أقر البرلمان العراقي تعيين نوري المالكي رئيسا للوزراء ووافق على حكومته الجديدة يوم الثلاثاء بعد تسعة أشهر من انتخابات غير حاسمة تركت العراق في فراغ سياسي وأخرت استثمارات لازمة لاعادة اعمار العراق. ووافق النواب على تعيين المالكي وعلى تشكيلة الحكومة الجديدة التي شملت ترقية وزير النفط حسين الشهرستاني الى نائب لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة واستمرار الكردي المخضرم هوشيار زيباري وزيرا للخارجية. وفيما يبرز الانقسامات العرقية والطائفية في البلاد اضطر البرلمان الى تأجيل التصويت يوم الاثنين الى يوم الثلاثاء بعد أن عطلت خلافات بين المجموعات السياسية في اللحظة الاخيرة ومساومات سياسية على المناصب تشكيل الحكومة. وبينما كان المالكي يقرأ أسماء الوزراء واحدا تلو الاخر كان رئيس البرلمان اسامة النجيفي يرصد الايادي المرفوعة في القاعة ويقول ان الاغلبية أقرته في كل مرة. ولم يطلب رئيس البرلمان رفع الايدي للمعارضين للمرشح أو الممتنعين عن التصويت. وفي تصويت منفصل أقر البرلمان ثلاثة نواب لرئيس الوزراء بالاضافة الى وزراء اخرين ومنهاج عمل الحكومة. وأعلن بعد ذلك تشكيل الحكومة برئاسة نوري المالكي. وأقر المالكي بأن قائمة تشكيل حكومته ليست مثالية. وقال للنواب انه لا يمكنه القول ان هذه الحكومة بكل تشكيلاتها ترضي طموحات المواطنين أو الكتل السياسية أو طموحاته هو أو طموحات أي شخص لانه تم تشكيلها في ظروف غير عادية. وقال رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي وهو شيعي علماني حصل تكتله المتعدد الطوائف على اكبر عدد من المقاعد في الانتخابات لكنه لم يتمكن من جمع أغلبية في البرلمان لتولي رئاسة الوزراء انه سيشارك بشكل كامل في الحكومة. وأعلن علاوي انه سينضم للحكومة كرئيس للمجلس الوطني للسياسة الاستراتيجية. واحتجت نائبتان في اجتماع البرلمان يوم الثلاثاء على غياب المرأة عن تشكيل الحكومة الجديدة. وأشاد الرئيس الامريكي باراك اوباما بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وقال في بيان "قرارهم تشكيل حكومة مشاركة تضم الجميع هي رفض واضح لجهود المتطرفين لاثارة الانقسامات الطائفية." ولم يقرر المالكي بعد خياراته لشغل 11 منصبا من بينها وزارات حساسة معنية بالامن مثل الدفاع والداخلية. وتضمنت القائمة وزراء بالوكالة لادارة هذه الوزارات. وقام رئيس الوزراء بترقية نائب وزير النفط عبد الكريم اللعيبي الى وزير وتعيين الزعيم السني البارز رافع العيساوي وزيرا للمالية. وقال شادي حميد من مركز بروكينجز الدوحة ان الاتفاق الذي توصلت اليه الاطراف تفصيلي الى حد ما لكن المهم هو انها تمكنت من الوصول الى هذه النقطة من خلال مفاوضات سلمية دون أي عودة للعنف الواسع النطاق. وأضاف انه برغم ذلك فاتفاقات اقتسام السلطة من هذا النوع تكون عادة هشة ولذلك ستمثل الاشهر القليلة القادمة اختبارا حاسما للكتل المتنافسة. ويراقب المستثمرون الاجانب التطورات في قطاع النفط باهتمام شديد مع حرص البلاد على تطوير الاحتياطيات النفطية واعادة بناء البنية الاساسية التي دمرتها الحرب والعقوبات الاقتصادية الدولية. والشهرستاني هو مهندس الخطط الطموح لتحويل العراق الى واحد من البلدان الرئيسية المنتجة للنفط. وأبرم خلال توليه الوزارة سلسلة من العقود مع كبريات شركات النفط لرفع القدرة الانتاجية للعراق الى 12 مليون برميل يوميا لينافس السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم من نحو 2.5 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي. وبالنسبة لشركات النفط العالمية سيعتبر استمرار الشهرستاني في الاشراف على قطاع النفط ضمانا للوفاء بالعقود التي اتفق عليها في غياب ضمانات رسمية لان العراق ما زال يفتقر الى قانون جديد بشأن الهيدروكربونات. كما يمكن النظر الى تعيين اللعيبي على انه علامة على الاستمرار للشركات التي وقعت صفقات مع العراق لتطوير حقوله النفطية وهي من اكبر الحقول في العالم لكنها عانت من نقص الاستثمارات اثناء عقود من الحرب والعقوبات الاقتصادية الدولية. وأسفر اتفاق لتقاسم السلطة تم التوصل اليه الشهر الماضي بين الكتل الشيعية والسنية والكردية عن تولي المالكي رئاسة الحكومة لفترة ثانية. كما أبقى الاتفاق الذي تم في العاشر من نوفمبر تشرين الثاني على الكردي جلال الطالباني رئيسا للدولة ومنح رئاسة البرلمان للسني أسامة النجيفي. وقالت ايمان رجب الخبيرة في الشؤون العراقية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة ان الحكومة الجديدة لن تحصل على فترة شهر عسل بسبب نفاد صبر العراقيين بعد تسعة أشهر من الجمود. وأضافت ان الحكومة الجديدة لن تتوفر لها رفاهية اعداد خطة في شهور ثم تنفيذها في سنوات فالناس يريدون حلولا سريعة لتوفير الخدمات الاجتماعية والتصدي لتحديات الامن.