لم يعد المدنيون وحدهم عرضة للاختطاف فقد تطور الأمر وصار الضحية هذه المرة ضابط أمن لا علاقة له بنزاع دفع هو ثمنه بسبب انتمائه لمنطقة أحد طرفي النزاع. النقيب ناجي مقولة وجد نفسه قبل 25 يوم في قبضة خاطفين لا يعنيهم أن يكون غير معني بمشكلتهم، فبينما كان ضابط الأمن يمشي بالقرب من قريته لشراء قات من إحدى المزارع القريبة، طلب منه الخاطفون الصعود معهم على السيارة ولأنه غير مذنب فلم يخطر بباله أن خطرا قد يلحق به جراء استجابته لهم على الفور.
ويؤكد ناجي مقوله أن أسلحة الخاطفين وجهت له مباشرة، حتى يسلم بالأمر ويذهب به الخاطفون بعيدا الى حيث نزل العشرات من المخطوفين قبله.
كيف داهمه الخطر الى قرية يهابها القادمون إليها وتبدو من على بعد منطقة عسكرية، فبيت مقوله لا تفصلها عن قرية الرئيس علي عبدالله صالح سوى مئات الأمتار، كما أن ساكنيها هم في غالبهم كبار القادة في جهازي القوات المسلحة والأمن. المخطوف وهو ضابط أمن يؤكد أن الخاطفين كانوا يمرون به متجاوزين النقاط العسكرية بسهولة، بلغة مقتضبة كان يجيب على أسئلة المصدر ودون أدتى رغبة في الخوض في التفاصيل "كانوا يخطوا من جنب النقطة ولا أحد يحاكيهم، ما وقفوهمش الزملاء في النقطة ما نش داري ليش ما نش حقهم القايد".
كما يؤكد أنه لم يستطع الصراخ لأنهم هددوه بفقدان حياته إن أقدم على مجازفة كهذه. وبينما بدا المخطوف في ملابس نظيفة مقارنة بالمكان الذي يقطن فيه إلا أن وضعه النفسي كان في غاية السوء، طيلة حديثة للمصدر لم يتوقف عن مضغ سيجاراته المتعاقبة حيث استهلك أكثر من عشر حبات بصورة عصبية خلال عشر دقائق حاولت المصدر استنطاقه فيها.
هو أسير قارب على إنهاء الشهر في اصطبل صغير جدرانه وأرضيته ترابية ويفتقر للتهوية والإضاءة، إلا أنه لم يتأقلم مع ذلك الوضع ويتضايق إن سمع كلمة مخطوف فهو يرفضها ويسلي نفسه بأنه مجرد ضيف دون النظر إلى أنها ضيافة إجبارية. يشعر المخطوف بالعار وعبر عن سخطه على قيادة وحدته العسكرية –الأمن المركزي- الذي قال أنه أبلغ أحد ضباطه ويدعى محمد عيسى مستغرباً كيف لم يتحرك وأحد ضباطه مخطوف وكان أكثر جرأة حين نعت خاطفيه بالجبناء لأنهم أخذوه أعزل من السلاح كان الكلام بالطبع في حضورهم.
بدا عصبياً حين أشار إلى أحد الخاطفين وهو يلبس جاكت عسكري للأمن المركزي قائلاً: اسأل الأمن المركزي و جنبك هم يتعسكروا ويأخذوا معاشات ويرجعوا يختطفوا.
وعند سؤالي له ما سبب الاختطافات في رأيك قال: "المسؤولين في الأمن المركزي ووزارة الدفاع هم عارفين بالخاطفين ويقدروا يوقعوهم لكن لأنهم مستفيدين يسهلوا لهم العملية".
وصل الأمر بالنقيب مقولة إلى التهديد بالانتحار إذا لم يتم الإفراج عنه وهو ما جعل الخاطفين يبعدون كل الآلات الحادة من جواره ويمنعون اقترابه من السلاح وكما قال أحدهم ويدعى عز الدين: "حاول يهرب أكثر من مرة في آخرها كنت مرافقاً له عندما ذهب للبول لكنه طلب مني الابتعاد فاستحيت وابتعدت عنه وكان الظلام حالك والكشاف الذي معي انطفأ، المخطوف يحبو على ركبة ويتسلل ويهرب. ويضيف اختبأ في إحدى سواقي المزرعة مغطيا نفسه بأشجار يابسة الآن ندخل عليه ونحن في حذر تام".
