تنتشر الأسلحة الخفيفة في اليمن بشكلكبير، حتى لا يكاد يخلو منها منزل ولا قرية، ليتحول الشعب اليمني في نظر الكثير إلىشعب مسلح، وصارت هما مؤرقا لاستقرار الأمن في البلد وحماية السلمالاجتماعي. وتبرز المخاوف من أن تستغل الجماعات المتطرفة والإرهابيين هذا المناخالحر من انسياب الأسلحة في كل بقاع اليمن، وأن تستخدم تلك الأسلحة في الأزماتالسياسية والصراعات الحزبية. ويقول مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيسعلي عبدالله صالح اللواء الركن محمد القاسمي إن ''انتشار السلاح أضعف من هيبةالدولة وبسط نفوذها وإحكام سيطرتها على المناطق كافة، وشجع الأفراد والجماعات علىمخالفة القوانين الخاصة بتنظيم حيازة وحمل الأسلحة''. وأكد القاسمي في ورشة عملنظمها مركز ''سبأ'' للدراسات الاستراتيجية، الأسبوع الماضي، أن انتشار السلاح بينأيدي المواطنين بمستوى عالِ من الكثافة له انعكاسات وتداعيات سلبية خطيرة على الأمنوالسلام الاجتماعي وعملية التنمية في البلاد، معتبرا ذلك تحدياً للدولة ومنازعتهاسلطة احتكار القوة والدخول في مساومات تصل إلى درجة الابتزاز. واستشهد ببعض المناطقوالمحافظات التي تضعف فيها هيبة الدولة وتواجدها ونفوذها، مسميا منها محافظات صعدةومأرب وشبوة. في الورشة التي حملت عنوان ''الحلول الممكنة لمنع انتشار الأسلحةالخفيفة في اليمن''، قال اللواء القاسمي إن هناك علاقة طردية بين وجود الأسلحةالنارية وانتشار الجريمة بمختلف أنواعها، بما في ذلك جرائم الثأر والتقطع وخطفالأجانب والاعتداء على الممتلكات العامة والجرائم الإرهابية، وكثرة النزاعاتالقبلية المسلحة وإثارة الفوضى وعدم تنفيذ القوانين والتقيد بها. ويرتفع معدلالجرائم الجنائية في المناطق التي تكثر فيها الأسلحة النارية عن المناطق التي يقلفيها تواجد الأسلحة وحملها حسب القاسمي الذي قال إن عدد الجرائم في الفترة من 2004وحتى نهاية ,2006 حسب تقارير وزارة الداخلية، وصلت إلى 711,31 جريمة وحادثة، منها 24 ألفاً و623 جريمة، بسبب استخدام السلاح الناري، وبنسبة 77,65%، و7 آلاف و88جريمة استخدم فيها أسلحة وأدوات أخرى مثل السلاح الأبيض والمواد السميةالقاتلة. ويقول مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة إن معظم الجرائم التي ترتكبفي اليمن يستخدم فيها السلاح الناري، ومن ذلك جرائم القتل العمد والشروع فيه،والتفجير العمد، والشروع فيه، وإطلاق الأعيرة النارية بطريقة عشوائية، ومقاومةالسلطات، والخطف، والحرابة بأنواعها، والشروع فيها، والسرقة بالإكراه، وحيازةالسلاح والمتفجرات، والقتل الخطأ والإصابة بالخطأ، وكذلك الحوادث غير الجنائية مثلالانتحار والشروع فيه، والعبث بالسلاح، والتفجير غير العمد. أما المديرالتنفيذي لمركز سبأ أحمد عبدالكريم المصعبي فيرى أن الحل لإنهاء ظاهرة حمل السلاحيحتاج لمنظومة متكاملة ومتزامنة من الإجراءات، محملا الحكومة الجزء الأكبر من أسبابانتشار السلاح ''نتيجة لغيابها عن مناطق شاسعة من أراضيها، والتي تتحارب فيهاالقبائل على الحدود وعلى مجاري السيول وسط غياب الدولة وأجهزتها القضائية والأمنية،رغم استكمال المرحلة الأخيرة من خطة الانتشار الأمني''. وقال المصعبي إن السلطاتصادرت أكثر من 90 ألف قطعة سلاح في أيادي مدنيين كانوا يحملونها في الشوارع بعد بدءالحملات التي نفذتها وزارة الداخلية لحظر حمل السلاح في العاصمة في أغسطس/آب ,2007وتراجع مع هذه الحملة عدد الحوادث الجنائية في الشهرين الأولين، فوصلت الحوادث إلى 364 حادثاً، مقابل 628 حادثاً في الشهرين اللذين سبقا الحملة، منتقداً الحكومة لعدماستمرارها في تطبيق قرار حمل السلاح. وكانت وزارة الداخلية أغلقت العام الماضيعدداً من المحلات لبيع السلاح، واعتقلت أشخاصاً رفضوا الامتثال للإجراءات الأمنيةفي التعامل مع ظاهرة بيع السلاح في اليمن. وقالت مصادر أمنية ''إن أجهزة الأمنأغلقت 85 محلا لبيع السلاح والذخائر النارية من مختلف الأنواع، كما اعتقلت 90 شخصامن تجار السلاح رفضوا تنفيذ السياسة الأمنية حيال تجار السلاح في المحافظات كافة'' حينها، إلا أن محال بيع الأسلحة عاودت ممارسة مهنتها مجددا.