يرى محللون ان الحرب في شمال اليمن هي نتيجة سياسة الحكومة التي سعت الى وضع السلفيين السنة في مواجهة الزيديين الشيعة للحفاظ على التوازن، وذلك في بلد تطغى عليه التركيبة القبلية وسكانه مدججون بالسلاح. وفي غضون ذلك حذرت منظمة أوكسفام الدولية للمساعدات من أن اليمن قد يشهد قريبا أزمة انسانية خطيرة بعد تصاعد القتال في أغسطس آب بين قوات الحكومة ومتمردين يطالبون بالحكم الذاتي في أقصى شمال البلاد. وتقول جماعات تابعة للامم المتحدة ان نحو 150 ألف شخص أصبحوا لاجئين منذ اندلاع القتال أول مرة في عام 2004 وان الالاف يعيشون في مخيمات. وبالمقابل، نفى عبد الملك الحوثي زعيم المسلحين الشيعة في شمال اليمن مزاعم حكومية بأن الحوثيين يريدون إقامة دولة شيعية، وإنهم يتلقون دعما من إيران، قائلا إن هذه الاتهامات غير صحيحة على الإطلاق ولا تستند إلى أي أدلة. وقال الاكاديمي اليمني محمد ظاهري لوكالة فرانس برس انه في اساس الحرب السادسة هناك «اخطاء ارتكبتها الحكومة التي تسعى سياستها الرسمية الى الحفاظ على التوازن». من جهته، ندد الامين العام لحزب الحق الزيدي حسن زيد بما قال انه «صراع اجنحة داخل النظام» الذي «يبني سلطته على تحالف بين الاسلاميين السلفيين والقبائل» في وجه الزيديين. والزيدية يشكل اتباعها اقلية في اليمن ذات الغالبية السنية لكنهم يشكلون غالبية في شمال غرب البلاد. واضاف زيد لوكالة فرانس برس ان «الموالين والمناهضين للرئيس علي عبدالله صالح يعرقلون اي حل للدفاع عن مصالحهم». وتتهم السلطات التمرد الحوثي بالسعي الى اعادة حكم الامامة الزيدية التي تأسست في 898 في محافظة صعدة الشمالية ووضعت حدا لها ثورة عام 1962. كما تتهمه بتلقي الدعم من ايران. وينفي الحوثيون هذه التهم ويحملون الحكومة مسؤولية الحرب، اذ يعتبرون ان السلطات تهمش الزيديين وتقوي نفوذ السلفيين، كما تحارب عداءهم، على الطريقة الايرانية، للولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم المتمردين محمد عبدالسلام لوكالة فرانس برس «نحن لا نريد عودة الامامة. لقد حاربنا من اجل مساجدنا وتراثنا وفكرنا وارضنا ولا نطالب الا بالمساواة مع باقي المواطنين في بلدنا الذي تحكمه دكتاتورية». واضاف ان «مقاربتنا سلمية وليست طائفية. انها في الواقع ثقافية: نريد ان نعود الى سبيل القرآن لنتمكن من مواجهة الغزو الاميركي على الصعيد الثقافي والعسكري والسياسي والاقتصادي». ويردد الحوثيون غالبا شعارات «الموت لأميركا» و«الموت لاسرائيل» و«اللعنة على اليهود والنصر للاسلام». وازداد عداء الحوثيين للاميركيين منذ انضمت الحكومة اليمنية الى الحرب على الارهاب بعد اعتداءات 11سبتمبر 2001، وايضا بعد الاجتياح الاميركي للعراق. وكان حسين بدر الدين الحوثي من ابرز قياديي الزيديين الا انه قتل في 2004 بعد ان اعلن التمرد في صعدة مع العلم انه كان في السابق حليفا للنظام. أزمة انسانية تلوح في الافق في اليمن وحذرت منظمة أوكسفام الدولية للمساعدات من أن اليمن قد يشهد قريبا أزمة انسانية خطيرة بعد تصاعد القتال في أغسطس آب بين قوات الحكومة ومتمردين يطالبون بالحكم الذاتي في أقصى شمال البلاد. وتقول جماعات تابعة للامم المتحدة ان نحو 150 ألف شخص أصبحوا لاجئين منذ اندلاع القتال أول مرة في