لن يفلح أحد في كبح جموح قوات صالح من شن حرب مفتوحة ضد الشعب بشكل علني ما لم توقف دول الخليج والمجتمع الدولي دعمها المالي والسياسي لنظام صالح بصفته وكيلاً مهماً وفريداً من نوعه في حروبهم الاعتباطية ضد تنظيم القاعدة على مدار عقد من الزمن وعقود خلت من التحالفات الأمنية المريبة مع نظام قمعي يدير البلد بالحروب، يستمد شرعيته من الولاء التام للخارج، ويحكم قبضته البوليسية على حرية الشعب وقتل تطلعات أبنائه -كما هو حاصل اليوم- بدعم عالمي وانحياز فاضح من قبل هذا الدول وفي مقدمتها السعودية والولايات المتحدةالأمريكية، طبقا ليقين شعبي راسخ لدى غالبية الناس. ويستمر أبناء صالح في مغامراتهم لمواصلة حروبهم ضد الثورة الشبابية الشعبية السلمية بذرائع مختلفة، ويعدون عدتهم لحرب أكثر شمولا مما هو قائم حربهم في مديرية أرحب ومحافظة تعز، مستغلين صمتاً دولياً لم يتحرك لوقف الجيل الثاني بقصر النهدين. وكنتيجة طبيعية لتعثر حلولٍ سلمية مختلفة تتمثل في نقل السلطة دستوريا إلى نائب الرئيس، تثير استعدادات قوات صالح وترتيباتها المدينة في أكثر من محافظة مخاوف المدنيين والمعتصمين السلميين من تصعيد عسكري يلوح في أفق المشهد اليمني الثائر في كل اتجاه، وتحديدا في أمانة العاصمة التي يشهد نصفها الشمالي ترتيبات تعزز من فرضية اندلاع فصل ثانٍ من حرب الحصبة على خلفية فشل قوات صالح من فك الخناق القبلي المفروض على ألويتها بمديرية أرحب، وبناءاً على معطيات ميدانية يذهب كثير من المتابعين لسيناريو سقوط نظام صالح، يسعى أبناء صالح لجر الفرقة الأولى مدرع لهذه الحرب باعتبارها حجر عثرة في طريق مخطط وأد الثورة بحرب دامية، وهذه مغامرة مكلفة وخاسرة على نظام يترقب سقوطاً مدويا لبقاياه في صنعاء وفلوله في تعز وأرحب. وتمهيدا لتحركاتهم العسكرية على أكثر من صعيد، تسعى كتيبة من مخلصي نظام القمع لإبرام اتفاقات للتهدئة في أكثر من جبهة بُعيد رفضهم لمساعٍ سياسية وقبلية لوقف نزيف الدماء في مدن وأرياف اليمن على يد قوات صالح، وكالعادة يطل هلال الحرائق في تعز بلجنة وساطة شيع مساعيها مدير أمن المحافظة عبدالله قيران قبل أمس الأحد بالرصاص الحي أثناء لقائها بممثل عن مسلحي تعز العميد صادق سرحان بمنزل النائب المؤتمري المستقيل محمد الحميري، كما أجهض الحرس الجمهوري سابقاتها. الأسبوع الفائت شهدت أبشع جرائم القصف العشوائي للمدنيين، حيث استشهدت الطفلة "نجوى مقبل" ومالكة المنزل "أسماء محمد أحمد"، وجرح آخرون من بينهم ابنها "ريان" في قصف لقوات لمنزل في كمب الروس بحي كلابة، كما شهد مدينة تعز حوادث متفرقة، وقصفاً متفرقاً. وعلى بشاعة تلك الجرائم إلا أن الأبشع هو أن يتزامن وصول لجنة إطفاء حرائق النظام برئاسة عبدالقادر هلال، مع وصول مئات من القناصة إلى تعز جواً، بحسب مصادر عسكرية بقاعدة طارق الجوية. من جهة أخرى تعيش مديرية أرحب تحت قصف جوي وصاروخي ومدفعي عنيف لم يستثنِ بشرٌ أو حجر، وكلما دفع قيادات بتعزيزات من قواتها ذابت في مضارب قبائل أرحب، فمنذ أسابيع ودوي المدافع والصواريخ لم يهدأ في قرى قبائل تسيج ألوية من أكبر ألوية الحرس الجمهوري، وبقدر ما أصاب قبائل أرحب من خسائر جراء القصف المتواصل، يستميت مسلحو القبيلة للدفاع عن أرضهم وعرضهم من قوات علي صالح وأبنائه، طبقا لمواطن من أرحب. وبحجة فك طوق قبلي على الألوية 61 ,62, 63 حرس جمهوري المنتشرة في المديرية، تشن قوات الحرس حرباً شعواء على قبائل أرحب منذ أسابيع، فاللواء 62 حرس بمنطقة فريجة حاصر عدداً من القرى ويقوم هناك بقصف «كل شيء يتحرك من سيارات ومواطنين»، كما تصدت القبائل لهجوم كبير شنه اللواء 63 المتواجد في منطقة بيت دهرة ببني الحارث مساء أمس، وأرغمته على التراجع إلى ثكناته، يأتي هذا التصعيد على قرى في أرحب من قبل اللواء 63 تمهيداً لبعدها عن نيران معسكر "الصمع"، بحسب مصادر مطلع ل"المصدر أونلاين". حرب عبثية وغير مبررة في أرحب تشبه حرب "الأرض المحروقة" في صعدة، فضراوة الحرب لا تستثنِ أحداً، ونتائجها كارثية على الطرفين، فالجيش يرسل قذائف مدافعه ويصب صواريخه على المنازل والمزارع وآبار المياه، مسفراً عن استشهاد أربعين بينهم 6 نساء و110 جريحا، كما أدى قصف الحرس إلى هدم 314 منزلا و16 بئرا ارتوازيا مخصصا لمياه الشرب، في حين يظل التكتم والتعتيم سيد تصريحات نظام صالح، باستثناء رصد قبلي غير شامل لخسائر الحرس. وفي كل الاتجاهات، يظل المشهد اليمني غزيرا بالتوقعات الحافلة بالمفاجئات والفواجع، لكن سفينة الأحداث –رغم كل ذلك- تسير بما لا تشتهي فلول نظام صالح في أرحب وصنعاءوتعز، والشعب هو الشعب والثورة هي الثورة، وثورة الشعب لن تركع، ولو يقرح مليون مدفع -حد هتافات شباب تعز في مسيراتهم لهذا الأسبوع.