مقولة إن العولمة جعلت العالم قرية كونية واحدة ليست صائبة تماما ما لم تستثنِ منها عزلة لهاب التابعة لمديرية مناخه حراز التي تعيش قراها في عزلة فيما بينها، فنظرا لعدم قيام الجهات المختصة كوزارة الأشغال العامة والطرق بسرعة شق طريق تربط لهاب الأعلى بمنطقة لهاب الأسفل، التي تقع على مرمى حجر منها في الجبل نفسه، يضطر المسافر الذي ينوي زيارة قريبته في المنطقة الأخرى- مثلاً- أن يسلك طريقًا مارًا بمناطق عديدة تتبع ثلاث محافظات (الحديدة، المحويت، صنعاء) حتى يصل إلى القرية التي تبعد عن قريته مسافة كيلومترات. مقدمة لا بد منها: تتكون مديرية مناخة من عدة عزل منها عزلة لهاب التي يعيش أبناؤها معاناة مستمرة بسبب الطرق، وتضم هذه العزلة منطقة لهاب الأسفل التي تقع مع لهاب الأعلى على جبل طويل. وتربط الطريق لهاب الأعلى بمناخة، وثمة طريق آخر يربط لهاب الأسفل بمناخة، لكن يمر عبر مناطق مختلفة في ثلاث محافظات؛ فمنها تمر الطريق عبر "عُبال" التي تتبع محافظة الحديدة، ومن ثم باجل مرورًا بخميس بني سعد التابعة لمحافظة المحويت، في عملية تستمر أكثر من 7 ساعات تنتهي بالعودة إلى المربع رقم واحد (مناخة) التي لا تبعد عنها في حال وجود طريق أكثر من ثلث ساعة. خيارات صعبة كمواطن يمني ينتمي جغرافيًا لمنطقة لهاب الأسفل وأنت عازم على الذهاب إلى صنعاء فإن أمامك خيارين أحلاهما مر: إما الذهاب عبر لهاب الأعلى أو عبر الطريق الأخرى التي تربط لهاب الأسفل بباجل. يقتضي الخيار الأول أن تنام باكرًا لتستيقظ قبل الفجر للصعود عبر الطريق الجبلي في عملية سير مضنية على القدمين على مدى ساعتين، تصل بعدها إلى لهاب الأعلى. ويصادف حينها مرور السيارات للتسوق إلى مناخة التي تبعد عنها مسافة نصف ساعة، وأي تأخير في الذهاب من لهاب الأسفل قد يدفع الفرد ثمنًا باهظًا بالعودة خائبًا، في حين يقتضي المرور عبر الطريق الآخر الذهاب عبر عُبال- الحديدة مرورًا بباجل فخميس بني سعد-المحويت ليصل مناخة بعد أكثر من 7ساعات تكون قد أرهقته بدنيًا وماليًا ووقتًا. ظلت هذه المعاناة في دائرة نسيان الجهات المختصة حتى عام2003 العام الذي اعتمد فيه مشروع طريق لهاب الأعلى بيت المحمدي-سهام-عُبال، الذي يربط هذه المناطق بمديريات حراز-الحجيلة- بلاد الطعام. غير أن أهالي هذه المناطق أصيبوا بخيبة أمل من تجاهل وزارة الأشغال العامة طوال هذه الفترة لهذا المشروع الحيوي، الذي سيسهل سير الحياة العامة للمواطنين في هذه القرى، وقد ظل خارج دائرة اهتمام الحكومة، عدا استعراض المعدات في أرض المشروع، قبيل كل مرحلة انتخابية، ولاستخراج المستخلصات ليس أكثر.
توجيهات رئاسية بانتظار التنفيذ: تعد هذه الطريق من المشاريع الاستراتيجية الهامة كونها تربط بين أكثر من مديرية ومحافظة في آن واحد، إضافة إلى استفادة الكثير من القرى والمحلات المجاورة. زد على ذلك أن تعثر هذا المشروع يحرم خزينة الدولة من العملة الصعبة التي كانت ستُرفد من وراء المشروع، كون المناطق تمتلك مقومات سياحية واقتصادية قلما تجدها في مناطق أخرى. كما أن تنفيذ المشروع كان سيخفف الضغط المروري على خط طريق صنعاء-الحديدة الذي تكثر فيه الحوادث المرورية بشكل دائم لازدحام السيارات وضيق الخط. لقد استغل أهالي هذه المناطق زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة لمديرية مناخة منتصف 2007، ونقلوا شكواهم إليه بخصوص تعثر المشروع وتنصُّل المقاولين من تنفيذه، وقد أثمر ذلك تفاعل الأخ الرئيس مع الموضوع، فأصدر توجيهات إلى وزارة الأشغال بإلزام المقاول الاستمرار في العمل وعدم التوقُّف. تساؤل: ويبقى التساؤل قائمًا حول من يعرقل توجيهات الرئيس التي لم تثمر حتى اللحظة، وأسباب تجاهل الجهات المعنية لهذه التوجيهات التي تنطلق من حرصه الشديد على تنمية المنطقة، واستشعاره المسؤولية تجاه معاناة المواطنين الذين يتكبدون معاناة السفر سيرًا على الأقدام لمسافات طوال، بسبب تعثُّر مثل هذه المشاريع الخدمية التي يُحرم من خدماتها كثيرون ناهيك عن مضاعفة أسعار السلع والخدمات في هذه المناطق دون سواها.