أعلنت جامعة العلوم والتكنولوجيا في الآونة الأخيرة عزمها تقديم 180 منحة للمتفوقين من خريجي الثانوية العامة، ودعا وزير التعليم العالي في حفل التخرج الأخير لطلاب الجامعة الجامعات اليمنية إلى أن تحذو حذو العلوم والتكنولوجيا في هذا المجال.. المصدر أونلاين أجرى حواراً مع رئيس الجامعة الدكتور حميد عقلان فكانت هذه الحصيلة:
* أعلنتم قبل أسبوع عن تقديم منح للطلاب المتفوقين من خريجي الثانوية العامة، في أي إطار يندرج هذا الإعلان؟ - جامعة العلوم والتكنولوجيا منذ نشأتها حاولت تلمس احتياجات البلد من الكادر البشري لأن البلد في وضع سيئ، ويمكن الحصول على الإمكانات المادية بسهولة ربما، لكن من الصعب الحصول على الموارد البشرية، فحملت الجامعة على عاتقها منذ التأسيس أن تختار البرامج التي تخدم المجتمع سواء عندما بدأت بالدبلومات في الحاسوب أو الهندسة ثم الأسنان، فكنا نتلمس الاحتياجات في التخصصات ليس كمثيلاتنا في الجامعات بدون تكرار، وإذا كان نفس التخصص فليس في نفس المستوى، وفي الفترة الأخيرة قررت إدارة الجامعة كواجب عليها تجاه المجتمع في ظل المنافسة الشديدة وعدم استيعاب الدولة لأعداد الطلاب المتقدمين إليها وكذلك محدودية إمكانيات الدولة في ابتعاث المتفوقين إلى خارج اليمن، ورغبة كثير من المتفوقين في الالتحاق بجامعة العلوم والتكنولوجيا وعدم مقدرتهم المالية، اتخذت إدارة الجامعة قرارا بمنح أوائل الجمهورية في الثانوية العامة بتخصصيها العلمي والأدبي مقاعد في أي برنامج يختارون، وكذلك أي طالب أو طالبة حاصل على 90% فما فوق يحق له دخول امتحان المنافسة للحصول على المقاعد الممنوحة من الجامعة في أي برنامج يختارون، وهي (80) مقعداً للطلاب المتخرجين هذا العام2010.. والعام الماضي أيضاً، وكذلك الحفاظ يلتحقون بنفس المعدل بالبرنامج وقد أتحنا نفس الفرصة للمحافظات للتنافس على المقاعد.
* يتنافسون على 80 منحة؟ - ستصبح عدد المنح المقدمة من الجامعة لأوائل الجمهورية والحفاظ والمتفوقين من المحافظات 180 منحة.
* وأين يقدم الطلاب لهذه المنح؟ - في المركز الرئيس وفي الفروع وسيكون امتحان المفاضلة يوم 16/10.
* هل لمست الجامعة في الآونة الأخيرة ضعفا في المخرجات وتهدف إلى رفد قاعاتها الدراسية بموارد ومدخلات قوية؟ - المخرجات قوية بشكل عام والحمد لله ولكن لكي تكون المدخلات قوية أيضاً، لا شك أن الطالب الذي يحصل على منحة مجانية ومعدله العلمي متميز فوق 90% سيكون أداؤه أفضل من أصحاب المعدلات الأقل منه، بالرغم من التزامنا بمعايير التعليم العالي.. نحن نعتقد أن هذا العمل هو إسهام من جامعة العلوم في رعاية الموهوبين للحصول على تعليم مثالي ولا شك أن هذا العمل نفسه يرفع الأداء داخل الجامعة.
* ولكن السؤال يبقى حول بقية الطلاب من غير الأوائل والمتفوقين القادرين على دفع الرسوم الباهظة؟ - لا، لا، هناك جامعات خاصة كثيرة وخارجية في اليمن، هناك النظام الموازي بالنسبة للجامعات الحكومية ويلتحق بها طلاب كثير جداً، رسوم جامعة العلوم مرتفعة لأن المدرس يتقاضى في جامعة العلوم أكثر مما يتقاضاه زميل آخر في الجامعات الأخرى، نوعية المقرر، إمكانات الجامعة وبنيتها التحتية، من قيادات إدارية، ومستشفى، ومعامل، وقاعات دراسية، وبيئة تعليمية، كل هذا مكلف مقارنة بالرسوم التي توصف بالمرتفعة ورغم ذلك فالإقبال عليها كثير، سواء محلياً أو إقليمياً، وأنا عندي طاقة استيعابية محددة من الوزارة، ومضطر للالتزام بها ولذلك لا بد من المفاضلة فأنا اختار الأفضل عبر المنافسة في أي تخصص يختارونه.
