بداية وقبل الفهم الخاطئ للعنوان لا بد من التأكيد بان الثورة الشعبية اليمنية قد حازت على اكبر قدر من الدعم والمساندة والتأييد الشعبي من الأغلبية العظمى للشعب اليمني وبصورة غير مسبوقة من بين كل ثورات الربيع العربي , وللمرة الأولى في التاريخ اليمني الحديث منه والقديم. وعلى الرغم من هذا الدعم والالتفاف الشعبي الغير مسبوق إلا انه لا زالت هناك فئة من الشعب ما تزال مؤيدة للنظام متمثلاً في شخص رئيسه المخلوع , ورغم أنهم لا يمثلون سوى نسبة بسيطة للغاية من مجموع الشعب اليمني إلا ان وجودهم في حد ذاته يثير التساؤل عن أسباب تأييدهم ووقوفهم بجانب النظام رغم وضوح فساده وإفساده وتدميره للبلاد والعباد , والذي لاشك ان هؤلاء المؤيدين ان نالوا نصيبهم منه. عند الوقوف الدقيق والعميق والمنصف أمام حالة هؤلاء , وبعد المتابعة والمخالطة استطعت ان أصل إلى نتيجة مفادها ان هؤلاء المؤيدين ليسوا كلاً واحداً بل هم في الحقيقة ينقسمون إلى أقسام وأشكال متعددة ومتنوعة وعلى النحو التالي: أصحاب المصالح والامتيازات هؤلاء يؤيدون النظام ليس حباً فيه بل حباً لأنفسهم ولمصالحهم الضيقة المرتبطة بقاءها ارتباطاً وثيقاً ببقاء وصمود النظام, حيث ان نجاح الثورة سيسحب البساط منهم وسيحرمهم من مصالحهم الغير مشروعة في معظمها اساساً والتي حصلوا عليها نظراً لفساد النظام ولكونهم الدرع الواقي للنظام الذي يعتمد عليهم والذين يشكلون نقطة دفاع قوية للدفاع عن النظام حسب اعتقاد بقايا هذا النظام. وتنقسم هذه المصالح إلى مصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية, أما أصحابها فهم رجال المال والأعمال المرتبطين بالنظام الذين كونوا ثرواتهم الضخمة بفضله , والذين سمح لهم كذلك بامتصاص دماء الشعب وباحتكار السلع والخدمات وخلافه, وكذلك الوجاهات الاجتماعية والقبلية أصحاب النفوذ الكبير المرتبطين عضوياً وكلياً مع النظام , والذين لا بقاء لهم ولا لنفوذهم إلا ببقائه , وكذلك الكثير من أصحاب الدخول الجيدة والمعيشة الممتازة ممن مستواهم فوق مستوى خط الفقر ولا يشعرون ولا يهتمون بمعاناة معظم أبناء الشعب ويرغبون ببقاء الوضع كما هو عليه, أيضاً بعض القيادات العسكرية الفاسدة والمتنفذة والتي تعلم أن اقتلاع النظام يعني اقتلاعها هي أيضاً. كل هؤلاء مؤيدون لبقاء النظام لان مصالحهم مرتبطة به ولان ذهابه يعني ذهاب مصالحهم وامتيازاتهم, ويعني أيضاً تدمير بنية النظام الاجتماعي الذي رعاه وكونه النظام المخلوع, وبناء نظام اجتماعي أكثر عدالة بين عموم أبناء الشعب. الخائفون من التغيير: بالنسبة لهؤلاء فهم يعلمون يقيناً بفساد النظام وبأنه لا يحكم بما يرضي الله إلا أنهم يخافون من التغيير ويخشون أن يأتي الزمن بنا هو أسوأ. هم يخشون من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية ويخشون من القادم المجهول ويصدقون دعاية بقايا النظام بان بقائه حماية للبلاد من الانزلاق لمهاوي الفتن والحروب وبطريقة (جني تعرفه ولا انسي ما تعرفوش), هم بطبيعتهم محافظون ويعتقدون بان بقاء النظام الحالي على ما فيه من مساوئ خير من رحيله ومجيء المجهول المخيف بعده.
