لن يفعل الله به مثلما فعل ب"بن علي"، فقد بنى له مسجدا كبيرا، فيما رئيس تونس المخلوع منع الدخول إلى المساجد إلا بالبطائق.. "اليمن ليست كتونس، فهناك منعوا الدخول إلى المساجد إلا بالبطائق ليتأكدوا أنك مسلم"، بهذه الكلمات فقط لخص الرئيس علي عبدالله صالح العبرة مما حدث في تونس، أو هكذا يريد أن "يفهم" أن ما جرى لزين العابدين بن علي لم يكن ثورة شعب أخرجه الظلم والفساد، وإنما انتقام إلهي لدينه ومساجده وغطاء شعر المحجبات. ليس عفويا ما قاله الرئيس في المؤتمر السنوي لقادة القوات المسلحة والأمن الأحد، فهو يبدو كخطاب رسمي يراد تمريره للشعب، فوزير الداخلية رشاد المصري كان قد تحدث عن ذلك الفرق المتمثل في حرية المساجد، في المقابلة التلفزيونية التي أعيدت في كل نشرات أخبار الأيام الماضية التلفزيونية والإذاعية. اللافت أن هذا التبرير للحالة التونسية بات ملحوظا لدى بعض المتدينين وخطباء المساجد الرسميين، وأفراد الجيش والأمن، ألا يبدو الأمر غير طبيعيي!؟ ما ليس طبيعيا أيضا، أن رجلا حكم 32 سنة يعتقد فعلا أن قرينا له في حكم دولة شقيقة لم يكن شعبه ليثور عليه لولا منعه لهم من دخول المساجد، إلا إذا كان يحتفظ ببساطة القروي الذي جاء من "سنحان" للتو.. مع أن ذلك القروي المفترض يعرف أن "الإمام يحيى" كان رجلا صالحا أيضا.. ربما كان صادقا، ووجد أن كل ما كان في نظام تونس البائد يشبه نظامه كثيرا، ولم يكن هناك فرق إلا أن يفرض على الناس دخول المساجد بالبطائق، وراقه أن يجعل من ذلك التبرير الرسمي لما حدث، لينام شعبه على أن ما جرى ل"بن علي" لم يكن غير انتقام إلهي لا علاقة لهم به في اليمن. لكني لا أظنه جادا، ويطمئن لذلك التبرير، لينام قرير العين متكئا على قربانه الكبير "جامع الصالح"، أو لقب الرئيس الصالح،.. أظنه يدرك أن الأمر ليس بتلك البساطة. اليمن ليست تونس، فعلا، لكن ليس لأنها منعت الحجاب، وغلقت المساجد في غير أوقات الصلاة، وأننا لم نفعل ذلك، ربما قصدت بكلامك عنه المقارنة بين "القمع" الذي كان يعيشه التوانسة، وبين "الحرية" التي نعيشها، لكنك تدرك جيدا أن "قمع التوانسة" كان محبطا، كما هي حريتنا محبطة ولا تؤدي إلى شيء.. اليمن ليست تونس، كما ليس لربطة عنقك البنفسجية التي ظهرت بها أمام القادة العسكريين علاقة بحب "بن علي" المفرط للون البنفسجي الذي يظهر في معظم ربطات عنقه وخلفيات صوره كلون رسمي لحملاته الانتخابية، كما راق لبعض المتحاذقين المقارنة بينهما.. اليمن ليست تونس كما أنها ليست مصر أيضا، وتجربتها الانتخابية الأخيرة التي فرحتم بها كثيرا، وكان أثرها واضحا على سياستكم قبل أحداث تونس التي تفرح بها المعارضة الآن، مع أنك كنت تدرك ومن معك في السلطة، كما يدركون في المعارضة، كما ندرك جميعا، أننا لا نشبه أحدا ولا يشبهنا أحد، وأي ما سنفعله لن يشبه غيرنا أبدا.. فعلا، لا تشبه تونس اليمن، لكن ليس في ذلك ما يطمئن سيدي الرئيس..