"يواجه ايفاندر هوليفيلد مرة أخرى وضع اليد على قصره في جورجيا"، وهذه الأخبار قد بعثت موجة من الذهول والفزع بين الملاكمين البريطانيين المحترفين. منطقة خضراء منبسطة ومنزل ب109 غرف في ايفاندر هوليفيلد درايف في جنوب اتلانتا كان من المقرر أن يعرضا للمزاد في الشهر الماضي، إلاّ أن هوليفيلد استطاع أن يتوصّل إلى اتفاق على أن يبقى في المنزل ولكن القصر تم عرضه للمزاد في الأسبوع الأول من هذا الشهر في محكمة بلدة فايث. حد تقرير روميو روفائيل - وقد قرأته أخيراً- حتى الملاكمين الكبار الذين يملكون الملايين من الدولارات "يشعرون بعضة آثار الأزمة المالية العالمية".
هوليفيلد - الحاصل على الميدالية البرونزية في وزن الثقيل في أولمبياد 1984م- كان شارك في عدد من أعظم النزالات العالمية بعد احترافه، امتلك أكثر من 200 مليون دولار من حلبة الملاكمة فقط.
لكن من الواضح أن مأزقه المالي الحالي يبدو أنه سيدفعه إلى الانضمام إلى فيلق من الملاكمين الأفذاذ الذين تضاءلت حظوظهم أو مروا بأوقات عصيبة شأنه شأن الملاكمين القدماء مثل سام انجفورد الذي أصبح مكفوفاً ومفلساً، وجو لويس الذي ذهب إلى قبره. إلا أن دائرة الإيرادات الداخلية - طبقاً للتقرير المُشار إليه بعاليه- كانت وما زالت تلاحقه للحصول على الضريبة التي كانت تطالبه بها، إلى العصر الحديث مثل مايك تايسون الملاكم الأغنى في تاريخ هذه الرياضة الذي يبدو أنه لم يأخذ احتياطاته في كيفية إدارة أمواله.
من الواضح أن هذه الحال - حد روميو- ليست فريدة من نوعها بالنسبة إلى الملاكمين، ولكن الثروات التي يحصلون عليها هي في مثل هذه الخطورة ويجب تشغيلها حتى لا تجعل حكايات الإفلاس المتكررة أكثر مأسوية، لا سيما عندما "نرى دلائل الحصول على مبالغ طائلة، وهي غالباً ما تكون حافزاً للقتال في المقام الأول". "الملاكمة هي مخرج سريع من الفقر". هكذا يقول بطل العالم السابق في وزن خفيف الثقيل تصنيف المجلس العالمي للملاكمة البريطاني جون كونتي في سيرته الذاتية "أنا كونتي"، إلا أنه يستدرك: "للشخص الذي له هاجس الحصول على الملايين من الجنيهات الاسترلينية، أنا لم أكن جيداً في حساب البنسات".
ولكن "لماذا هذه المعاناة لدرجة كبيرة بين الملاكمين من الطراز الأول؟ وكيف أن الانضباط والتفاني والإتقان الاستثنائي الذي أبداه هؤلاء الملاكمون في الحلبة لم يمكنهم من نقلها إلى مناطق أخرى من حياتهم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأمور المالية؟" يتساءل روفائيل.
المدير والمروج والمدرب آدم بوث يعتقد بأن الطابع المتناقض للمطالب يوفر الدليل. إذ يقول: "إن بعض الخصائص التي تسمح للملاكم بأن يصبح بطلاً - العدوان والبداهة والرغبة في الهيمنة- في بعض الأحيان يمكن أن تصبح ضارة في جوانب أخرى من الحياة. قد يكون من الصعب إيجاد ملاكم، مع فطرية الرغبة في القتال، تحويل تلك السمات والجلوس بهدوء لدراسة دخله مثل أي محاسب. وإذا كان يمكن أن يفعل ذلك، فإنه من المحتمل أن يكون مصاباً بالانفصام الشخصي".
عدم الاستقرار وعدم الدقة لطبيعة الاقتصاد هما أيضاً من العوامل التي يمكن النظر إليها. وفشل الاستثمارات هي سمة مشتركة أخرى للملاكمين الذين يفقدون ثرواتهم. ويعقب المدير والمروج البريطاني المعروف فرانك وارن على ذلك بقوله: "يمكن أن يحدث هذا لأي شخص. إذ حدث معي تقريباً عندما استثمرت بكثافة في لندن أرينا وكدت أخسر كل ما أملك. ولا يخفى على أحد أن كرة القدم والملاكمة هي رياضة للطبقة العاملة، لذلك فالتعليم هو مفتاح الحل".
ويوافق على ذلك بطل العالم السابق لوزن خفيف الثقيل ديفيد هاي الذي يعتقد بأن النقص في التعليم هو السبب الرئيس، إلا أنه يقول: "أنا لا أقول إن الملاكمين أغبياء، ولكن لا يتجاوز تعليم معظمهم مرحلة الثانوية. لم يدرسوا علم الاقتصاد وقضوا معظم أوقاتهم في مراكز رياضية وتدريبية في محاولة لأن يكونوا أفضل المقاتلين. الحصول على مساعدة من مستشارين يثقون بهم هو أمر حاسم".