياق كشف فريق من المحققين الدوليين في جرائم الحرب وخبراء الطب الشرعي عن ما سموها أدلة دامغة على عمليات تعذيب وقتل ممنهجة قام بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد بحق المعتقلين في السجون السورية، وقالوا إنها تكفي لإثبات ارتكاب النظام جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وقال فريق المحققين في تقريره إنه تلقى صورا بلغ عددها نحو 55 ألف صورة ل11 ألف ضحية خضعت لعمليات تعذيب وقتل ممنهجة. وأشاروا إلى أن مصدر الصور ضابط شرطة سوري يعمل في توثيق قتلى التعذيب سلّم هذه الصور إلى المعارضة السورية. ويؤكد التقرير -الواقع في 31 صفحة- أن الضحايا قضوا في الأسر قبل أن ينقلوا إلى مستشفى عسكري ليتم تصويرهم، مشيرا إلى أن بعض الجثث اقتلعت عيناها وأخرى تظهر بها علامات خنق أو صعق بالكهرباء. ويشير الضابط المنشق إلى أن الضحايا كانوا قيد الاعتقال في الفترة ما بين مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/آب 2013. وكان المحققون قد التقوا الضابط الذي عرف نفسه ب"القيصر" في ثلاث جلسات على مدى الأيام العشرة الماضية، ووجدوه "جديرا بالثقة". وشارك ديزموند دي سيلفا -المدعي العام السابق في المحكمة الخاصة لسيراليون- في إعداد التقرير مع جيفري نايس -المدعي العام السابق في محاكمة الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، وديفد كراين الذي وجه التهمة رسميا إلى رئيس ليبيريا تشارلز تايلر. وقال دي سيلفا -في تصريحات صحفية- إن الأدلة تقدم "إثباتا قاطعا" على أن نظام بشار الأسد قام ب"أعمال قتل ممنهجة". من جانبه وصف كراين الأدلة بأنها "مذهلة"، مشيرا إلى أنها تشكل قضيّة متينة لفتح ملف قضائي. وقال "هذه أول أدلة مباشرة قابلة للإثبات على ما حصل لما لا يقل عن 11 ألف شخص تعرضوا للتعذيب وتم إعدامهم". وقال الفريق إن الأدلة "ستدعم نتائج عن جرائم ضد الإنسانية، وقد تدعم أيضا نتائج عن جرائم حرب بحق النظام السوري الحالي". يشار إلى أن هذا التقرير يصدر قبل يوم من عقد مؤتمر جنيف2 للسلام في سوريا لإيجاد حل للأزمة المتفاقمة منذ ثلاث سنوات. وعلى صعيد التطورات في المشهد السياسي ينطلق غدا الأربعاء في مدينة مونترو السويسرية مؤتمر جنيف2 بشأن سوريا وسط إجراءات أمنية مشددة، فيما يجتمع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والولاياتالمتحدة جون كيري أثناء الساعات القادمة لإعداد الترتيبات الأخيرة للمؤتمر. وصعّدت الشرطة السويسرية اليوم إجراءات الأمن، وأغلقت الطريق أمام فندق قصر مونترو الذي ستعقد فيه المحادثات التي تستمر يوما واحدا، كما أقيمت نقاط تفتيش للشرطة في وسط المدينة لتأمين مقر المؤتمر وأربعة فنادق قريبة سينزل فيها أعضاء الوفود المشاركة، وشوهدت مروحية تجوب سماء المنطقة. ويشارك وزراء خارجية الولاياتالمتحدةوروسيا وألمانيا ونحو أربعين دولة في المؤتمر، إضافة إلى وفدين من النظام السوري ومعارضيه، وبغياب إيران التي سحبت الأممالمتحدة الدعوة إليها في اللحظة الأخيرة بعد دعوة أميركية لسحب الدعوة وتهديد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بمقاطعة المؤتمر. وردا على ذلك انتقد لافروف الأممالمتحدة لسحبها الدعوة الموجهة إلى إيران، واعتبر في مؤتمر صحفي في موسكو أنه "خطأ لكنه ليس كارثة"، وقال إن مبدأ الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد ليس مطروحا في المبادرة الأميركية الروسية, في حين استبعدت طهران أن يحقق المؤتمر نجاحا من دونها. وقالت قناة الجزيرة إن تحركا دبلوماسيا مكثفا يجري هذه الساعات، حيث يعقد لافروف وكيري اجتماعا ثنائيا يعقبه اجتماع بين لافروف ووزير الخارجية السوري وليد المعلم ويختتم باجتماع ثلاثي بين بان ولافروف وكيري. وأكدت أن مصادر مقربة من المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي حذرت من المبالغة في التفاؤل بشأن المؤتمر، مشيرة إلى أن الجولة الأولى من المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السورية ستبدأ في 24 يناير/كانون الثاني في جنيف بحضور الإبراهيمي وبرعاية روسية أميركية. ولفتت إلى أن جدول أعمال المفاوضات يستند إلى بيان مؤتمر جنيف1 الذي يقضي بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات وسحب القوات النظامية السورية إلى ثكناتها وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، وقالت إن إضافة ملف مكافحة ما يسمى الإرهاب إلى جدول الأعمال كما تطالب بذلك موسكوودمشق سيقابل برفض أميركي لأنه لم يكن متضمنا في بيان جنيف1. يأتي ذلك في وقت بدأ فيه مندوبو الدول المشاركة بالوصول إلى مدينة مونترو، ويصل وفد الحكومة السورية بعد سماح السلطات اليونانية للطائرة التي تقله بالإقلاع بعد تأخير دام خمس ساعات بسبب رفض أثينا تزويدها بالوقود. ويرأس وزير الخارجية السوري وليد المعلم الوفد الحكومي المؤلف من 16 عضوا، وهم تسعة مسؤولين رسميين وسبعة أعضاء يشاركون بصفة مستشارين. وفي المقابل، يتوجه الائتلاف السوري المعارض إلى المؤتمر وسط انقسامات تعصف به، خصوصا بعد انسحاب المجلس الوطني السوري منه، وفي ظل شكوك بشأن قدرته على تطبيق أي اتفاق محتمل قد يتم التوصل إليه لحل النزاع في سوريا. ويقود رئيس الائتلاف أحمد الجربا وفد المعارضة السورية، ويتوقع أن يضم أيضا هيثم المالح وميشيل كيلو وسهير أتاسي وغيرهم. والسبت، صوت الائتلاف بتأييد 58 صوتا ومعارضة 14 وامتناع عضوين لصالح المشاركة في المؤتمر، لكن 45 من أعضاء الائتلاف رفضوا المشاركة في التصويت وأعلن المجلس الوطني السوري -أبرز مكوناته- أنه لن يتوجه إلى سويسرا. وقال العضو في المجلس سمير نشار إن "فكرة مؤتمر جنيف برمتها خاطئة"، مشيرا إلى أن "جنيف2 يسعى إلى تقريب مواقف النظام السوري والمعارضة ويضعهما على قدم من المساواة". وأكد أنه "ليس للأسرة الدولية أي شيء تقترحه لنغير موقفنا". كما أعلنت هيئة التنسيق الوطنية من المعارضة السورية في الداخل رفضها لدعوة وجهها لها الائتلاف الوطني المعارض من أجل الانضمام إلى وفده لحضور المؤتمر. وأكدت الهيئة -في بيان- أن قرارها "برفض حضور المؤتمر وفق المعطيات المتوافرة التي تتعمد تجاهل أو تهميش قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية التي تتمسك باستقلالية قرارها الوطني ولا تقبل المشاركة الشكلية الضعيفة للمعارضة في مؤتمر دولي طال انتظاره رغم جسامة التضحيات التي قدمها الشعب السوري". وانتقد البيان الدول الراعية للمؤتمر التي لم تتح تحقيق "الظروف والمعطيات المطلوبة في وفد المعارضة التي تضمنها بيان جنيف1 من لقاء وحوار وتفاوض وتوافق على رؤية مشتركة ووفد موحد للتفاوض، مشيرة إلى "عسر الولادة في موقف الائتلاف المتأخر في الوصول إلى قرار بالموافقة على حضور المؤتمر عبر عملية قيصرية قبل يومين من موعده". والعقبة الرئيسية في مفاوضات السلام ستكون على الأرجح تباين وجهات النظر بين المعارضة والنظام بشأن مستقبل الرئيس الأسد. وأكدت الحكومة السورية أن رحيل الأسد غير مطروح، لكن رئيس الائتلاف الوطني المعارضة أحمد الجربا قال إن المؤتمر سيشكل منعطفا في الحرب لإسقاط الأسد. لكن الائتلاف يتوجه إلى جنيف من دون أن يحصل على أي من التنازلات التي طالب بها للمشاركة في المفاوضات، خصوصا فتح ممرات إنسانية والإفراج عن السجناء رغم التقدم في هذه المسألة الأخيرة. وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني المعارض لؤي صافي إن المعارضة ستطالب بأن يكون تشكيل حكومة انتقالية النقطة الرئيسية على جدول الأعمال، مشيرا إلى أن ذلك مدرج في رسالة الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة.