شككت أوساط حزبية وسياسية باليمن في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ووصفوا دوره بأنه شكلي ولا يمت إلى الرقابة بصلة، فيما نفى مصدر مسؤول تلك المزاعم مؤكدا حيادية الجهاز واستقلاليته. واتهمت تلك الأوساط الجهاز -التي تتبع رئاسة الجمهورية إداريا وماليا – بممارسة الضغط على المسؤولين وتسخير نتائج قراراته كأداة تأديبية عند اللزوم ولشراء ذممهم.
بيوت خاوية واستبعد المحلل السياسي عضو لجنة الحوار الوطني محمد الظاهري قدرة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على القيام بالمهام التي خولها القانون له على الوجه الأكمل. وقال للجزيرة نت إن التقارير والتوصيات الصادرة عنه لا يأخذ صانع القرار السياسي بها، لافتا إلى أن هذه الإشكالية تنطبق على السلطة التنفيذية بشكل عام.
وزعم أن قرارات الجهاز المركزي لا تخرج إلى النور لارتباطها بطبيعة النظام السياسي، مستشهدا بعدم محاسبة أو محاكمة فاسد واحد وهم كثر، وفق تعبيره.
ويرى أن مجلسي النواب والشورى والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تصدر تقارير وتوصيات لكن لا يؤخذ بها، معتبرا إياها "بيوتا خاوية".
وطالب الظاهري السلطة التنفيذية بتحويل هذه التقارير إلى واقع ملموس ومحاسبة من سماهم " القطط السمان" الذين لبسوا عباءة الوطنية بدلا من إبقاء تلك التقارير في الأدراج.
تبعية من جهته يذكر الباحث ورئيس مركز التدريب الإعلامي والتنمية رشاد الشرعبي في دراسة له أن قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولائحته التنفيذية لم يتضمنا أي إشارة للشفافية.
وحسب الدراسة لا يسمح لموظف الجهاز بإفشاء سرية القضايا التي يطلع عليها بحكم مباشرة مهام وظيفته، ويتعرض العضو لعقوبات تأديبية تصل إلى قطع الراتب والفصل من الوظيفة في حالة تسريبه أي معلومات للرأي العام. وأكد الشرعبي للجزيرة نت أن تقارير الجهاز تستخدم لابتزاز مسؤولين من قبل جهات نافذة باعتباره لا يزال تابعا لرئاسة الجمهورية ماليا وإداريا.
ويرى أن هذه التبعية أدت لقصور واضح في أداء الجهاز لمهامه، بدليل أن الكثير من منتهكي القانون التي تدينهم تقاريره لا تتم محاكمتهم، واشترط الشرعبي أن يكون الجهاز تابعا لمجلس النواب حتى تتحقق الاستقلالية التامة له. رد الاتهام من جهته نفى وكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يحيى زهرة تهمة عدم استقلالية الجهاز، مشيرا أن المادة 22 من قانون إنشاء الجهاز تنص على أن الجهاز جهة رقابية مستقلة في أداء مهامها، ولا يجوز لأي جهة كانت التدخل في شؤونها وفروعها وموظفيها بأي صورة كانت.
واستدل في حديث للجزيرة نت بالمادة 23 التي نصت على عدم جواز مباشرة جميع موظفي الجهاز لأي أعمال تمس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باستقلالية الجهاز وحياديته في العمل الرقابي. وأشار إلى أن المادة الجديدة المقترحة في التعديلات الدستورية تنسجم مع المعايير الصادرة عن منظمة الرقابة العليا الدولية "إنتو سايد".
وأكد أن اتهام الجهاز يعود إلى ضعف الوعي الرقابي والجهل بعمل الجهاز لدى البعض، مشيرا أن بيان الرقابة السنوي الذي تناول بشكل دقيق لنشاط الوزارات والمؤسسات والهيئات والصناديق الحكومية المستقلة والملحقة يدحض تلك التهم.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن التقرير تضمن المؤشرات الاقتصادية كالبطالة ومعدل النمو والموارد البشرية المتعلقة بالصحة والتعليم إلى جانب مؤشرات الألفية وأهم النتائج المالية.
ويشمل ذلك المشتقات النفطية والدين العام المحلي والخارجي والقدرات الاستيعابية للمنح والقروض وإثارة موضوع تدني كمية النفط وضعف الموارد الضريبية والإنفاق.
وقال زهرة إن الجهاز قدم تقريره لمجلسي النواب والشورى والحكومة لاقتراح المعالجات في ضوء توصيات الجهات ومحاسبة المتسببين.