قال سلطان البركاني، الأمين العام المساعد لحزب "المؤتمر الشعبي" العام الحاكم في اليمن، إن الحرب الدائرة في صعدة "هي حرب سياسية بامتياز، وليست حربا مذهبية كما يدعي الحوثيون". ونفى ما تردد عن استعانة الحكومة بالسلفيين لضرب الحوثيين الشيعة، مشددًا على أن "علاقة الحكومة بالسلفيين عادية وشأنها شأن أي علاقة مع أي من مواطنيها، ولو تمرد السلفيون مثل الحوثيين فستتعامل الدولة معهم بنفس الطريقة".
وفي مقابلة خاصة مع "إسلام أون لاين.نت" عبر الهاتف، أكد البركاني -وهو رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في البرلمان اليمني من صنعاء- أن الدولة اليمنية ماضية بعزم نحو القضاء على التمرد الحوثي في محافظة صعدة شمال اليمن، ولا مجال للتفاوض على وقف إطلاق النار إلا بعد أن يلقي الحوثيون سلاحهم ويقروا بالعيش تحت كنف الدولة اليمنية.
وشدد على أن الجيش اليمني سيواصل قتاله ضدهم حتى في أيام عيد الفطر المبارك، كي ينتهي سريعًا من القضاء على هذه المجموعات المتمردة، وحتى لا يتيح لها الفرصة لإعادة تجميع صفوفها.
وفي سياق متصل، جدد البركاني اتهام النظام اليمني لإيران بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، في محاولة منها "لتشكيل حزام حول دول الخليج" وخاصة المملكة العربية السعودية، فهي موجودة عبر أتباعها في العراق وفي البحرين، فضلا عن لبنان.
ونفى القيادي الكبير في الحزب اليمني الحاكم المزاعم القائلة بدخول الرياض على خط المواجهات الدائرة في صعدة بجوار الجيش اليمني، واعتبر أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك العدة والعتاد الكافي "لسحق هؤلاء المتمردين الذين يتحصنون بالنساء والأطفال والجبال"، غير أنه اعتبر أن اهتمام السعودية بالحرب التي تجري بالقرب من حدودها أمر منطقي وبديهي.
وفيما يلي نص المقابلة:
* سيد سلطان.. أبدأ معك بسير المعارك على جبهات القتال في صعدة.. الحوثيون أعلنوا أكثر من مرة سيطرتهم على ألوية وكتائب من الجيش اليمني.. ما صحة هذا الأمر؟ - الحديث عن سيطرة الحوثيين على لواء مشاة ووحدات أخرى من الجيش عار من الصحة.. ويأتي في سياق دعاية ممجوجة ومفضوحة للمتمردين، في ظل الخسائر الفادحة التي يكبدها الجيش والطيران اليمني لهم، ولذلك نحن لا تزعجنا كثيرا مثل هده الأكاذيب؛ لأن قواتنا تتقدم على أكثر من محور في صعدة.. وأهمها محور حرف سفيان الإستراتيجي.. ونحكم قبضتنا على المناطق التي يتحصن فيها هؤلاء المتمردون، ولن نتركهم حتى يستسلموا.
* أفهم من ذلك أنه لا نية للحكومة اليمنية لوقف القتال -ولو مؤقتا- في أيام عيد الفطر المبارك الوشيكة؟ - لا أعتقد أن قرارًا بوقف القتال ستتخذه القوات المسلحة اليمنية في أيام عيد الفطر.. لن نسمح للمتمردين بإعادة تجميع صفوفهم بعد الضربات الموجعة التي تلقوها طيلة الأيام الماضية.. ببساطة القوات المسلحة لن توقف القتال إلا بعد سحق هذا التمرد.
* دعنا ندخل في المحور السياسي من الصراع.. برأيك هل السبب في التمرد الحوثي يعود لطموح انفصالي من جانبهم.. أم إلى مظالم يتعرضون لها من قبل الدولة؟ - لا هذا ولا ذاك.. هم يريدون السيطرة على كامل الأراضي اليمنية.. من خلال دعم إيراني مفضوح.. سواء كان هذا الدعم من إيران الرسمية أو من خلال الحوزات العلمية في إيران والعراق.. هم يحاولون السيطرة على اليمن من خلال خلق نموذج جديد لحزب الله اللبناني في اليمن.. وانظر إلى هذا الحزب الشيعي كيف يسيطر الآن بقوة السلاح على مقاليد الأمور في لبنان، لكن نقول لهم حلمكم سيتحول وبالا عليكم بإذن الله.
* وما مصلحة إيران في القيام بهذا العمل على الأراضي اليمنية؟ - معلوم أن لإيران مطامع كبيرة في كامل البلدان العربية وخاصة في دول الخليج.. التي تحاول تشكيل حزام حولها، خاصة المملكة العربية السعودية، فإيران موجودة من خلال أتباعها في العراق وفي البحرين، فضلا عن لبنان.. وتقوم بذلك كي تثبت للعالم أنها قوة إقليمية كبرى، وهذا يفيدها عندما تحين ساعة التفاوض مع الغرب.
