بقدوم شهر رمضان المبارك كل يحمل أمتعته وأحزمته للإستعداد لهذا الشهر الفضيل، وتبدوا القنوات الفضائية أكثر حماساً لهذه المناسبة، إذ تبدأ معظم القنوات بحشد طاقاتها وتسخير كافة امكانياتها استعدادا له منذ فترة قد تصل احيانا إلى ستة أشهر، بل ان البعض يعمل من رمضان إلى رمضان، بمعنى أن السنة كاملة مكرسة للإنتاج الرمضاني.. وسط هذا الزحام والتنافس الشديد، تبرز قنوات محدودة في كل عام لتعلن عن تميزها واستطاعتها جذب أكبر عدد من المشاهدين، ولن نتكلم هنا عن عالم القنوات العربية الواسع، وإنتاجاته التي تستحق –منطقيا- أن تفرد لها صفحات ومجلات متخصصة، ولكن سنحاول في هذه الصفحة أن نسرد استعدادات القنوات اليمنية لشهر رمضان المبارك.. إذ يتميز– فضائيا- رمضان هذا العام بدخول قنوات يمنية جديدة في معترك التنافس الإعلامي الرمضاني.. فهناك قناة السعيدة وسهيل والعقيق واليمن وعدن وسبأ والإيمان، وكل هذه القنوات تبث على مدار النايل سات، بمعنى انها تستهدف نفس الجمهور.. وهذا يضع كل قناة في موضع صعب للغاية.. فأيهم يستطيع خطف أنظار المشاهدين وأيهم سيستحوذ على اهتماماتهم؟ وقد يبدوا أمر دخول شهر رمضان ليس بالأمر المهم عند قنوات عدن و الإيمان وسبأ، بحكم انها قنوات يمكن أن يقال عنها "مفرخة"، انطلقت – كما يقول متابعون- فقط لحجز الأسماء وهدر الأموال، فسبأ جائت بعد ان شاعت أخبار انطلاق قناة سبأ المعارضة (سهيل حاليا)، والإيمان انطلقت بعد شيوع خبر قناة جامعة الإيمان باسم "الإيمان"، وعدن بعد انطلاق قناة عدن "الإنفصالية"، وما تزال هذه القنوات تعمل بوتيرة بطيئة أو مميته.. ما يجعلها بعيدة عن ساحة التنافس الرمضاني تماما.. تتجه الأنظار هذا العام بقوة إلى قناة السعيدة الفضائية، التي يجمع الفنيون أنها ستكون الأقوى، فبرامجها كما يقول مديرها في حديث خاص ل"المصدر أونلاين" ستتغير بنسبة 100%، كما يراهن أن السعيدة ستكون الأقوى بلا منافس. ويؤكد مختار القدسي – مدير عام قناة السعيدة- أن القناة صرفت أكبر موازنة في تاريخ القناة لإنتاج برامج رمضان هذا العام، إذ استطاعت – حسب قوله- أن تجمع 90% من الممثلين والفنيين في اليمن للعمل فيها. مختار –وإذ يعد المدير الأكثر ذكاء وحنكه من بين مدراء القنوات، ويتفق كما يختلف معه الكثير من الفنيين والممثلين- يقول أيضا ل "المصدر أونلاين" : "أستطيع أن أراهن على جميع برامجنا لرمضان هذا العام، فبرامجنا من فرط زحمتها ستعرض لمرة واحدة دون إعادة !". وحينما التقاه "المصدر أونلاين" في مكتبه، كان يتحدث بلغة التاجر الرابح، والإعلامي الناجح، وأخذ يأخذ ويعطي بثقة عاليه، وقد آثرت أن أعرض جانبا من دردشة المصدر معه، وهو المدير، الذي لا يحب الظهور لوسائل الإعلام، كما أنه لا يتحدث للصحف إلا ما ندر!.. إلى الحوار:
ما الذي تفعلونه من أجل رمضان؟ نفعل الكثير، فقد حولنا القناة الى استديو متحرك يجوب المحافظات، وقمنا بتصوير مسلسلاتنا في أكثر من منقطة ولم نقتصر على صنعاء فقط، كما تنوعنا كثيرا في برامجنا وعملنا بكل اجتهاد من أجل هذا التنوع... هل كان لكم تعاون مع شركات إنتاج أخرى، خاصة مع ازديادها في الآونة الأخيرة؟ معظم برامج رمضان من إنتاجنا نحن، لكننا في الواقع نسعى ايضا إلى دعم شركات الإنتاج للعمل في هذا المجال كمنتج منفذ، وكان لنا تعاون مع أكثر من شركة وفي أكثر من عمل.