خلفية الاختطاف ربما عرفها المخطوف من خاطفيه ذات مقيل، وكانت المصدر قد نشرت تقريرا عن القضية فور حدوث عملية الاختطاف.
فقد تسبب المنزل الواقع في إحدى ضواحي العاصمة صنعاء، - والذي هجره صاحبه المحسوب على الطرف الخاسر في حرب صيف 94م- في صراع طويل بين سنحان وبني ضبيان الأولى بما لها من سلطة والثانية بما تملك من قوة القبيلة وخبرة الاختطاف.
منزل د.باوزير الطبيب الخاص بنائب الرئيس حينها علي سالم البيض اقتسمه اثنان ينتيمان الى سنحان أحدهما ضابط في القوات المسلحة والثاني أحد الوجاهات الاجتماعية.
وحرصا من أحد المتفيدين على تأمين غنيمته المتمثلة في شق من المنزل استأجر أحد قبائل بني ضبيان لحمايته ويدعى أحمد حسين الجركي، وعندما علم الجركي بحقيقة الأمر رفض تسليم المنزل للأكوع وهو ما أدى إلى خلاف بين الطرفين أصيب خلاله الجركي بعدة طلقات نارية في بطنه. الخاطفون
هدأت القضية عدة سنوات ثم عادت للضوء مرة أخرى بعد عودة باوزير إلى اليمن وتم سجن "الجركي" منذ خمسة أشهر دون حكم قضائي وتتحول القضية إلى خلاف بين قبيلتين سنحان وبني ضبيان يقول الشيخ علي الدهش أحد مشائخ آل شايع (بني ضبيان):
كتبنا لهم نشد (كتاب مطالبة) نطالبهم فيه برد آل الأكوع الذين هم أنساب الرئيس وأخوال أولاده، لكن مقصع جوب علينا خذوا لكم اثنين وإلا ثلاثة من سنحان يا بني ضبيان ولم يردوا أصحابهم".
وكان مجاميع من قبائل بني ضبيان نصبوا خيمة اعتصام سلمي لمدة 15 يوما في منطقة حجانه قبل تنفيذ عملية الاختطاف مطالبين بتقديم آل الأكوع للمحاكمة أو الإفراج عن أحمد الجركي ولما لم يتم تلبيه مطالبهم قاموا باختطاف ضابط الأمن المركزي النقيب ناجي حسين عامر مقولة.
يهدد الخاطفون بتصعيد الأمور ولو وصلت إلى سفك الدم – بحسب حديث الشيخ أحمد الجرتي ل"المصدر" وهذه مجرد إشارة فقط وحلقة في سلسلة صراعنا مع سنحان.
يتهم الخاطفون قبيلة الرئيس وأنسابه بالذات آل الأكوع بأنهم نهبوا منزل باوزير واعتدوا على صاحبهم مؤكدين استعدادهم لإخراج صاحبهم إذا سلم البيت لباوزير "أما أن يبقى لسنحان فلا وألف لا".
ويتهمون الدولة بالعجز عن إنصاف المظلوم وأنها تحابي الظالم يقول الشيخ ناجي الجرتي: "كنت في إحدى جلسات التحقيق مع أحمد حسين الجرتي حاضراً عندما طلب من القاضي أن يحضر غريمه والمعتدي عليه الأكوع إلى جواره في السجن حينه قال القاضي بلهجة مرتبكة: ليست قادراً على ذلك أنا فقط مكلف بالتحقيق في ملفك الذي بين يدي مؤكداً أن القاضي قال: أنا لا أستطيع أن أحكم لأي من الطرفين لأن كل الوثائق التي بيدي تدل على أن المنزل لباوزير".
بينما نحن في طريق العودة صادفنا سيارة جيب رصاصي حبة وربع كان على متنها مجموعة مسلحين منهم 4 بلباس الأمن العام والأمن المركزي. توقفت أمامنا لأن الطريق ضيق ولما اقتربنا منها صاح أحد مستقليها بلهجته البدوية مبشرا أصحابه "ضيف ضيف معنا ضيف" فانطلق سائق السيارة التي كنا على متنها بسرعة خاطفة لأنه فهم أن صيدا جديدا ظفر به رفاقه. لأفهم فيما بعد أن الضيف كان بالطبع رجل الأعمال عبدالملك الخامري مدير فندق حده رماده الذي اختطف صباح السبت الماضي من العاصمة صنعاء.