لا أحد ينكر الوضع السيء الذي وصلت اليه اليمن ، إنه وضع أكثر من السيئ ، وضع يجبرنا على تغييره بشتى الأساليب مهما كلفنا من ثمن ، إن الوضع الحالي بحاجة الى تضحية كبيرة ، وبحاجة الى تغيير سريع ، لأن الوقت يداهمنا ولا سبيل للإنتظار .. لعلنا سمعنا صرخات الشباب المدوية التي تعشق التغيير وتهيم بالثورة ، وتتوق في الوصول باليمن إلى بر الأمان .. النظام سريحل قريبا ، ومهما حاولنا أن نخدع أنفسنا فإنه ،سيرحل والرئيس سيرحل ، لقد استمر الرئيس صالح في الحكم 33 عاما، ولدت والرئيس موجود ، وحصلت على الشهادة الثانوية والرئيس مازال يخدع الناس ، وبعد حصولي على البكالويوس مازال الرئيس يحكمنا رغم مقتنا الشديد لحكمه ، لكني أخشى أن ألقى الله والرئيس مازال يحكمنا.
لقد انتهى جيلا كاملا ومازال الرئيس يرقص على رؤس الثعابين ، ويرقص مع كل مأساة يتجرعها اليمنيون ، لقد عاصر 11 رئيس وزراء إسرائيلي و5 رؤساء أمريكيين و3 ملوك سعوديين دون أن يخجل أو يمل من شهوة الكرسي المقيت .
كثير من الشباب يصرحون بأنهم سيضحون بأنفسهم وبأرواحهم في سبيل التغيير ، سيعملون المستحيل من أجل إسقاط النظام ، سيتجرعون المأساة ويحتسون التضحية ، ويرتشفون النضال، وسيشربون من بحر الحرية حتى يصلون الى شاطئ التغيير ويمسكون بالنظام الحالي ويقومون بشنقه أمام الجميع حتى وإن كلف ذلك الكثير من التضحيات .
فهم الجميع ما يحدث في تونس والرئيس لم يفهم ، عرف الجميع ما يحدث في مصر والرئيس لم يعرف ، كثير من الحكام عقدوا صفقات مع شعوبهم والرئيس عقد صفقات مع أسرته وكان آخر ذلك إنشاء قوةعسكرية جديدة وتعيين نجله الأصغر خالد قائدا لها . أصبنا بالغثيان والأمراض المزمنة ، وسيطر علينا اليأس من كل إتجاه ، وأحاطت بنا سياجات العنف ، وعشنا حياة متخمة بالحروب على حمامات من الدماء في شمال الوطن وجنوبه ، ولدنا من رحم المعاناة ، واحتضتنا المأساة من الشهور الأولى، ورضعنا من ثديي المتاعب والآلام ، وعشنا مع أسرنا حياة مبكية ومحزنة ، حياة مزقت أحلامنا ، وكل ذلك نتيجة الاستبداد والحكم الجائر الذي لايعرف إلا لغة العنف وإهانة الشعوب . إننا نعيش حياة مأساوية حيث لم يعد لها مخرجا إلا برحيل النظام ، فقد شبعنا تصريحات رنانة ووعود كاذبة لا تسمن ولا تغني من جوع ،أصبح اليمني يهان في الداخل والخارج ، يجازف اليمني بحياته كي تحيا أسرته ، يعيش المواطن حياة مليئة بشتى صنوف المخاطرة كي لايموت أطفاله من الجوع ،خصوصا وأن التقارير تؤكد أن أكثر من ثلث اليمنيين يعيشون بدون أمن غذائي . أطفالنا لا يعرفون المدارس، ولا يعرفون سبيل العلم، ولكنهم يعرفون فقط طريق التسول والعمل في الجولات والشوارع والأسواق فأكثر من 5 مليون طفل يمني هم خارج المدرسة ، بعيدون عن القلم والدفتر وقريبون من العنف والأعمال الشاقة . حياتنا المعيشية السيئة جعلت الكثير من اليمنين يعيشون دون عقل أو تفكير، فأكثر من مليوني يمني يعانون من أمراض نفسية بسبب الوضع المعيشي السيئ الذي هو ناتج عن سياسات عبثية سببها النظام الفاسد .
لا سبيل أما م هذه المعطيات المحزنه سوى الخروج السلمي للشارع لإسقاط النظام ، لإسقاط الفقر ، لوأد الظلم ،لقتل البطالة وحرق الإستبداد والفساد، علينا أن نستخدم قواتنا في سبيل التغيير وفي سبيل الحرية ، كي تحيا حياتنا ويموت القمع المتواصل ، وندفن الاستبداد في مقبرة النضال ، ونشعل الثورة في قلوبنا التواقة الى تنفس هواء الحرية . علينا ان نشم عبير الأمن ،وريحان السعادة ، وعطر التضحية ، وورود النضال ، وزهور التغيير ،كي نعيش بأمن وسلام، بعيدين عن الذل والخنوع . لقد حان رحيل النظام ، فالشعب سيهتف من قلبه وسيدعو بسقوط الطغيان كي تبقى اليمن بعيدة عن الذل والهوان ، بعيدة عن النظام الهائم يتجريع شعبه ، بعيدا عن التفكير بقوت يومه ، وبعيد عن التفكير بأبسط الحقوق المصادرة .. فالنظام سيرحل والتأرسخ يحكي لنا عن قصص مشابهة فالطغاة يعانون من داء الغباء الذي جعلهم لا يأخذون جرعة من الفهم لأنهم يفتقرون لأطباء حكماء سيما وأنهم محاطون بخلية فاسدة تزيد من داء البلادة وتجعل الظلم والطغيان يسقط وهم يتفرجون وكأنهم أمام مسلسل تراجيدي يستدعي المشاهدة فقط دون التحليل وإبداء الآراء وكل ذلك يعجل بسقوط الطغاة ، وليحيا رموز الثورة الذين سيدفنون كل طاغية.