مع تنوع الفضائيات اليمنية وتعدد برامجها.. على أي من برامجكم ستراهنون؟ أستطيع أن أقول أننا نراهن على كل برامجنا بلا استثناء، لأننا إذا كنا غير مقتنعين بأي برنامج فإننا لا ننتجه، وإذا انتجناه ولم يعجبنا لا نعرضه، نحن نراهن وبكل اعتزاز على المشاهد اليمني والعربي. تقول العربي.. هل أنتم مستهدفون المشاهد العربي أيضا؟ نعم..نحن قدمنا حتى للمشاهد العربي، وقد قمنا أيضا بشراء مسلسلات نعرضها "عرض أول" مثل مسلسل "الدبور" وهو مسلسل شامي، بالإضافة إلى مسلسل "اختفاء سعيد مهران" وكلهن عرض أول، لذا استطيع ان اقول أننا نراهن على الجمهور اليمني في الداخل والخارج، والجمهور العربي أيضا. فالبرامج العربية لا نعتبرها منافسة، لان البرنامج او المسلسل ك "باب الحارة مثلا" يتواجد في عشرين او ثلاثين محطة فإذا غاب عن محطة يمكن يلحقها في محطات أخرى، اما مسلسل "همي همك" – مثلا- فهو في السعيدة فقط..
يقولون أن أكثر ما سيميزكم هذا العام هو "مسلسلاتكم الرمضانية" حدثنا عنها؟ مسلسلاتنا الدرامية هذا العام، تتميز من حيث الإخراج والتصوير والنصوص وتنوع أماكن التصوير حيث كان في الجزر اليمنية والسواحل وفي البحر، كما تتميز بقوة مواضيعها الهادفة، يقدمها كبار نجوم التمثيل.. فمثلا مسلسل همي همك 2 ، هناك تطور نوعي في الانتاج والمواقع والامكانيات الفنية والمادية، حيث تم العمل له منذ ستة أشهر.. وهو من بطولة "فهد القرني، صلاح الوافي، عادل سمنان، يحيى ابراهيم، احمد علي قاسم، عقلان مرشد، وغيرهم من النجوم، ويخرجه الفنان العراقي فلاح الجبوري.. وسيناقش هذا المسلسل قضايا مثل القرصنة والبطالة ونهب الأراضي وغيرها.. كما لدينا برنامج كوميدي تم تصويره في جميع انحاء اليمن اسمه "وقف أقولك" وينفذه النجمان خالد الجبري وكمال طماح، وبرنامج الكاميرا الخفية "طول بالك" تم تصويره محافظات مختلفة ايضا، وبرنامج "كوكتيل دت يوم" وهو منوع كوميدي هادف، يناقش الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية وهو من بطولة الفنان الكوميدي محمد المطري الذي يطل لأول مرة على قناة السعيدة.. كما أننا انتقلنا هذا العام نقلة نوعية بإنتاج مسلسل "أصحاب" باللهجة العدنية، يشارك فيه نجوم فرقة خليج عدن، وهم عدنان الخضر، غيداء جمال، احمد عبد الله، راشد طه، وغيرهم.. ومن إخراج عمرو جمال.. وهذا نوع من تعميق الوحدة الوطنية، لأنه لابد أن نفهم جميع اللهجات، فكيف لنا أن نفسر فهمنا مثلا للهجة الشامية او المصرية.. إلا من المسلسلات.. أهي صحوة متأخرة بعد ازدياد المشاكل في الجنوب؟ أن نبدأ متأخرين خير من أن لا نبدأ، وبعدين يا أخي نحن لنا في السوق ثلاث سنوات، وكل سنة نتعلم شيء جديد، ونقدم شيء جديد..
ظهور قوم واختفاء آخرين يقول البعض ان السعيدة تعمدت تغييب الممثلين القدامى.. بسبب خلافات كبيرة حصلت بينكم؟ لا يوجد مشاكل مع أي أحد من الممثلين، وعلاقتنا بالوسط الفني علاقة جيدة، ونحن من الجهات والمؤسسات المنتظمة في الانتاج الدرامي، كما أن أجورنا منتظمة كذلك.. وأستطيع أن أقول ان 90% من الممثلين في الساحة موجودين في السعيدة.. كيف تفسر إذا غياب الممثلين السابقين الذين كانوا نجوم السعيدة في بدايتها؟ بعض الممثلين السابقين لم يغيبوا ولكن كانت أدوارهم ليست كبيرة، فلا نستطيع ان نقول غياب، ثم اننا لا نستطيع استيعاب كل المسلسلات في شهر رمضان، فلدينا مثلا، مسلسل ثاني اضطررنا لتأجيله إلى ما بعد رمضان بسبب ازدحام البرامج وفيه ممثلين لن يظهروا في رمضان. لماذا سيختفي مسلسل كيني ميني هذا العام؟ يمكن ان نقول "استراحة محارب"، وأيضا لوجود نصوص أقوى، ومشابهة.. حدثني عن خارطة برامجكم الرمضانية فيما عدا المسلسلات؟ الخارطة البرامجية بدأنا بها بشكل منظم، تتناسب مع رمضان من حيث الخفة، وبرامج تقدم الطرفة والمعلومة والفائدة، فلدينا برنامج "اتحداك في نصف ساعة" وهو مسابقاتي ميداني نوعي توزع فيه ملايين الريالات كجوائز للمتسابقين. والبرنامج المسابقاتي المباشر "احسبها صح" يقدم مئات الآلاف من الدولارات، وجوائز عينية وسيارات، مسابقة "قارئ اليمن"يتنافس فيه حفظة كتاب الله من مختلف محافظات الجمهورية في الفوز بلقب "قارئ اليمن للعام 2010م"، ويشترك في إدارته نخبة من العلماء والحفاظ اليمنيين والعرب، ويقدم باقة منوعة من الأناشيد لمعظم المنشدين اليمنيين والعرب، كما لدينا برنامج سنابل الخير وهو وثائقي حواري يتناول أعمدة وأقطاب العمل الخيري في اليمن، بالإضافة إلى برنامج هموم عربية للدكتور المقالح، وبرنامج الطبخ، يعرض أهم الأكلات اليمنية والعربية وكيفية تحضيريها.
ماذا عن البرامج الدينية؟ تنوعنا هذه السنة انطلاقا من شعارنا "كل الألوان" فلدينا برنامج صيد الخاطر للعلامة العمراني، وتفسير القرآن للعلامة بن حفيظ، حتى نجسد كل الألوان من السلفية إلى الزيدية إلى الصوفية..
كيف تنظرون لظهور قنوات خاصة منافسة جديدة؟ ظهور قنوات أخرى سببت بتطورنا أكثر.. وسيلمس المشاهد ذلك، ونحن نراهن على أن الجمهور ذكي، ويفهم ما يريد، وسيتجه للمكان الذي يقدم ما يشتهي، فلديه أكثر من ستمائة قناة وسيذهب لمن تلبي احتياجاته، ويكفي أن أقول لك أن كل البرامج بدون اعادات بسبب ازدحام الخارطة، وهذا نوع من الرهان.. ما الوجوه الجديدة التي ستظهرها السعيدة في رمضان هذا العام.؟ كثير من الوجوه الجديدة، اشهرهم فرقة خليج عدن، والفنان محمد المطري سيظهر بشكل جديد.. وغيرهم من الفنانين.
