فارس الحميري يشكو اليمني عبدالباسط العبسي (41 عاما) كغيره من بني وطنه، الذي يشهد احتجاجات منذ نحو اربعة اشهر ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، من "انقطاع مستمر للمياه" عن مساكنهم في ازمة جديدة تزيد اعباءهم. وقال العبسي وهو عامل بصنعاء يوم السبت، "نعاني بشكل كبير من انقطاع المياه باستمرار". وأضاف "من الممكن تحمل انقطاعات الكهرباء وغيرها، الا ان المياه من الصعب جدا تحمل انقطاعها". ويعتبر اليمن من اكثر دول العالم فقرا في الموارد المائية، حيث انخفض نصيب الفرد فيه من المياه سنويا من 130 الى 127 متر مكعب، وهو يقل عن المستوي المعتمد عالميا ب 1000 متر مكعب، حسب دراسات يمنية حديثة. وعلى غرار شكوى العبسي، تذمر يمنيون اخرون في عدة محافظات من انقطاع المياه. ويرى محمد عزالدين (22 عاما) وهو طالب يسكن في تعزجنوب اليمن، "إن المياه شبه منعدمة في تعز سواء المقطرة او العادية". وأضاف انه "في حال توفر المياه فان اسعارها مرتفعة وبشكل جنوني". وتروي (أم علا) وهي ربة منزل معاناتها جراء انقطاع المياه في صنعاء. وتقول إنها "تبدأ من الساعة السادسة صباحا رحلتها الى احد المعسكرات في صنعاء للبحث عن الماء حتى يكفي يومها". وتابعت أم علا "إذا تأخرنا عن هذا الوقت، اضطر للانتظار أكثر من 5 ساعات بسب كثرة المحتاجين والباحثين عن المياه". ويؤكد محمد عوض (27 عاما) من مدينة المكلا شرق اليمن "إن انقطاع الماء جاء مع الاحداث الاخيرة التي تتمثل في انقطاع الأساسيات". ومضى قائلا "أصبحنا لانريد شيئا، فقط نريد ان نعيش بكرامتنا". ويشهد اليمن منذ فبراير الماضي احتجاجات تطالب برحيل نظام الرئيس علي عبدالله صالح، صاحبتها ازمات وقود واسعار وامن، بالاضافة الى ازمة انقطاع المياه. ويعتمد اليمن على الامطار والمياه الجوفية. وتبلع كمية الأمطار في اليمن سنويا ما بين 11- 67 مليار لتر مكعب. إلا ان خبراء كانوا قد حذروا من ان صنعاء من أوائل العواصم المهددة بالجفاف، خاصة في ظل الانفجار السكاني الكبير. وتوقعت منظمات محلية ودولية ان عام 2025 سيزداد عدد سكان مدينة صنعاء إلى 5 ملايين ونصف المليون نسمة، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الإقبال على المياه، ما سيدخل العاصمة في مرحلة من النضوب الكامل للمياه. ويعاني حوض صنعاء وعدد من أحواض المدن اليمنية من نقص حاد في المياه بسبب قلة الأمطار وندرتها، حسب مختصين، كما يعاني من حفر الآبار العشوائية، وهو ما يزيد من تفاقم مشكلة المياه في اليمن.
وفي صنعاء تبلغ عدد الآبار العشوائية ما يقرب من 13 بئرا، ويصل عمق بعض الآبار الى حوالي 1000متر، حسب آخر إحصائية لوزارة المياه والبيئة اليمنية نهاية 2010.
كما ان اليمنيين يستخدمون كميات كبيرة في الزراعة، خاصة في ري نبتة "القات" المخدرة، وهو ما يجعل كثير من الأحواض المائية في اليمن مهددة بالجفاف. وتستهلك الزراعة من المياه ما يقدر ب90 بالمئة و 8 بالمئة للاستخدام المنزلي و2 بالمئة في الصناعة، حسب دراسات يمنية حديثة.
فيما تتوزع المياه الجوفية على عدد من الاحواض، إذ يحتوى حوض تهامة علي 2.5 بليون لتر مكعب وحوض المسيلة بليون لتر مكعب. وتقول سميرة احمد وهي طالبة جامعية، "أصبح الماء عملة صعبة". وأضافت "ان سعر 1000 لتر من الماء المباع اصبح مضاعفا، كنا نشتري تلك الكمية بسعر 3000 ريال الان يباع ب 8000 ريال" (الدولار يعادل نحو 220 ريال). وتؤكد سميرة قائلة "الحياه صعبة للغاية". ويقول موظف حكومي يدعى محمد عبدالرزاق من مدينة اب وسط اليمن إن "الوضع لا يحتمل، لا ماء ولا كهرباء، إلى متى سيظل هذا الوضع ؟، نحن نحتاج إلى الماء". وفي مدينة الحديدة، يؤكد محمود علوان (34 عاما) عامل، "حدوث انقطاعات مفاجئة للمياه في ظل ارتفاع درجة الحرارة التي تصل الى 36 درجة". وتقول مروة العنسي وهي طالبة جامعية تسكن في المدينة القديمة بتعز، "رغم كل ما يحدث في المدينة من مواجهات مسلحة، الا ان ذلك لم يخيفنا مثل ما نخاف من انقطاع المياه". وتابعت العنسي "يمكن العيش في اجواء الحرب بكافة تفاصيلها، لكن غير الممكن ان نعيش بدون ماء .. لذلك اكثر معاناتنا من انعدام المياه وارتفاع اسعارها متى ما وجدت". ويؤكد مسئول في وزارة المياه اليمنية وجود الازمة. وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الازمة السياسية التي تشهدها اليمن حملت معها سلسلة من الازمات لعل اكثرها صعوبة هي انعدام المياه وانقطاعها بشكل مستمر. وتابع ان انعدام المواد الاساسية كالمشتقات النفطية تسبب في انعدام باقي المواد كالمياه وغيرها.
ويعتمد استخراج المياه باطن الارض في اليمن على مولدات متخصصة تعمل بالوقود. واكد المسؤول ان الوزارة تعمل جاهدة على توفير القدر الكافي من المياه لتخفيف ضيق معيشة المواطنين. لكنه في المقابل اتهم "ايادي خفية قد تكون تابعة لاحزاب اللقاء المشترك" المعارض بالوقوف خلف افتعال الازمات بشكل عام. وهو ما ينفيه المشترك، ويحمل الأخير أفراد عائلة الرئيس صالح الذي أسماهم ب"بقايا النظام العائلي" المسؤولية عن هذه الأزمات.