منذ أصدر مجلس الأمن وبالإجماع يوم 26 فبراير/ شباط الماضي القرار رقم 1970 الذي تضمن حزمة عقوبات على ليبيا كان أبرزها تجميد الأرصدة الليبية بالخارج، توالت قرارات العديد من الدول بتجميد الأصول الليبية. ويأتي ذلك من باب معاقبة العقيد معمر القذافي بسبب مواجهته الدموية للثورة الشعبية في بلاده، ومطالبته للالتفات لرغبة شعبه المطالب بتنحيته عن الحكم الذي استمر 42 عاما.
من جهته اعتبر القذافي تجمد العديد من دول العالم الأرصدة الليبية بأنها عملية اغتصاب وسطو على أموال الشعب، مشدداً على أن هذه الأرصدة تابعة للدولة الليبية وليس له أو لأفراد أسرته.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الموجودات المالية الليبية المستثمرة في الخارج بأكثر من 150 مليار دولار، وتم حتى الآن تجميد أكثر من 73 مليارا ترتبط بالقذافي أو أقربائه وأعوانه.
كما تقدر وزارة الخزانة الأميركية أن لدى المركزي الليبي نحو مائة مليار دولار من احتياطات العملات الأجنبية حول العالم، ونحو سبعين مليارا قيمة استثمارات خارجية تديرها هيئة الاستثمارات الليبية (ليا) أو الشركة الليبية للاستثمار الخارجي (لافيكو).
وبعد القرار الأممي أعلنت واشنطن تجميد ثلاثين مليار دولار من الأصول الليبية. وأفادت وزارة الخزانة أن الأموال المجمدة عبارة عن ودائع بنكية وأسهم واستثمارات تعود للمركزي الليبي ومؤسسة الاستثمار الليبية. الاتحاد الأوروبي ولم يتأخر الاتحاد الأوروبي حيث قرر تجميد أرصدة 26 فردا من أسرة ومن مؤيدين لنظام القذافي، وفرض عقوبات على خمس مؤسسات ليبية من بينها المؤسسة الليبية للاستثمار والبنك المركزي الليبي.
وأعلن العديد من الدول الأوروبية فرضها تجمد للأصول الليبية، فقامت بريطانيا بتجميد عشرين مليار جنيه إسترليني (32.2 مليار دولار) تعتقد لندن أنها تعود للقذافي وأسرته في بريطانيا. كما قررت وزارة الخزانة حظر تصدير الأوراق النقدية الليبية والبضائع التي يمكن أن تستخدم في قمع الليبيين.
وجمد المركزي النمساوي أرصدة بقيمة 1.2 مليار يورو (1.7 مليار دولار) كانت مودعة في مؤسسات مالية نمساوية تنفيذا لعقوبات على النظام الليبي.
إسبانيا من جهتها قررت تجميد أصول للقذافي ومقربين منه. ومن هذه الأصول مجمع سكني فاخر من ألفي شقة كان سيقام على أرض يملكها القذافي نفسه في ملقا.
وفي إيطاليا طالب المركزي المؤسسات المالية الإيطالية الإبلاغ عن أي تحركات مريبة في حسابات مصرفية بأسماء أفراد من أسرة القذافي أو من حكومته. ويعتقد أن إيطاليا من الدول التي ضخ فيها نظام القذافي استثمارات كبيرة حيث يمتلك حصصا بشركات وبنوك وأندية رياضية ومشاريع مختلفة.
أما فرنسا فقد أصدرت تعليمات إلى مؤسساتها المالية بمراقبة التحركات المالية التي قد يكون لها صلة بالقذافي أو أعوانه. وكانت باريس عمدت في وقت مبكر إلى تعليق جميع علاقاتها الاقتصادية مع ليبيا وتبني فرض عقوبات عليها.
يُشار إلى أن قيمة صادرات فرنسا لليبيا بلغت نحو مليار دولار عام 2009، بينما بلغت قيمة مستورداتها من ليبيا نحو ثلاثة مليارات دولار.
وفي الأول من الشهر الجاري أعلنت النمسا وألمانيا تجميد أرصدة لنظام القذافي التزاما منهما بعقوبات أقرها الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت لوكسمبورغ من جهتها، تجميد حسابات مؤسسة الاستثمار والبنك المركزي الليبيين وذلك في سياق تنفيذ الاتفاق الأوروبي.
دول أخرى وخارج الاتحاد الأوروبي كانت سويسرا أول المبادرين بتجميد أرصدة محتملة للنظام الليبي في بنوكها، وقالت إن القرار يسري ابتداء من 24/2 الماضي لمدة ثلاث سنوات. وتقدر الأصول الليبية لدى البنوك السويسرية بنحو 613 مليون فرنك ( 663 مليون دولار) إضافة إلى 205 ملايين فرنك (222 مليون دولار) أخرى على شكل معاملات ورقية.
كما قررت الحكومة الكندية تجميد أرصدة القذافي وأسرته عملا بقرار مجلس الأمن، فجمدت كل التعاملات المالية مع الحكومة الليبية ومؤسسات ليبية أخرى. وتقدر أوتاوا الأصول الليبية المجمدة ب2.3 مليار كندي (2.4 مليار دولار) دون أن تحدد طبيعة الأصول المجمدة.
وبدوره أعلن المركزي الأسترالي تجميد التحويلات أو المدفوعات النقدية لمسؤولين بارزين بنظام القذافي عبر مصارف البلاد.
ثروة ضخمة وكانت صحيفة غارديان البريطانية قد ذكرت قبل أيام أن أسرة القذافي أودعت مليارات الدولارات في مصارف سرية في دبي وجنوب شرق آسيا.
كما أن تقارير أميركية نشرها موقع ويكيليكس كشفت أن القذافي يتصدر قائمة أثرياء الزعماء العرب بثروة تقدر ب131 مليار دولار، وهي ثروة تقارب ستة أضعاف ميزانية ليبيا لعام 2011 البالغة 22 مليار دولار.