لم تعد ساحة التغيير أمام الجامعة الجديدة في صنعاء أو ساحة الحرية في تعز مجرد اعتصام للمطالبة بإسقاط النظام، بل أصبحت أكثر من ذلك إنه كرنفال يمني ضخم صار يلتئم من خلاله الناس بذواتهم، ويعبرون عن أصعب مكنوناتهم, هذه السعادة التي تطفح من عيون الناس تستحق الكثير من العناء لكي لا نعود إلى الوراء, هذه الحرية التي يتخلق بها اليمنيون جديرة بالنضال من أجل أجيال لا تعرف الاستبداد والعبودية. أما من يعول على ملل المعتصمين أو ضيقهم فقد خسر الرهان, لقد تحول المكان إلى بلد جديد فيه الكثير من الأخلاق الطيبة التي عرف بها اليمنيون , الكثير من التعاون والمودة والتفاني والكثير من الدماء الشابة التي تعرف تماما ماذا تريد والى أي الطرق ستتجه, كم هذا الشعب معطاء ومتفان ويستحق مستوى عالياً من الحضارة والرقي والرفاهية , كم أن هذا الشعب يريد أن يتعلم ويبني ويصنع وكم هو مستعد لتقديم روحه ودمائه ليخرج من هذه الظلمات إلى عصور النور والنهضة. أما ما على النخب المثقفة والناشطين الحقوقيين أن يقوموا به فهو استغلال هذا التجمع المهول والمتقبل للكثير من الرؤى والأفكار, لخلق حالة من الوعي بالمرحلة الحالية، وما على المرحلة المقبلة أن تكون عليه, وعلى هذه النخب استدراك سنوات التقصير في حق هذا الشعب العظيم الذي يستحق أن يتفانى لأجله الجميع والنزول من الأبراج العاجية للالتحام بالجماهير . أما تعامل السلطة الوحشي في عدن فيكشف عن مخطط بشع لدفع الناس نحو المطالبة بالانفصال واستغلاله في إطار التأكيد على خطورة المطالبة بإسقاط النظام! فيما الحقيقة ستثبت عكس ذلك, إن المطالبة بإسقاط النظام تجمع اليمنيين شمالا وجنوبا كما جمعت المصريين مسلمين وأقباطاً, إنه المنفذ الوحيد للتخلص من فكرة الانفصال بفكرة أكثر شمولاً وتحريراً إنها التخلص من النظام برمته لتستعيد عدن والمحافظات الجنوبية كل مقدراتها وحقوقها في ظل دولة مدنية جديدة, على الجميع في المحافظات الجنوبية أن يثق في ذلك أن التخلص من نظام علي عبد الله صالح سيطهرنا جميعا ويؤهلنا للدخول في مرحلة جديدة , مرحلة اليمن الجديد الذي سنصنعه بأيدينا.