عام 2004 وان الالاف يعيشون في مخيمات. بحسب رويترز. وتفاقم الوضع منذ أطلقت صنعاء عملية "الأرض المحروقة" الشهر الماضي في محاولة لسحق المتمردين الحوثيين من الطائفة الزيدية في محافظتي صعدة وعمران. وقالت أوكسفام في بيان طلبت فيه المرور الآمن للاجئين في المنطقة الجبلية "قد تثير الازمة الطارئة التي أحدثها الصراع في اليمن أزمة انسانية شاملة قريبا ما لم يتخذ عمل فوري لوقف القتال." وأضافت "تدعو الوكالة كل اطراف الصراع لتنفيذ وقف فوري ودائم لاطلاق النار لوقف القتال الذي اندلع يوم 11 أغسطس وتدعو المجتمع الدولي للتدخل دبلوماسيا لتحقيق هذا الهدف." وكان تقرير صدر في وقت سابق من الشهر الحالي عن مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي قد حذر من أن مجمل الاحداث قد يضعف سلطة الحكومة ويؤدي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة كلها. وقال التقرير "أي حدث أو بالأحرى مجموعة من الاحداث السيئة التي تتخطى قدرة الحكومة اليمنية على السيطرة قد تؤدي الى تقويض سلطة الحكومة المركزية في اليمن بشكل أكبر وزعزعة استقرار المنطقة." وأضاف "قد تسفر أزمة انسانية كبيرة تسببها على الارجح مجاعة أو تراجع في المحاصيل عن أزمة طارئة وكبيرة للاجئين قد لا تستطيع الحكومة معها تقديم الخدمات الاساسية." وذكرت تقارير أن عشرات المدنيين قتلوا الاسبوع الماضي في عمليتين نفذهما الجيش الامر الذي أثار ادانات من منظمات مساعدات ومن جماعات حقوقية يمنية. وتواجه وسائل الاعلام صعوبة في الوصول الى منطقة الصراع والتأكد من صحة تقارير متضاربة من كل طرف بعدما لم تسفر عروض مختلفة من كل جانب لوقف اطلاق النار عن شيء. صالح: اليمن على استعداد لمحاربة الحوثيين لسنوات وفي غضون ذلك حذّر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من ان الحكومة ستواصل معركتها ضد المتمردين الحوثيين الشيعة لسنوات اذا اقتضى الامر، معربا في الوقت نفسه عن استعداده لوقف المعارك اذا وافق هؤلاء على وقف اطلاق النار. وقال الرئيس اليمني في خطاب بمناسبة الاحتفال بعيد ثورة 26 ايلول/سبتمبر 1962 التي انهت نظام الامامة الزيدية واقامت الجمهورية "ستستمر المعركة خمس او ست سنوات لن نتراجع ولن نتوقف". وقتل المئات ونزح نحو 55 الف من سكان شمال اليمن منذ اندلاع المعارك في 11 اب/اغسطس بين الجيش والمتمردين الزيديين الذين تتهمهم السلطة بالحصول على دعم مجموعات في ايران الامر الذي ينفونه. وقال الرئيس اليمني "اذا التزم المتمردون بالنقاط الست، فنحن لا نريد الحرب وهي حرب مفروضة علينا". الحوثي: لا نسعى لإقامة دولة شيعية باليمن والأزمة سياسية فقط من جهته نفى عبد الملك الحوثي زعيم المسلحين الشيعة في شمال اليمن، مزاعم حكومية بأن الحوثيين يريدون إقامة دولة شيعية، وإنهم يتلقون دعما من إيران، قائلا إن "هذه الاتهامات غير صحيحة على الإطلاق ولا تستند إلى أي أدلة." ونسب موقع المنبر الإخباري التابع للحوثيين إلى عبدالملك قوله إن "اتهامات السلطة في مسألة الإمامة هي مجرد حرب إعلامية.. وتضليل وخداع للرأي العام. والمسألة واضحة.. نحن لسنا طلاب مناصب بل طلاب حق وطلاب عدالة.. أما جوهر الأزمة فهو سياسي بامتياز." ونفى الحوثي الذي يقود تمردا في صعدة منذ ست سنوات، أن