لم يكن الدكتور الصيدلاني، منير الشرقي، قصة واحدة تحكي مآسي ما يتعرض له المعتقلين في سجون الحوثيين، بل إنها تحكي مئات القصص من التعذيب والتنكيل بالمختطفين في سجون الميليشيا. تروي شهادات أقارب للشرقي وشهود وأطباء، حجم ما تعرض له من تعذيب في سجون الحوثيين، وصلت حد فقدانه التكلم، وصعوبة تعرف اسرته في البداية عليه بسبب الحروق التي تظهر عليه.
وعقد يوم السبت، بمحافظة مأرب، مؤتمراً صحفياً للكشف عن الجريمة التي ارتكبتها الميليشيا ضد الشرقي.
وتحدث الطبيب المعالج محمد فازع عن حالة الدكتور الشرقي منذ وصوله للمركز الطبي بمديرية شرعب في تعز قبل أكثر من شهر، بعد القاء الحوثيين له في أحد المناطق، قائلاً «تم إيصال الدكتور الشرقي الى المركز الطبي وجسمه مغطى بالحروق والدود تخرج من أجزاء متعددة من جسده وأنفه. الانسجة محروقة بالكامل في عدة مناطق بظهرة ورقبته وعليه اثار تعذيب ووخز بالإبر في أسفل قدميه».
وأضاف «كان منظرة مخيف ومؤلم للغاية ورائحته معفنة، ولخوفي من هروب المرضى من المركز بسبب رائحته وحالته البشعة اضطررت لإجراء عمليات الإسعافات الأولية المتمثلة بالتنظيف بالمعقمات خارج المركز وبعد ذلك ادخلناه واستكملنا الإسعافات الأولية حتى تم نقله الى تعز ومن ثم مأرب لتلقي العلاج».
من جانبه كشف عبدالرقيب فازع، عن كيفية العثور على الشرقي، قائلاً في شهادته «كنت مارا بإحدى المناطق قرب مجر للسيول وشاهدت طقم عليه جنود يرمون شيء ما وبعد مغادرة الطقم ذهبت لمعاينة ماذا هناك فوجدته شخص وكنت اعتقد انه متوفي لكني لاحظت انه لايزال يتنفس».
وأضاف «أوقفت سيارة ونقلته الى المركز الطبي حيث تولى الدكتور محمد فازع اجراء الإسعافات الأولية وتنظيفه ولأنه شخص مجهول اضطرينا لنشر صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعل شخص يستطيع التعرف عليه وبالفعل نجحنا وتواصل معي شقيقه واتى الينا وبعد ذلك قمنا بالتنسيق مع بعض الحقوقيين لتسليط الضوء على قضيته والبحث عن طريقة لنقله للعلاج في أحد المستشفيات الكبيرة».
شقيق الشرقي، بدوره تحدث عن الصدمة التي عاشتها اسرته حين عرفوا صورته من وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تأكدوا من انه فعلاً الشخص الذي يتحدث عنه الناس شقيقه.
وأضاف «بعد انتشار الصور ووصول قضيته للإعلام، أرسلت ميليشيا الحوثي طقما عليه مسلحين وتم محاصرة منزل والدي في القرية لدفعة للقول ان شقيقي هو من احرق نفسه».
وكان مدير عام مستشفى مأرب الدكتور محمد القباطي أوضح أن «الشرقي» وصل الى مستشفى مارب وهو يعاني حروق من الدرجة الثانية والثالثة وان 25 بالمائة من جسدت محروق بمادة حمضية يرجح انها «أسيد» وأجزاء من المناطق المحروقة أصبحت ميتة.
وأشار الى أن الشرقي يعاني من جفاف حاد وهذا دليل على ان الميليشيا حرمته من ابسط انواع التغذية. فقد اتضح بعد اجراء الفحوص الطبية ان نسبة البروتين والاملاح ضئيلة للغاية وهو ما يعني ان المريض قد أهمل لعدة أيام.
وأكد الدكتور القباطي ان الحالة الطبية ل «الشرقي» تؤكد انه تعرض لتعذيب وحشي بحيث فقد قدرته على التركيز وعدم استشعار من حوله.
وقال ان «الشرقي يحتاج حاليا لعمليات جراحية في مراكز متخصصة خارج اليمن وإعادة بناء جسده وتأهيله نفسيا».