* هل أفهم من كلامك أن اليمن بات حلبة للصراع الإقليمي بين الرياض وطهران كما الوضع في لبنان؟ - هذا كلام لا يستحق التعليق عليه.. فاليمن دولة وليست ساحة أو حلبة كما تقول.. نحن دولة مركزية قوية.. لها جيشها ونظامها السياسي الثابت، ولن نسمح لأنفسنا بأن نكون ساحة أو تابعين لهذا الطرف أو ذاك.
* وما ردكم على ما تردده إيران والحوثيون بشأن الدعم السعودي للحكومة اليمنية في هذه الحرب؟ - هذه ادعاءات باطلة.. يا أخي نحن لا نحارب دولة عظمى حتى تساعدنا السعودية.. وتدعمنا عسكريا.. القوات المسلحة اليمنية تمتلك العدة والعتاد الكافي لسحق هؤلاء المتمردين الذين يتحصنون بالنساء والأطفال والجبال.
ودعني أشير إلى أن من حق السعودية أن تهتم بالحرب التي تجري بالقرب من حدودها؛ لأن هذا أمر منطقي وبديهي، لكنها لا تتدخل فيها لأن اليمن دولة مستقلة وذات سيادة ولا تقبل تدخلا في شونها الداخلية.
* وماذا أيضا عن الأحاديث المتواترة عن وجود صراع مذهبي بين السنة والشيعة يقف في خلفية الصراع الدائر في صعدة؟ - هذا بالضبط ما يردده الحوثيون والإيرانيون.. وأقولها بكل صراحة من خلال "إسلام أون لاين.نت" الحرب في صعدة سياسية بين الدولة اليمنية ومجموعات خارجة على القانون والدستور، ولا علاقة لها بالمذاهب.. فالمعلوم للجميع أن المذاهب عاشت في سلام عبر مئات السنين على الأراضي اليمنية.
* لكن هناك تقارير كثيرة تتحدث عن اشتباكات وقعت بين السلفيين المدعومين من الحكومة والحوثيين الشيعة؟ - هذا كلام غير صحيح.. أنا أؤكد للجميع أننا في حزب المؤتمر الشعبي العام لا نفرق بين سلفي وزيدي.. كلهم مواطنون يمنيون لهم علينا حقوق.. وعليهم تجاه الدولة التزامات.. فعلاقة الحكومة بالسلفيين عادية.. وشأنها شأن أي علاقة لها مع مواطنيها، ولو كان السلفيون تمردوا مثل الحوثيين لتعاملت الحكومة معهم بنفس الطريقة.
* هل تقبل الحكومة اليمنية وساطات لحل الأزمة.. حتى لو كانت من جامعة الدول العربية؟ - لسنا في حرب مع دولة حتى تتدخل أطراف خارجية.. لقد قلنا هذا الأمر في الماضي وهو ما جعل المتمردين يتصورون أنهم قوة كبيرة فأصابهم الغرور.. وأشدد هنا على أننا نخوض هذه الحرب لتحقيق السلام في صعدة.. لأن الحرب ستمكننا من عدم إعطاء فرصة جديدة للعناصر التخريبية لكي تتجمع وتعد نفسها لمعارك أخرى في المستقبل، وسبق أن أعلنت الحكومة ستة شروط لوقف القتال لكن المتمردين رفضوها.
* وما هذه الشروط؟ - هذه الشروط تشمل نزول الحوثيين من المناطق الجبلية، وتسليمهم للأسلحة الثقيلة التي بحوزتهم، وعودتهم إلى قراهم، ووقفهم لقطع الطرق، وإزالة الألغام التي زرعوها في مناطق كثيرة، وإطلاق سراح المختطفين الألمان والبريطاني الذين اختطفوا في منطقتهم قبل عدة أشهر.. وهذه مجمل النقاط التي طرحتها الحكومة.
* تواجه الحكومة تحديا آخر في الجنوب يتمثل في الحراك الجنوبي.. فهل ترون أن ثمة تنسيقا بين الحوثيين في الشمال وهذا الحراك؟ - هذا سؤال في غاية الصعوبة.. أحيانا أقتنع بوجود تنسيق بينهما.. وأحيانا أخرى أستبعد الفكرة.. ليس لدي معلومات أكيدة في هذا الخصوص.
* رفضت الحكومة وثيقة الإنقاذ الوطني التي أعلنتها لجنة الحوار الوطني المؤلفة من أحزاب المعارضة ووجهاء قبليين وأكاديميين ووزراء سابقين.. والتي تدعو لحوار وطني جاد يشمل جميع الأطياف السياسية في البلاد.. لماذا؟ - من يتحدثون عن الإنقاذ الوطني بحاجة إلى إنقاذ الوطن منهم.. لأنهم لا يمتلكون أي رؤية واقعية سوى النهش في جسد الوطن وفاقد الشيء لا يعطيه.. ونحن في الحكومة ليس لدينا ما يمكن مناقشته معهم.. إن همهم ينصب على كيل الاتهامات وممارسة التضليل والبحث عن شهرة وأدوار فهم يعيشون في أزمة حقيقية وينبغي عليهم أن يشخصوا أزمتهم أولا ويبحثوا عن حلول لها قبل أن يتحدثوا عن الوطن الذي عانى ولا يزال منهم.