* بالإضافة إلى هذه المنح الدراسية ما هو جديد الجامعة لهذا العام؟ - نحن على وشك اعتماد استراتيجية الجامعة وستكون بحسب علمي أول مؤسسة أكاديمية في اليمن لها استراتيجية تعمل وفقاً لها، واستراتيجية الجامعة مر عليها ما يقرب من عام، وميزتها أنها من صنع أبناء الجامعة وكوادرها، ولم يتدخل أي أجنبي إلا في الإشراف عليها فيما بعد من قبل محكمين.
* بماذا ستعود هذه الاستراتيجية على الجامعة؟ - هذه الاستراتيجية تشمل كل محاور العملية التعليمية: بنى تحتية، تعديل مناهج، الحصول على اعتماد لبعض برامج الجامعة، بناء مساكن أعضاء هيئة التدريس، مساكن الطلاب، قاعات ترفيهية، تأمين صحي، الاهتمام بالجانب الإداري.
الجامعات العربية للأسف الشديد كلها صورة مكبرة للمدارس، ولا تزال إلى الآن لا تقوم بمهام الجامعة بشكل مثالي، مهام الجامعة ثلاث أمور رئيسية: تدريس، وخدمة مجتمع، وبيوت استشارة.. نحن حرصنا على إضافة خدمة المجتمع هذا العام بإذن الله تعالى وكذلك جعلنا البحث العلمي من أولى أولوياتنا حيث رصد مجلس الإدارة 2% من دخل جامعة العلوم والتكنولوجيا وإمكاناتها المحدودة لصالح البحث العلمي، بالإضافة إلى ما يتم من دعم لأعضاء هيئة التدريس لعمل أبحاثهم الخاصة.
* يعني أنكم طيلة الفترة السابقة كنتم تعملون بدون استراتيجية؟ - الجامعة عندها خطة وكانت ولا زالت تتلمس احتياجات المجتمع، لكن لم تكن لديها استراتيجية بالمعنى الحديث لكلمة استراتيجية، وبناء عليه لا نكرر ما هو موجود لدى الآخرين، وإذا كررنا فليس بنفس الصورة، وأريد أن أؤكد لك أنه لا توجد مؤسسة أخرى لديها استراتيجية واضحة أهدافها رؤيتها رسالتها.
كم أننا أضفنا شيئاً جديداً في متطلبات الجامعة، اللغة العربية الثقافة الإسلامية الحاسوب، اللغة الإنجليزية، هذه المتطلبات للأسف الشديد وجدنا أنها عندنا وعند غيرنا لا تؤدي المطلوب منها، أعدنا النظر فيها، بحيث يحصل الطالب مثلا في متطلب اللغة الإنجليزية على التوفل، وفي الحاسوب يحصل على الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب ويحصل على مقدار كاف في اللغة العربية بما يمكنه من التعامل مع كافة فنونها، وفي الثقافة الإسلامية حرصنا على إدماج قضايا عصرية كثيرة منها الديمقراطية، المرأة، البيئة، الاستنساخ... الخ، أعدنا النظر فيها بما نعتقد أنها ستؤدي إلى تميز الطالب. كما أن هناك أقسام وبرامج جديدة لدى الجامعة لهذا العام الهندسة الإنشائية، المصارف الإسلامية، المحاسبة باللغة الإنجليزية، رياض الأطفال (لا يوجد في كثير من الجامعات اليمنية)، وهي برامج جديدة تلبي الاحتياجات المحلية والإقليمية. بالإضافة إلى أننا أنشأنا "نادي الخريجين" لربط الجامعة بخريجها.
* إلى أي مدى يعتقد الدكتور حميد أن الجامعة قد أسهمت في خدمة الوطن؟ - خريجو جامعة العلوم والتكنولوجيا متواجدون في مؤسسات كثيرة جداً وفي مختلف القطاعات التي أسهمت الجامعة في توفير الكادر المتميز والقادر على خدمة المجتمع من خلال شغل تلك المواقع والوظائف.
* كيف رصدتم ذلك؟ - من خلال نادي الخريجين.
* لكن نادي الخريجين تأسس حديثاً؟ - نعم وكان الفضل للملتقى الأول لخريجي الجامعة مع نهاية العام الدراسي السابق في دعمنا وتزويدنا بالأرقام، كما أننا على تواصل مع طلابنا بحكم معرفتنا لهم وتواصلنا معهم محلياً، وإقليمياً لهم حضور منافس لزملائهم وأداؤهم جيد في مختلف القطاعات، كما أحب أن أضيف إلى خدمات الجامعة للبلد أنها أسهمت في إيجاد وصنع فرص عمل كثيرة، حيث أن في الجامعة وفروعها والمستشفى ما يقرب من 2500 موظف، وهؤلاء كلهم يعولون أسر، كما أن الطلاب الأشقاء الذين يأتون للدراسة في الجامعة يستأجرون مساكن ويدخلون العملة الصعبة إلى البلاد، ونحن نتوجه إلى تتويج جهود الجامعة طيلة الفترة الماضية بهذه الاستراتيجية، لكي تقوم بواجبها كواجب أي جامعة متميزة في العام وهي كما قلت لك ثلاثة أشياء: خدمة المجتمع، التدريس، الاستشارات والبحث العلمي، وهو ما تفتقر إليه معظم الجامعات العربية.
