أهذا وجه آخر للثورة؟ أم هي الثورة الحقيقية الفنانة المبدعة؟ أو كأنما هي عنقاء الثورة أخرجت أرواح المبدعين من الرماد فإذا بها تتجسد على شكل فن وإبداع وجمال وحرية وإنسانيه متفانية. شباب الثورة يتفجرون بالمواهب, يرفعون سقف إبداعاتهم ومستوى أدائهم فإذا بالثورة تتخلق بصورة أخرى .. غناء وإنشاد ورسم وكاريكاتير ومسرح وشعر وبرامج .. يتفجرون تضحية وقدرة وإبداعاً وتفانياً وتكنولوجيا وحضوراً على مستوى عال عبر قنوات التواصل الاجتماعي وعبر القنوات الفضائية، ومن خلال أدوات الإعلام الجديد .. إنهم يبرزون بصورة لم نعهدها من قبل, لم نعرفها قبل ثورة الحرية والعدل والكرامة .. إنها الثورة التي أعادت إلينا إحساسنا بذواتنا فاستعدنا بها قدرتنا الفذة كيمنيين في الإنجاز والإبداع. وكما يقول أحد الشعراء «يموت شيء عشان يحيا شيء», ونحن ماتت فينا الاستكانة والخذلان والسلبية كي تحيا الحرية والإبداع والكرامة، ونعيش بصورة خلاقه افتقدناها لعشرات السنين «يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن». وفيما أنت تسير في ساحة الحرية في تعز يسترعي انتباهك النهم الشديد للعلم والمعرفة.. الإنسان اليمني الحر البسيط يتوقف طويلاً أمام الكلمة والصورة واللوحة الفنية والمنحوتة المبدعة والكتاب المؤثر, يقف متفاعلاً أمام الأغنية والأنشودة والاسكتش المسرحي والمحاضرة والندوة وكل أشكال التواصل والتوعية. ولهذا وأمام هذا الإنسان المتعطش على الجميع القادر المتمكن من أدواته من فنانين ومبدعين ومثقفين ومحاضرين ومدربين ومعلمين وتشكيليين و.. عليهم جميعا أن ينزلوا إلى الشارع ويتواجدوا بين الناس بصورة قوية ومؤثرة, بل على الجميع أن يستغل هذه العقول المفتوحة للعلم والمعرفة والمتعطشة لحياة أفضل ويقدم لهم ما يتوجب عليه أن يقدمه.. إنهم أبناء اليمن الأرق قلوبا والألين أفئدة وأكثر شعوب الأرض قاطبة تقبلا للنصيحة وتلهفا للمعرفة. قلت لصديقتي الهولندية إن الناس في اليمن يحبون التعلم ويلتفون حول من يفهمهم ويوعيهم , اندهشت كثيرا وقالت الناس في هولندا ليسوا كذلك، إنهم لا يحبون النصيحة ! حينها دمعت عيني .. لقد تركنا قرانا وأريافنا والمناطق القبلية تعج بالجهل والهمجية وهم في أشد الحاجة والرغبة للعلم والمعرفة , ولو انطلقت قوافل الشباب المتعلم والمثقفين ترشد الناس وتوعيهم وتمحو أميتهم تحت الأشجار لتخلصنا من صالح ونظامه منذ سنوات مضت. لقد أخطأنا مرة، لذا دعونا لا نكرر الخطأ مرة أخرى , ودعوا قلوبنا وعقولنا تتماهى مع هذا الشعب العظيم نرد له الجميل ونكفر عن خطايانا ومكوثنا في أبراجنا العاجية متناسيين أننا بغير هؤلاء الناس البسطاء لا معنى لنا ولا لعلمنا وثقافتنا, فهم المرآة التي تعكس حقيقتنا وتبدي لنا قبح وجوهنا من جمالها , فأما جمالنا ففي عيون البسطاء وابتساماتهم الممتنة، وأما القبح ففي عقولنا الفجة المتعجرفة إذا ظننا أننا أفضل من غيرنا أو أكثر ثقافة وتقدماً. أخيراً .. تحية لفناني تعز الأحرار وهم ينزلون بأدواتهم ولوحاتهم الفنية الرائعة ومجسماتهم التي تخلد لحظات تاريخية فذة , ليعيشوا مع الناس ويتعاطوا معهم وينقلون الفن الراقي إلى الشارع لا بين الغرف المغلقة , يرسمون مع الأطفال وينثرون اللون في ساحة الحرية لتزداد ألقاً وجمالاً وحرية, وتحية لخيمة المجلس الأهلي التي استقبلتهم وأفسحت لهم من قلبها مكانا ليقيموا معرضهم الفني الثوري فتزدان بهم ساحة الحرية ويزدادون بها فناً وخلوداً وإنسانية وتحية للثورة العظيمة الخالدة التي جمعتنا على قلبٍ رجل واحد , وتحية لثوار تعز وثائراته الذين يتذوقون كل جميل ويرتقون بكل فن.