حذر الرئيس السوداني عمر حسن البشير من احتمال اندلاع صراع كبير مع الجنوب في حال عدم تسوية الخلافات بشأن استفتاء تقرير المصير، متهما القيادة الجنوبية بالتراجع عن بنود اتفاق السلام الموقع قبل خمس سنوات الذي أنهى حربا دامية بين الطرفين. فقد نقلت وكالة الأنباء السودانية عن البشير قوله -في خطاب أمام مؤتمر القمة العربية الاستثنائية في سرت بليبيا أمس السبت- إنه ملتزم بإجراء الاستفتاء على تقرير المصير في جنوب السودان لكن شريطة أن يعمل الطرفان على حل الخلافات بخصوص الحدود وتقاسم العوائد النفطية والديون ومياه نهر النيل.
وحذر البشير من أن صراعا جديدا قد يندلع بين الشمال والجنوب -في حال الفشل في تسوية هذه الخلافات قبل إجراء الاستفتاء- أكبر وأشد خطورة من الصراع الذي كان قائما قبل توقيع اتفاق السلام، في إشارة إلى اتفاق الترتيبات الأمنية في نيفاشا عام 2005.
اتهام الجنوب وأعرب البشير عن أسفه للتصريحات الأخيرة التي أدلى بها قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان نائبه الأول سيلفاكير لجهة دعم الانفصال عن الشمال، معتبرا ذلك خروجا واضحا على بنود اتفاق نيفاشا الذي نص على أن يعمل الطرفان لجعل الوحدة خيارا جاذبا للجنوبيين قبل إجراء الاستفتاء.
يشار إلى أن سيلفاكير -وفي خطاب ألقاه مطلع الشهر الجاري أمام حشد من مناصريه في جوبا عاصمة جنوب السودان- أكد عزمه التصويت لصالح الانفصال في الاستفتاء المزمع إجراؤه مطلع العام المقبل.
ونقل عن أحد مساعدي سيلفاكير قوله إن الأخير لم يقصد الإعلان عن موقفه الشخصي بقدر ما كان يحاول الإشارة إلى أن الشمال فشل في ترغيب الجنوبيين بالبقاء في إطار السودان الموحد.
الوفد الدولي وتزامنت تصريحات البشير أمس السبت مع مغادرة وفد مندوبي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي إلى السودان حيث قام بزيارة جوبا عاصمة الجنوب، ومدينة الفاشر عاصمة إقليم شمال دافور.
وكان الوفد الأممي قد شدد قبل مغادرته على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده المقرر في التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل.
ونقل أحد الدبلوماسيين المرافقين للوفد الدولي إن نائب الرئيس سيلفاكير طلب من أعضاء مجلس الأمن العمل على نشر قوات لحفظ السلام على طول الحدود مع الشمال قبل إجراء الاستفتاء وذلك لدى اجتماعه بهم في جوبا الأسبوع الماضي.
وكان وزير الخارجية السوداني علي كرتي قد أبلغ المندوبين الدائمين لأعضاء مجلس الأمن التزام حكومته بتجنب أي صراع بشأن استفتاء الجنوب، لكنه أكد في الوقت نفسه رفض الخرطوم أي تدخل في الاستفتاء، في إشارة مبطنة لدعوات القادة الجنوبيين المطالبة بدعم الانفصال.
الوضع الراهن يشار إلى أن الجمود لا يزال يلف المفاوضات القائمة بين الشمال والجنوب بخصوص تقاسم عوائد النفط بعد إجراء الاستفتاء باعتبار أن الجزء الأكبر من الموارد النفطية السودانية موجودة في المناطق الحدودية وتحديدا في منطقة أبيي.
وطالبت الحركة الشعبية لتحرير السودان عدم استغلال الفشل القائم في المحادثات كذريعة لتأخير الاستفتاء، فيما لوح بعض قادتها في تصريحات متعددة بالمضي في الاستفتاء حتى دون التنسيق مع الشمال.
وفي هذا السياق حذر مراقبون من أن تجدد الصراع في الجنوب قد يعني انتقاله إلى تسع دول مجاورة للسودان وهي إرتيريا وإثيوبيا وكينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا ومصر، ليهدد الاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية للمنطقة بأسرها.