* وماذا عن الاعتماد الأكاديمي لبرمج وتخصصات الجامعة، هل كل برامج الجامعة وشهاداتها معتمدة وفق المعايير الدولية؟ - لاحظ معي أن هناك جهات دولية هي التي تمنح الاعتماد الأكاديمي لبعض التخصصات في الطب، هناك جهة تمنح الاعتماد، وفي الهندسة كذلك، هذه الجهات في بريطانيا وأمريكا وغيرها، في الحقيقة هذه لم نحصل عليها ولم يحصل عليها غيرنا، لكننا الآن عملنا خطة مكلفة جداً للحصول على اعتماد أكاديمي في بعض البرامج، وقد حددنا برنامجاً واحداً في كل كلية، في الهندسة حددنا الحاسوب، في العلوم الطبية حددنا الصيدلة، وحديث عن الطب البشري، في العلوم الإدارية والإنسانية لم نحدد بعد هل نظم المعلومات أم الإذاعة، وكل ذلك لكي تكون الشهادة معتمدة من الجهات العالمية (كالأيزو وغيرها). لكن الجامعة كمؤسسة علمية أكاديمية هي عضو فعال في معظم الاتحادات، العربية، الإسلامية، وغيرها.
* لهذا السبب بدأتم بعمل اتفاقات وشراكات مع جامعات عالمية؟ - العالم الآن أصبح قرية واحدة، والشراكات مهمة جداً، بحيث تضيف خبرة لديك، وتشعر أن الأستاذ لديك تحسن مستواه، تبعث به إلى جامعاتهم فتزداد خبرته، يأتي مدرس من عندهم فتكتسب خبرة. ونحن مشاركون في كثير من المنتديات والملتقيات في تركيا في ماليزيا في الهند، وقريباً كنا في قطر في لقاءات مع جامعات أمريكية، تحسن الأداء والعلاقات الأكاديمية يضيف الكثير ويستفيد الطرفان وبلا شك فإن الفائدة التي تأتي منهم الآن أكثر، لكن هناك فائدة منها.
* بمعنى أن الخريجين لا يواجهون مصاعب في اعتماد الشهادات لدى دول الجوار على سبيل المثال؟ - في السعودية معتمدة بشكل عام.. نعم، في العام الماضي مثلاً وفي السعودية تحديداً في امتحان المعادلة بين الطلاب السعوديين القادمين من كثير من الدول العربية والإسلامية كان الأول هو من خريجي جامعة العلوم والتكنولوجيا: اليمن، والعام الذي قبله، الثاني كان من جامعة العلوم، في الأردن كذلك، لدينا هذا العام 70 طالب أردني... الخ.
* وعلى صعيد الجهات الرسمية اليمنية، هل يواجه الخريجون وشهادتهم أي معوقات في الاعتماد أو غيره... كالخدمة المدنية؟ - لنا تلاميذ درسناهم في الطب يعملون في مستشفى الثورة، وخريجون آخرون لهم قبول في معظم الجهات الحكومية، علاقاتنا بهم جيدة ومكملة لبعضنا البعض وتربطنا علاقات جيدة مع جامعة صنعاء وجامعة ذمار، وجامعة تعز ونستفيد منهم ويستفيدون منا، وأنا أعتقد أن البلد بحاجة إلى الجميع.. ولهذا أحب أن أؤكد أن المؤسسات الخاصة، جامعات، مدارس، مستشفيات، رفعت كثيراً من العبء على أجهزة ومؤسسات الدولة.
* البعض يصنفكم لحساب جهة معينة سياسياً أو تجارياً أو غير ذلك؟ - لسنا محسوبين على أحد، أنا عندي هندوسي داخل جامعة العلوم والتكنولوجيا عندي مسيحي عندي عرب من جنسيات مختلفة ومشارب مختلفة من الدول العربية واستطعت أن أقبلهم ويقبلوني فمن باب أولى أنا كيمني أقبل اليمني واليمني يقبلنا، لا يوجد أي مكون من مكونات المجتمع اليمني رسمياً أو شعبياً إلا وله قريب داخل الجامعة، طلاب أو موظفون، أو علاقة من أي باب.. وهكذا.