الجاهلون: كما هو معلوم فان هذا النظام عمل على نشر وإشاعة الجهل في ربوع الوطن وخاصة المناطق الريفية , ولولا وجود بنية تحتية سابقة للتعليم لما كان هذا القليل الوجود موجوداً أساساً. ونتيجة لكل ذلك ولكم الجهل الهائل كان من الطبيعي وجود مجموعة من الناس مؤيدة للنظام ولرئيسه المخلوع وتدافع عنه لأنها أصلاً مرتبطة بشخص الرئيس ارتباطاً أبوياً ولا تعلم بكم الجرائم التي ارتكبها الرئيس وعائلته , ولا تعرف بحقوقها المسلوبة وتعتقد بان كل ما تعانيه لا علاقة للرئيس به. بمعنى درجة من الجهل مثالية تماماً للنظام تسمح له بان يفعل كل ما يريد من سرقة وقتل وانتهاك وتدمير وتهميش للبلاد والعباد وبدون ان يترتب على ذلك أي تبعة عليه من قبل مثل هؤلاء الجهلة. هؤلاء عاشوا عشرات السنين في عهد هذا النظام الساقط وارتبطوا بعلاقة عاطفية مع صورة رئيسه , وأصبحت نظرتهم إلى هذا الرئيس بأنه لا يمكم ان يخطئ ولا ان تخرج منه العيب , وبان كل ما بعمله ويقوله ويصرح به هو الصواب والصواب فقط. وهنا لابد من إيضاح ملاحظة هامة للغاية وهي انه ليس كل الجهلة مؤيدون ومتعاطفون مع الرئيس المخلوع ونظامه , بل هناك الكثيرين من بينهم ممن يتمتعون بالحد الأدنى من الوعي وهم ضده وضد نظامه وظلمه وهم الأغلبية , ولكن الغرض هو الإيضاح بان يوجد بينهم نسبة لا باس بها ممن تسبب الجهل في عماهم عن رؤية حقيقة المأساة التي يعيشونها. أصحاب النفوس المريضة ومعدومي الضمير: أما هؤلاء فهم أصحاب العداوة على مكارم الأخلاق وعلى كل شيء جميل , هم باختصار من في نفوسهم خساسة ويشعرون بمدى حقارة أنفسهم عندما يشاهدون شباباً خرج وضحى بروحه لأجل وطنه وشعبه وبدون أي مصلحة شخصية لهم , فيعملون بكل ما أوتي لهم من قوة على تشويه سمعتهم والنيل منهم , لأنهم بالمقارنة بهم يصبحون حشرات لا قيمة لها. ونظير هذا الحقد ضد شباب الثورة نجد حباً ودفاعاً عن الرئيس المخلوع ليس حباً لذاته ولكن لاتساق طبيعته مع طبيعة نفوسهم , ولأنه يعفيهم من الإحساس بمدى خساسة ووضاعة أنفسهم وانعدام ضميرهم , وهذه الفئة موجودة حسب علماء النفس في كل مكان وزمان وبصورة متسقة مع طبيعة الحياة الدنيا الموجود فيها الخير والشر والجيد والسيئ والحسن والقبيح. وتجدهم كذلك يبررون جميع الجرائم والمجازر التي ارتكبت ولازالت ترتكب بحق شباب الثورة والمعتصمين السلميين وبدون أي رادع من ضمير أو دين أو أخلاق , فضلاً عن ترويج الأكاذيب بخصوص جرائم السلطة والمتعلقة بقطع الغاز والكهرباء والمشتقات النفطية !. ختاماً نصل إلى نتيجة أكيدة مفادها انه يستحيل ان تجد شخصاً ذا ضمير حي يخاف الله لا تعميه المصالح عن رؤية الحق ويتمتع برؤية شاملة للمشهد اليمني وبالحد الأدنى من التعليم ؛ يستحيل ان تجد مثل هذا الشخص مؤيداً للنظام الساقط ولرئيسه المخلوع , وان كل من عدا ذلك لا بد ان يكون له نصيب من الصفات السابق ذكرها ولبئسه من نصيب.