الفنون هي عنوان الأمة السليمة ، إنها ظاهرة العافية في أي شعب .. الفن هو الأداة الانسانية المعبرة عن حقيقة الجمال الانساني الذي هو مبتغى الروح ومطلب العقل والنفس السوية .. وعندما نريد أن ننشىء مجتمعاً صالحاً سليماً متديناً معتدلاً خالياً من الفساد والتطرف والانحطاط والأنانية لا يمكن أن نفعل ذلك بمعزل عن الابداع وريشة الفن وأدواته التي تستخرج أجمل مافي الانسان .. الفن الأصيل الذي لا يبتذل هو الحروف الابجدية للفطرة الانسانية وهو اللغة التي تتفق على فهمها الأمم المختلفة ، فالشاعر المبدع والرسام الفنان والمعماري ابداعاتهم تملأ الفراغ الموحش وتنال اعجاب الانسان دون أن تسأل عن لون وقومية وقناعات هذا الفنان ، لأن الفن .. الفن وليس التفنن والتكلف والادعاء هو المتحدث الرسمي للفطرة فيزيل (الذحل) ويفتح البصر والبصيرة على الجمال المبثوث في النفس والكون ويتحول إلى أداة تسبيح لأنه يتحدث بلغة متسقة لا تعرف الاقصاء والكراهية والقبح فهو يتحدث بخرير الجداول ولغة الطير وهبوب الرياح اللواقح وزقزقة العصافير وألوان قوس قزح .. الفن هaو انسيابية الجمال الآتي من وجه يوسف ومزمار داؤود وحنين العيس وأفراح الروح وغربة النفس معبر عن آمال وطموحات وأحزان وأفراح الانسان .. الفن وحده الذي ينجح في التعبير بلغة مفهومة تدق على أوتار الخلود المكنوزة في الروح فتدعوه للإيمان والحب والطمأنينة ، إن رسالة الإسلام هي رسالة جمال أولاً وأخيراً قبل أن يشوه مفهوم الجمال والحب والفن، والحقيقة . إن المتطرف هو انسان وضحية لعملية تجفيف أحاسيس وتلقين مفاهيم لا صلة لها بالدين فالدين جوهر الجمال بل هو الجمال كله لقد أصبح التطرف نفسه مختطفاً ومخترقاً وأداة في يد السياسة التي تزداد قبحاً كلما ازدادت فجوراً ، أنا حزين على تلطيخ جدارية الفنان (هاشم علي) في مدينة تعز التي رسمها شباب رائعون مع لوحات أخرى للتعبير عن ذات المدينة ، حزين ليس لأنها تضر بهاشم علي أو فنه لكن لأنها تعبر عن قبح في المجتمع وجهل عبثي هذا اذا كان هذا العمل تطرفاً وأنا أشك في ذلك لأن التطرف هذه الأيام لم يعد يعبر عن ذاته لأنه لوكان كذلك لسهل اقناعه بالحوار والحب والإنصات ولكان الابداع والفن أحد أهم الوسائل الملينة لصلابة التطرف ففي كل فكرة مجردة نقطة حقيقة مغمورة ومساحة جمال مطمورة يسهل انعاشها بالحوار والابداع والفن والتفاهم .. لكن المشكلة أن التطرف أصبح معبراً عن عفونة سياسية بالغالب أصبح مخترقاً ومختطفاً مع أطراف سياسية يوظفونه لتلطيخ الجمال المنتشر بين الشباب على صورة وعي وتسامح وثورة تقاوم التفتيت والكراهية. إن تلطيخ لوحة فنية قبح وأقبح منه الرسالة التي يريد البعض ارسالها باسم الدين او باسم الانتصار للفن لتلويث قلوب الشباب بالريبة والكراهية والتوحش، من الفن والإبداع تلقي رسالة القبح هذه بمزيد من ترسيخ ثقافة الاعتدال والتمازج بين الناس وخاصة الشباب .. ان التمازج بين الألوان المختلفة في مظهر وطني واحد ومتسق مع احتفاظ كل لون بلونه هو الفن والابداع والتحدي الثقافي والثوري للشباب وهي اللوحة الاجمل المطلوب من الشباب رسمها .. هكذا يقول قوس قزح بألوانه الزاهية المتراصة الجميلة وهي تشكل لوحة فنية ربانية تدعو للجمال والتعايش الذي هو رسالة الفن الأولى والفنانون وحدهم والمبدعون هم من يتناغموا مع جمال الكون ولوحاته ويطورون بإبداع المعاني والمباني الجميلة والمستلهمة ويرسمونها داخل النفوس والأوطان على صورة قوس قزح وأزهار الربيع. [email protected]