ماذا لو اجتمع عدد من أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني في غياب د.ياسين سعيد نعمان، وأصدروا بياناً تضامنياً مع وزير ما في الحكومة في مواجهة قضية أثارت جدلاً وطنياً، وأمام خطأ فادح وقع فيه الوزير.
ماذا لو قام عدد من أعضاء الأمانة العامة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ومن وراء ظهر الأمين العام سلطان حزام العتواني بنفس السلوك رغم الرأي القائل بعدم اتخاذ موقف منحاز لأي طرف من أطراف الخلاف حتى تتضح الصورة باعتبار الصمت يمكن أن يكون هو الخيار الصائب والمفضل لدى العتواني في تنظيمه ود.ياسين في حزبه.
ماذا لو جرى هذا؟ وكيف سيتصرف القائدان الحزبيان مع من قاموا بهذا التصرف؟ وما هي الأوصاف التي يمكن أن يصفوا بها البيان الذي صدر أو التصرف الذي قام به رفاقهم؟.
بالإجابة عن تلك الأسئلة يمكن فهم أي إجراء قد يقدم عليه نقيب المحامين اليمنيين عبدالله راجح وبقية أعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين ممن رفضوا المشاركة في إصدار (بيان الليل) الذي تم من خلاله انتحال صفة التمثيل لنقابة المحامين في التضامن مع وزير العدل في مواجهة الأزمة التي يقف فيها مجلس النواب مع احد أعضائه المنتهكة حصانته بالمخالفة للدستور والقانون.
هل يكفي ان يصدر بيان من مجلس نقابة المحامين ينفي البيان التضامني الصادر عن محامين من أبناء محافظة الوزير وضواحيها، أم أن الأمر بحاجة لمعالجة أقوي في مواجهة أزمة تعصف بنقابة المحامين بسبب تصرف غير مسئول وغير مهني من بعض الأعضاء في القيادة.
شخصياً..كمحامي، اعتقد أن الدعوة لمؤتمر عام للنقابة والمطالبة بمحاسبة أعضاء المجلس الذين تجاوزوا وأقدموا على هذا التصرف سيكون اقل ما يمكن عمله أو المطالبة به، ولهذا الإجراء أسباب كثيرة أهمها أن الخطأ الذي وقع فيه الزملاء مُصدرو (بيان الليل) سينعكس بآثاره على النقابة وتماسكها ودورها المهني، وستكون هذه السابقة مبرر لكل مجلس فرع أن يجتمع عدد من أعضائه لإصدار بيان في قضية قد يكون عدد آخر من أعضاء المجلس موكلين في الترافع في القضية محل البيان، وهو ما حصل في قضية البرطي والشوافي -التي يطلب مجلس النواب سحب الثقة من وزير العدل بسببها –حيث أن أحد الداعين للبيان والموقعين عليه محامي الشوافي وأحد أعضاء المجلس من غير الموقعين محام مع البرطي.
وهكذا تتحول النقابة إلى كيانات منقسمة وجزر تحارب بعضها البعض بالبيانات الليلية.
يؤسفني كمحام ومحسوب على المعارضة أن من قام بهذا التصرف المهدد لكيان النقابة ووحدتها هم ممن يحسبون على المعارضة. ويؤسفني أكثر أن الدوافع تنبعث منها روائح غير طيبة. ويحزنني أن التداعيات ستنعكس بآثارها على نقابة المحامين التي كانت إلى وقت غير بعيد تقدم نموذجاً في التعامل المهني المتجاوز للحزبية بمفهومها الضيق واحترامها للتعدد الحزبي باعتباره لا يتعارض مع الدور المهني.
إن فقدان الثقة بين أعضاء المجلس سيكون هو العنوان الأبرز -كنتيجة لإصدار البيان- الذي سيؤثر على أداء المجلس وسيجعله غير قادر على التعامل بثقة بين أعضائه وبين النقيب، وبالتالي يمكن أن تتعطل أي محاولات لتقديم الخدمات وحل مشاكل المحامين باعتبارها الغاية الأولى من انتخاب المجلس.
بيان الليل الذي يزعم الدفاع عن استقلال السلطة القضائية ظل طريقة للدفاع عن عضو في السلطة التنفيذية، وبذلك فإن من أصدروه يحاولون أن يعطوا انطباع بأن أعضاء المجلس الموقعين على البيان أقوياء وأن النقيب ضعيف، وهو غير صحيح حيث كان نقيب المحامين قوياً جدا وهو يرفض أن يجرجر النقابة إلى مواقف غير محسوبة ومغامرات طائشة لا علاقة لها بالدور المهني للنقابة، وهو قوي عندما رفض أن يؤيد شخصاً ينتمي إلى نفس الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه. كما أنه كان قوي عندما قاوم محاولات نافذين في السلطة لإصدار بيان يتضامن مع وزير العدل إدراكاً منه لأبعاد الموضوع وعدم جواز الانسياق وراء أي طرف حتى تتضح الصورة ولا يتحول إلى طرف يحسب على هذا وذاك، وأصر أن يبقى منحازاً للمهنة ومنتسبيها.
مرة أخرى..يبقى السؤال مناطاً بالقائدين الكبيرين سلطان حزام ود.ياسين سعيد نعمان..ماذا لو؟ خاص بالمصدر