إعلانات مملة يعيب عليكم البعض كثرة اعلاناتكم والوصول بها الى حد مزعج؟ نحن قناة تجارية، ومن حقنا تعويض الخسائر التي تم صرفها من خلال الإعلان حتى نستيطع الاستمرار، حتى نقدم الأفضل، ونعتمد على الإعلان بشكل أساسي، ولا ورائنا حزب او جهة تدعمنا..
لكن اعلاناتكم فاقت حتى كبرى القنوات العربية؟ اسعارنا محدودة، فإعلان واحد في الجزيرة او ال MBC يساوي مائة اعلان في السعيدة، لذا نعتمد على الكم، في سبيل اعطاء فرصة للمستهلك.. وكيف نستطيع ان نرتقي بالتاجر اليمني.. فالتاجر اليمني يحتاج إلى وقت حتى يتدرب على سوق الإعلان.. مع العلم ان نسبة الإعلانات المحلية لا تتجاوز ال 30%.. هذا من ناحية .. ثم ان بثنا من مصر ونخضع للقوانين المصرية ، وهذا يحملنا تكاليف باهضة جدا، في عملية إدارة القناة بمكتب في اليمن وفي القاهرة، بالإضافة الى مكتبنا في السعودية وماليزيا وغيرها.. ثم اننا في هذا العام مثلا صارفين أضخم موازنة في تاريخ السعيدة.. كيف سنغطي تكاليفها؟
ما الذي يدفعكم لدفع كل هذا المبلغ لإنتاجات رمضان؟ لغرض واحد وهو الارتقاء بالمشاهد اليمني، وتحسين جودة ما يشاهده من إنتاجاته المحلية..
نحن الأقوى مؤخرا سمح لكم الرئيس بإدخال جهاز بث مباشر..هل ستبدأون العمل فيه من رمضان؟ أولا شكرا للرئيس على هذه المبادرة، في أنه سمح لنا بإنتاج وبث بعض البرامج في اليمن.. ولن نستخدم جهاز البث في رمضان، لأسباب فنية تعوقنا من البث المباشر، لذا اضطررنا أن نؤخر البث المباشر لبعض البرامج فيما بعد رمضان..
برأيك لماذا أنتم بالذات، بينما قناة سهيل مثلا لا يسمح لها حتى بفتح مكتب لها في اليمن؟ بطبيعة الحال.. لأننا القناة الأقدم، وأثبتنا وجودنا في الشارع بقوة، وجميع الاستفتاءات تقول اننا الأقوى في الشارع، ومن الحكمة أن تكون تبث هذه القناة من اليمن..
نعود لبرامج رمضان.. ما مصير برنامج فرسان الميدان؟ المرحوم يحيى علاو.. قبل مماته، قام بعمل تصور لبرنامج فرسان الميدان بعد مماته، بحيث يكون النسخة الأخيرة من البرنامج، وسيكون بعنوان "فرسان الميدان، في ماضي الأيام"..
ماذا سيكون بالضبط؟ لنجعل الأيام في رمضان تتحدث عنه، لكن ربما سنقوم بإعادة حلقاته الماضية..
ماذا عن هوية القناة وشكلها "الجرافيكس" الرمضاني؟ في كثير من التجديد.. الأشكال البرامجية تغيير مائة في المائة، الشكل الكلاسيسيي للأعوام الماضية سيتغير هذا العام.. وسيستقر الشعار الرمضاني للسعيدة "لون آخر"..
هل من كلمة تقولها للمشاهد؟ أقول أننا نسعى للكمال في انتاجاتنا، فإذا نجحنا فلله الحمد والمنة، وإن قصرنا فليعذرنا المشاهد.. كما اننا اذا نجحنا فإننا نحتاج إلى قليل من الحماس، والإيجابية والدعم المعنوي حتى نطور أنفسنا.. وشكرا للمصدر..