تسببت الخلافات السياسية ومفاوضات اللحظة الاخيرة في ارجاء تشكيل حكومة عراقية جديدة يوم الاثنين مما يقوض امال العراقيين والمستثمرين في الخارج الذين يريدون الاستقرار لاعادة اعمار البلاد بعد سنوات من الحرب. ويمر العراق بفراغ سياسي منذ الانتخابات غير الحاسمة التي جرت في مارس اذار ولم تسفر عن فائز واضح وقال أعضاء في مجلس النواب ان خطة رئيس الوزراء نوري المالكي لاعلان تشكيل حكومته الجديدة امام البرلمان تعطلت بسبب الخلافات بشأن توزيع المناصب الوزارية.
وقال رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي للصحفيين ان البرلمان لن يعقد جلسة يوم الاثنين لاقرار الحكومة الجديدة.
واخر موعد لتقديم تشكيلة الحكومة الجديدة هو نهاية الاسبوع وتبرز تلك الخلافات الانقسامات العرقية والطائفية التي تهيمن على البلاد بعد سبع سنوات ونصف السنة من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة وأطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وقال مسؤولون كبار ان أحدث قائمة للمالكي لمناصب الحكومة تضم وزير النفط الحالي حسين الشهرستاني نائبا لرئيس الوزراء للطاقة بينما سيتولى نائب وزير النفط عبد الكريم اللعيبي منصب الوزير.
ولم تقدم القائمة بعد الى البرلمان.
والشهرستاني هو مهندس الخطط الطموح لتحويل العراق الى واحد من البلدان الرئيسية لانتاج النفط. وقال مسؤول رفيع ان الشهرستاني سعى من أجل تأكيدات بأنه ستكون لديه سلطة كافية كنائب لرئيس الوزراء للتأثير على شؤون الطاقة في العراق وهو ما حصل عليه.
وكان من المتوقع أن يقدم المالكي قائمة حكومته الى رئيس البرلمان يوم الاثنين.
ويحتاج الوزراء المعينون الى موافقة البرلمان وتعهد بعض النواب بعدم اجراء أي تصويت لحين تقديم الحكومة بالكامل ووقف المساومات.
وقال أمير الكناني وهو نائب شيعي في الكتلة المؤيدة لرجل الدين المعادي للولايات المتحدة مقتدى الصدر ان البرلمان لن يصوت على حكومة ناقصة.
وقال شادي حامد مدير الابحاث في مركز بروكينجز الدوحة ان تأخير يوم الاثنين ليس مفاجئا.
وأضاف "اتفاقات (حكومات) الوحدة الوطنية صعبة حتى في أفضل الظروف لكن هذه أبعد ما تكون عن كونها أفضل الظروف."
ويتوق العراقيون والمستثمرون الاجانب الذين يريدون المساعدة في تطوير الاحتياطيات النفطية واعادة بناء البنية الاساسية التي دمرتها الحرب لاتفاق الكتل السياسية على حكومة جديدة وهو ما يعتبرونه علامة على عودة الاستقرار السياسي.
ويرى المحلل السياسي العراقي ابراهيم الصميدعي أن الخلافات كانت محاولة من الاحزاب السياسية للحصول على تنازلات من المالكي فيما يتعلق بالتعيينات الوزارية.
وقال "هنالك بعض الكتل تريد الضغط على المالكي لتجعله يستجيب لمطالبها... لكن المالكي يستطيع قلب الطاولة عليهم ويستطيع ان يذهب للبرلمان بنصف التشكيلة الوزارية اخذا بالاعتبار انه متأكد من الحصول على الاغلبية في البرلمان."
وقال نواب ان النقاط الشائكة تشمل شغل منصب وزارة المالية ونواب الرئيس ونواب رئيس الوزراء. وقالوا ان المناصب الحساسة ومن بينها وزراء الداخلية والدفاع والامن القومي لم يتقرر بعد من سيشغلها.
وأسفر اتفاق لتقاسم السلطة تم التوصل اليه في الشهر الماضي بين الكتل الشيعية والسنية والكردية عن تولي المالكي رئاسة الحكومة لفترة ثانية. كما أبقى الاتفاق الذي تم في العاشر من نوفمبر تشرين الثاني على الكردي جلال الطالباني رئيسا للدولة ومنح رئاسة البرلمان للسني أسامة النجيفي.
ولم يتمكن رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي -وهو شيعي علماني حصل تكتله الذي يتألف من مختلف الطوائف على أغلب المقاعد في الانتخابات- من تأمين دعم كاف لتولي رئاسة الوزراء لكنه يقول انه سينضم أيضا للحكومة كرئيس للمجلس الوطني للسياسة الاستراتيجية.
وربما يؤدي قرار علاوي الذي أعلنه يوم الاحد بعد أسابيع من التردد الى تهدئة المخاوف من تجدد العنف الطائفي.
ويسعى العراق الى اعادة بناء البنية الاساسية التي تداعت بعد عشرات السنين من الحروب والعقوبات. وهو يعتمد على النفط في الحصول على 95 في المئة من الايرادات الاتحادية ووضع أهدافا طموحة لزيادة الانتاج الى 12 مليون برميل يوميا على مدى السنوات الست أو السبع القادمة ارتفاعا من الناتج الحالي الذي يبلغ 2.5 مليون برميل يوميا.