أربع سنوات عجاف مرت على عدد كبير من المدرسين حرموا فيها من بدل طبيعة العمل بسبب أخطاء في البيانات أو سقوط أسمائهم من الكشوفات أو غيرها من المشاكل التي تحدث كثيراً في البلد عند حصول الموظف على علاوة أو بدل أو غيره. العجيب أن هذه الأخطاء لا تحصل عندما يصدر مرسوم وزاري يقضي بالاستقطاع أو بإلغاء أي بند من بنود الراتب. فعندما صدر مثلاً قرار الخدمة المدنية بإلغاء جميع البدلات من الرواتب اختفت جميع البدلات والعلاوات من رواتب الموظفين بضغطة زر واحدة كما لو أننا نمتلك ونستخدم أحدث الوسائل التكنولوجية لإدخال البيانات وأرشفتها. لم يحدث مثلاً أن نسيت الوزارة عدداً من الموظفين. وفور صدور القرار استلم جميع الموظفين رواتبهم بدون بدلات أو علاوات ولم يسقط اسم أحدهم سهواً ليستلم راتبه مع البدلات. السهو والخطأ والنسيان والنوم وجميع الأعذار الشرعية لا تحدث إلا عند الزيادة.. ومع ذلك ليست هذه هي القضية.
عقب إقرار استراتيجية الرواتب عام 2005 حذفت عن جميع المعلمين بدل طبيعة العمل. وظل المعلمون يناضلون حتى استطاعوا انتزاع حقهم في بدل طبيعة العمل ليقر كحق من حقوقهم في 9/2006. احتاجت "التربية" ما يقرب من عام لإعداد الكشوفات ليصرف المبلغ بعد ذلك كفوارق. وبالطبع سقطت أسماء أعداد كبيرة من المعلمين من هذه الكشوفات بحجج متنوعة. وبعد مضي عام آخر قامت "التربية" بإضافة بدل طبيعة العمل إلى رواتب من سقطت أسماؤهم في المرة الأولى وصرفت مستحقاتهم بأثر رجعي اعتباراً من 9/2006. وسقطت أسماء عدد من المعلمين للمرة الثانية. كل من تبقى من المعلمين ظلوا يستلمون رواتبهم منقوصة من 9/2006 حتى 9/2010. كانوا خلال هذه السنوات يحلمون باليوم الذي ستسوى فيه أوضاعهم وتقوم فيه وزارة التربية بصرف الفوارق كما فعلت مع زملائهم في المرات السابقة. كل واحد منهم أعد لهذه الفوارق خطة وحسب لها ألف حساب. أعد بعضهم قائمة بما يحتاجه البيت من أثاث، وآخر كان يخطط أن يكمل بناء جزء من البيت، وكان أسوأهم حظاً قد استدان مبالغ كبيرة ووعد بقضائها عند استلام الفوارق. وأخيراً جاءت اللحظة التي كان ينتظرها المعلمون. لقد اعتمدت "التربية" بدل طبيعة العمل لمن تبقى من المدرسين. لكن فرحة المدرسين لم تكتمل، بل قال بعضهم إنها تحولت إلى نكسة؛ لقد أضيف إلى رواتبهم بدل طبيعة العمل ولكن لم يتكلم أحد عن صرف الفوارق التي كانوا يحسبونها عن 48 شهراً اعتباراً من 9/2006. بل إن شؤون الموظفين بالوزارة أفادتهم بأن الأخ الوزير رفض قضية الفوارق واعتمد لهم طبيعة العمل من 9/2010. كانت خيبة الأمل أكبر من الفرحة بكثير.
وقبل ذلك بأيام كان مصححو الثانوية العامة يشتكون من خصميات غير قانونية قدرت ب30% طالت مستحقاتهم. لجأوا للنقابات وتكلمت عن قضيتهم الصحف ولم يتغير في حقهم شيء.
توجه المعلمون بشكاواهم إلى نقابة المعلمين ونقابة المهن وإلى موقع "المصدر أونلاين".
"المصدر أونلاين" بدوره يبعث مناشدة إلى الأخ وزير التربية أن يتوقف أو يوقف هذا العبث بحقوق المعلمين لأن آلافاً منهم يؤدون رسالتهم وهم يتضورون جوعاً، ولأن مئات الآلاف من الطلاب بين أيديهم وسيشرحون لهم مع دروس الدين والحساب والوطنية استياءهم مما يحصل.