* ما هي الصعوبات التي تواجه أكبر جامعة أهلية في اليمن؟ - في وضعنا الحالي أعتقد أن الرسوم التي نتقاضاها ويعتقد البعض أنها كثيرة، لا تغطي تكاليف كثير من البرامج، فعلى أساس أننا نحصل على الأستاذ الجيد والمتميز ونحافظ عليه، وتوجد بيئة تعليمية متمكنة، ننفذ الاستراتيجية التي تحدثنا عنها، أقول عندنا عجز، لأن الجانب المالي مهم جداً.
* كم عدد الطلاب المنتسبين للجامعة؟ - عندنا ما يقرب من 20 ألف طالب ما بين تعليم (عن بعد) وانتظام، لكن يا أخي هناك منافسة شديدة في المنطقة حولنا، وبإمكانات أكبر من إمكاناتنا، وبالتالي هذه السوق الموجودة في الدول المجاورة أخذت أعضاء هيئة التدريس، أو يصبح عضو هيئة التدريس هذا الذي نحصل عليه سواء محلي أو إقليمي، من مصر أو من العراق أو سوريا أو من المغرب الغربي، تستقطبهم الآن جامعات خاصة سعودية، خليجية، ليبية، أردنية، وغيرها. وأنا أحاول أن أنافس للحصول على الأساتذة المتميزين بالمرتب نفسه! هناك صعوبة، لا أستطيع أن أنافسهم! وقد عملنا الآن خطة أعتقد أنها ستنقل الجامعة نقلة نوعية، وهي تأهيل أعضاء هيئة التدريس، نحن نؤمن الآن بالتأهيل ولا نؤمن بالاستيراد، وقد أسهمت الجامعة من قبل في هذا، وقد بدأت الجامعة، حيث سنختار أفضل الطلاب لدينا ونعينهم معيدين ونسعى إلى تأهيلهم محلياً وإقليمياً.. وبشكل عام الجانب المالي معوق والحصول على مدرسيين بكفاءة عالية معوق آخر..
* عجز برغم كثرة عدد الطلاب وارتفاع الرسوم بالنسبة لبقية الجامعات؟ - لم تتغير رسوم الجامعة منذ عدة سنوات ولا نسعى لتغيرها لأننا نرى الوضع في البلد لا يسمح بزيادة الرسوم، الرسوم ثابتة ولو فتحنا الباب لقبول الطلاب لكان عددهم كبير جداً أكثر من الموجود لكننا لا نقبل إلا بحسب الطاقة الاستيعابية المحددة لنا من الوزارة.
وأن توجد بيئة تعليمية مميزة، تحسن من معاملك، كونك تضيف جديدا إلى مقرراتك كونك تأتي بالمدرس الجيد الكفء، تشارك في المؤتمرات تدعم البحث العلمي هذه كلها متطلبات مكلفة، وأنا دخلي هو رسوم الطالب، ليس عندي دولة تدعمني، وهذه الرسوم محدودة، ولكي أحافظ على مكانتي وسمعتي كجامعة مرموقة يتطلب ذلك كلفة باهظة فالعجز حاصل وناتج عن هذا.
* يشكو كثير من الطلاب وجود فراغات كثيرة وغياب المدرسين؟ - للأسف الشديد الطالب في العالم العربي والمدرس كذلك، المدرسة تحوَّل اسمها إلى جامعة، والأستاذ فلان أصبح الدكتور فلان والفصل الدراسي صار القاعة الدراسية، هكذا أصبحت مفاهيم الطالب يأتي إلى الجامعة بعقلية المدرسة، الحصة الأولى الساعة 8 والحصة الأخيرة الساعة 12ظهرا!!.. يا ابني توجد في الجامعة مكتبة توجد أنشطة طلابية خارج المناهج هناك ساعات مكتبية مع المدرسين، فيه إنترنت فيه معامل، أريد أنا من الطالب أن يعرف أن الجامعة غير المدرسة، أريده هو أن يبحث عن العلم لا أن يأتي إليه.
* وماذا عن غياب المدرسين وعملهم في أكثر من جامعة؟ - لا، لا، أبداً، نحن بالنسبة لنا معظم كادرنا متفرغون، قليلون فقط الذين يعملون بالساعات أو بشكل جزئي، كادرنا متفرغ ومعظمهم قامت بتأهيلهم جامعة العلوم والتكنولوجيا، أما بالنسبة لفراغات الطلاب التي ليس سببها الغياب، فنحن دائماً نتكلم مع الطالب أننا نريد إنشاء مركز يعنى بالمهارات المطلوبة للطالب في القرن 21، نحن نريد الطالب أن يعتمد على نفسه، أن يصطاد السمك، لا أن ينتظر من يعطيه السمك جاهزاً.
* كلمة أخيرة دكتور حميد؟ - نشكركم على هذه الالتفاتة الجيدة في بداية العام الدراسي وعلى صراحتكم في طرح الأسئلة.