مثل يمني يضرب حين يصل الإنسان إلى موقف صعب خياراته محدودة جداً جداً وطريق الخروج واحد لا ثاني له.. تذكرت هذا المثل وأنا أقارن بين لقاء الرئيس بالقيادات التاريخية والرمزية للقوات المسلحة، وبين قرار مجلس الأمن المتعلق بالقذافي وأولاده وعدد من شركائه في سفك دماء أبناء الشعب الليبي المطالبين بسقوط النظام ورحيل القذافي الذي جثم على صدر شعبه أكثر من أربعين عاماً. لقد أحاطت به دماء أبناء الشعب الليبي والتفت على عنقه وعنق أبنائه وزمرته، وبعد قرار مجلس الأمن لم يعد لديه ولدى أبنائه وزمرته من خيار سوى الموت في ليبيا أو السجن في أي مكان في العالم، ولسوف حقهم محكمة الجنايات حيثما ذهبوا، وحينها تصبح الأموال التي سرقوها وحرموا شبعهم منها لعنة لا ينالون منها شيئاً. الشعب الليبي في شوارع المدن والقرى ينادي بسقوط القذافي ونظامه، والقذافي يصر أن أغلب الشعب معه. فرقة حسب الله اليمنية تجمع الموظفين وطلاب المدارس والعسكريين بالأمر، وبالفلوس لمن عداهم، مما جعل الرئيس كالقذافي يتوهم أن أغلب الشعب معه، غير مدرك أن كل مناطق اليمن تعج شوارعها بالمواطنين الذين يطالبون بسقوط النظام ورحيل علي. لقد خرجوا بدافع من معاناتهم وقناعاتهم لا بالأوامر ولا بالفلوس. ألا يدرك الأخ الرئيس أن من حوله ومن من انتموا إلى حزبه قد بدأوا ينفضون عنه وتحت شعار «لا تربط حمارك جنب حمار المدبر» وكما هو الحال اليوم في ليبيا!؟ للأخ الرئيس ولا شك حسنات وله أخطاء كبيرة، أرجو ألا يجعل ذنوب أخطائه تجره وأسرته إلى مصير لا أنا ولا كثيرون يتمنونه له ولأسرته. لا يزال الوقت مناسباً للتفاهم على حل سليم ومشرف وعواقبه محمودة. وهذا الحل لا علاقة له بحوار المائتين أو بقانون الانتخابات أو بالتعديلات الدستورية أو التوريث والتصفير والتمديد، فذلك زمن ولى وتجاوزته الأحداث، وإنما يتعلق الحل بالانسحاب التدريجي من السلطة ومهامها في ظل قبول من الجميع. وكم سيكون كارثياً لو فكرت النخبة الحاكمة في استخدام العنف، حينها تكون قد نسخت تجربة ليبيا بكل خواتمها المأساوية على الحكم وأسرته وزمرته، وستتلفت فلا تجد أحداً ممن تصورتهم سيقفون إلى جانبك من الجيش ليسفكوا دماء مواطنيهم. وساعتها سوف تقر أن إرادة الله قد سبقت لتصيبكم ببعض ذنوبكم.. والنصيحة هي جهد المقل والله يتولى السرائر.