تكون إيران داعمة للحوثيين أو تزودهم بالأسلحة، قائلا إن الهدف من هذه المزاعم الحكومية هو "إثارة المخاوف لدى أطراف دولية للحصول على دعم منها." ويظهر عدد من الدول العربية مثل السعودية ومصر، قلقا بشأن نفوذ إيران الشيعية التي يعتقد بأنها تحاول بسط سيطرتها في المنطقة من خلال دعم الأقليات الشيعية في عدد من الدول. وعمدت الحكومة اليمنية في الأشهر الماضية إلى إظهار الحرب في شمال البلاد على أنها صراع يقوده متمردون من الطائفة الزيدية الشيعية لإعادة نظام الامامة الذي سقط عام 1962 قبل قيام الجمهورية اليمنية. لكن الحوثي نفى تلك الاتهامات، في حواره مع الموقع، وقال "السلطة توظف كل الأمور الأخرى من باب الاستغلال وتحشدها في الصراع كما تفعل في صناعة فتاوى وتسخير منابر الجمعة ونحو ذلك." وأجاب عندما سئل عن مصدر الأسلحة "نحن شعب مسلح وهذا شيء معروف عن اليمن فليس الحصول على السلاح في اليمن معضلة على الإطلاق.. إضافة إلى ما مكن الله منه في مواقع الجيش من عتاد وأسلحة هائلة.. وليس من الغريب أن يكون لدى الشرفاء وذوي الضمير من أبناء الجيش تعاون معنا." اشتباكات جنوب اليمن.. والبيض يطلب مساعدة إيران من جهة اخرى قالت مصادر حكومية ومستقلة، إن اشتباكات اندلعت في مناطق جنوب اليمن، بين القوات الحكومية، ومتظاهرين ينتمون إلى حركة انفصالية تطلب بفك الارتباط بين شطري اليمن، الجنوبي والشمالي. وذكر موقع "نيوز يمن" الإخباري المستقل، أن المتظاهرين هاجموا مبان حكومية وأزالوا الأعلام اليمنية، بالتزامن مع دعوة قيادة "الثورة الجنوبية السلمية" التي تضم تيارات "الحراك الجنوبي" إلى مظاهرات أطلق عليها "يوم الغضب". وحمل المتظاهرون أعلام اليمن الجنوبيالسابق والذي اتحد مع الشمال عام 1990، في حين قالت مصادر طبية بمحافظة الضالع إنها "استقبلت خمس إصابات وصفتها بالمتوسطة والخفيفة، في المواجهات التي دارت بين الأمن ومتهمين بمثيري الشغب." وفي الإطار نفسه، قال علي سالم البيض زعيم اليمن الجنوبيالسابق الذي يعيش في المنفى بألمانيا في مقابلة نشرت على موقع "عدن نيوز" إن حكومة صالح "تتصرف في الجنوب كقوة احتلال." وأضاف "وعي الناس واستياؤهم من الوضع زاد... لقد دفع سلوك الحكومة الناس ليتجاوزوا حاجز الخوف ويحتجوا في الشوارع.. نعاني من التمييز في التعليم والتوظيف وليست هناك مساواة بالشماليين." وطلب البيض "المساعدة من أي دولة قادرة على تقديمها سواء كانت دولا عربية أو إيران،" قائلا إن "إيران موجودة بالمنطقة وقادرة على لعب دور... نريد المساعدة لعلاج الجرحى وحل المشكلة سياسيا.. أود أن أشير إلى أننا لم نتلق أي مساعدة من إيران لكننا سنرحب بها. منظمات تطالب اليمن بالسماح بأعمال الإغاثة بصعدة وفي سياق جهود منظمات الاغاثة الدولية طالبت منظمة حقوقية، السلطات اليمنية بالسماح للمنظمات الإنسانية "بالوصول إلى نحو 150 ألف مدني محاصرين داخل مناطق القتال" الذي تخوضه القوات الحكومية ضد مسلحين شيعة شمال البلاد. ودعت منظمة "هويمن رايتس ووتش" في بيان، منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة جون هولمز، الذي سيزور اليمن في السابع من أكتوبر/تشرين أول الجاري إلى لعب "دور مهم في جذب انتباه العالم إلى الآثار الإنسانية الخطيرة لهذا النزاع."