ساحة التغيير هي النواة الأولى لبناء دولة مجتمع مدني، فالشباب لم يأتوا من تنظيمات أو أحزاب بل جمعهم هم واحد هو القضاء على الفساد الذي أثر على مستويات حياتهم الاجتماعية والاقتصادية فخرجوا ليبحثوا عن مطالب مشروعة وكان خروجهم قبل خروج وانضمام الأحزاب المعارضة إليهم فكان للأحزاب دور ايجابي في تنظيمهم، وشكلت الأحزاب القوى الداعمة لمطالبهم. فقد فقدت الأحزاب المعارضة الأمل الذي كانت تتمسك به في حواراتها مع السلطة لعقود من الزمن وبزغ فجر جديد أعاد لها الأمل عندما ثار الشباب لتحقق الأحزاب المعارضة ما لم تحلم به أن يتحقق من السلطة وتقديم المبادرة تلو المبادرة مما رفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام بأكمله. فما هو رد فعل السلطة! اعتبر الرئيس أن هذه الأزمة مثل الأزمات الأخرى التي مر بها اليمن، فأختار العنف لتفريق المتظاهرين وأفرط في هذا الاختيار حتى استفز كثير من قيادات الجيش الذين انضموا إلى الشباب لحمايتهم من العنف الذين يتعرضوا له من قبل السلطة. ومن ثم أختار الرئيس أن يكرر السيناريو القديم الذي استخدمه عندما أعلن انه لن يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة وأخرج الكثير من المؤيدين ليطالبوه بالترشح وهاهو اليوم يعلن أنه سيتنحى ويستجلب مؤيديه في كل جمعة لإثبات أن الشارع مازال يؤيد النظام وتناسى أن المراهنة هنا ضعيفة حيث أن الشباب والأحزاب المعارضة مازالوا مرابطين ومصابرين منذ ثلاثة أشهر في ساحات التغيير. كما أختار الرئيس الدخول في المماحكات السياسية الخاسرة ويقلل من أهمية الشباب وأعدادهم في خطاباته السياسية وينفي حقهم في مطالبهم بالتغيير كما قام الرئيس مؤخرا بإثارة حفيظة الشباب المعتصمين في هذه الجمعة في خطابه بمطالبة النساء المعتصمات بعدم الاختلاط وان يتقوا الله! فمن هو الذي يجب عليه أن يتقي الله، ولماذا لم يطالب النساء في مسيرات التأييد له بعدم الاختلاط. أظن هذه الأخلاقيات الجديدة التي ينادي بها الرئيس بعدم الإختلاط ما هي إلا مشروع رجعي ضد حقوق المرأة ويقصد به إقصاء الدور الريادي الذي تقوم به نساء اليمن بجانب أخيها وزوجها وأبوها وأبنها في ساحات التغيير في التعبير عن أرائهن بكل حرية وتحت رقابة محلية ودولية وأمام أعين الكاميرات والفضائيات العالمية. وقد دفع ذلك المعتصمات للقيام بمسيرات نسائية احتجاجية وتقديم شكوى للنائب العام لإساءة الرئيس لأعراض المعتصمات. وأثبتت نساء اليمن للعالم كله بأنهن شقائق الرجال في هذه الثورة التي يحاول تلطيخها النظام بالدم واليوم بالتهجم على هؤلاء النسوة الأحرار اللاتي يدعمن الثورة بفلذات أكبادهن وأزواجهن وأخوانهن وأموالهن، فلله درك يا أيتها الأم والزوجة والبنت والأخت لما تبدين من صبر وثبات وعزم وقوة رادعة لهذا النظام الزائل. فأين هي مطالبات الرئيس بمشاركة المرأة في جميع الميادين، وما هو الذي قام به حتى يدعو المرأة بعدم الإختلاط وهل ذهب إلى ساحات التغيير ليرى بنفسه كيف تعامل المرأة بكل احترام وتقدير بعد أن كانت لا تستطيع أن تذهب إلى الأسواق من كثر ما تتعرض له من تحرشات. هل حافظ على كرامة المرأة وأوجد لها الحياة الكريمة التي لا تضطر معها المرأة اليمنية إلى مشاركة الرجل للبحث عن لقمة العيش. فهل يدرك النظام أن خروج المرأة اليمنية ما هو إلا للبحث عن الحياة الكريمة التي كانت تحظى بها المرأة في المجتمع اليمني. وبالرغم من كل التداعيات والتظاهرات فما زال النظام يبدع في صناعة الأزمات فخلق أزمة اقتصادية خانقة في البلد حيث رفعت أسعار معظم السلع الأساسية واختفت مادة الغاز المنزلي من الأسواق وتتهم السلطة المعارضة بأنها السبب لكل ذلك وأنها من خلقت هذه الأزمات، فهل يعقل هذا؟ ومتى يكف الرئيس عن إيذاء الشعب ببطش يده ولسانه ويضع مصلحة البلاد والعباد فوق مصالحه ومصالح أسرته وزبانيته!