تأكد لي أن في اليمن فريقين يصوغا حاضر ومستقبل اليمن..أما الفريق الأول وله الغلبة دوماً حتى الآن فهو فريق الفيد والغنائم..ينظر هذا الفريق للوطن كنظرته لبنت الصحن!! لم يكن في خلده يوماً أن يبني وطناً يتساوى فيه الناس جميعاً وتدور فيه عجلة التنمية فيغاث فيه الناس ويعصرون..هذا الفريق المتغلب أوسع الوطن دمامل وجراحات ..عاث فساداً وحول اليمن إلى مركز دولي للتسول..عند إعلان دولة الوحدة في 1990 استبشر العالم بقدوم فريق آخر يحمل في تلافيف دماغه مشروع وطن جديد تكون فيه الغلبة لتأسيس المواطنة المتساوية ..غير أن من ساد هو صولجان الفيد والتقاسم!! رغم وجود الكثير ممن يحبون الوطن المنشود شمالاً وجنوباً..ترى أين تكمن العلة والداء إذاً ؟ نعم سادت ثقافة الفيد والتقاسم, على حساب بناء وطن جديد فيه المؤسسات التي يتساوى عندها الجميع..تم إقصاء كل الوطنيين جنوباً وشمالاً ..صودر مشروع المدنية والحداثة لنفاجأ أن هناك شيخ مشايخ لمدينة عدن..رائدة المدنية في جزيرة العرب قاطبةً !!..توارى مشروع الوطن شيئاً فشيئاً حتى وصل بنا صالح إلى الحكم الأسري العسكري البدائي المتغلب! .. كفر قوم كثيرون بالوطن والوحدة حتى أولئك الذين تربوا على قصيدة "يابلادي" للمرحوم لطفي جعفر أمان..هاجرت عقول الوطن إلى الخارج ..أصبح اليمن قوة طاردة مركزية لبنيه..هنا وقف كل عاقل ليقول كفى .. كفى عبثاً فالوطن يحتضر!... لقد ظُلم الوطن كثيراً..فنحن معشر اليمنيين بدلاً من أن نوجه الاتهام لهذا الفريق الفاسد قمنا بإدانة الوطن ووحدته..نعم صب كثيرون جم غضبهم على الوحدة..إنها قمة الإجحاف..وتخندق كثيرون مع هذا الفريق الدموي الفاسد .. إنها قمة النذالة والإسفاف..تلاشت الوسطية والاعتدال, وتلاشى معهما مشروع الوطن الكبير! كي تنتعش مشاريع ذاتية صغيرة تنتقم من الوطن صبح مساء, إلى أن وصلنا إلى هذا الحال. مسكين هذا الوطن الذي لم تسوده يوما المواطنة المتساوية .. ترى لماذا يرضى سكان اسكتلندا بالوحدة مع انجلترا وبقية مقاطعات بريطانيا, رغم اختلاف الأعراق والثقافات؟.. لماذا يرضى سكان كاليفورنيا بالعيش معاً مع أمثالهم في أريزونا مثلاً رغم اختلافهم في كل شيء حتى في التوقيت!.. هؤلاء الناس عقلاء لا يلومون الوطن في محنهم بل يلوموا من يدير شؤونهم..ناضلوا ووصلوا إلى دولة النظام والقانون التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.. هنا يتعايش الناس ويقبل بعضهم بعضاً...إنهم يجيدون فن التعايش ليس إلا.. كل مطالبهم هي المواطنة المتساوية .. لا يوجد في قاموسهم الفيد والإقصاء واختطاف السلطة.. تُرى متى سيرشد العقل اليمني الجمعي ونؤسس دولة النظام والقانون ونتوقف عن العبث الجغرافي, شمالاً وجنوباً ونترك توجيه الاتهام للوحدة والوطن في محننا.. إننا ظلمنا الوحدة جميعاً فلا الشماليون استطاعوا إيقاف عبث صالح بالوطن ومشروعه العائلي, ولا الجنوبيون - وليس كلهم-وجهوا جل غضبهم نحو النظام وزبانيته, ليطالبوا بالمواطنة المتساوية للجميع..كلنا في الهم شرق!! أما الفريق الآخر, فهو حتى الآن في دكة الاحتياط!! لم يسمح له إلا اللعب لدقائق محدودة لا تؤثر كثيراً في سير معترك الحياة في اليمن.. هناك الكثير ممن يحبون هذا الوطن في كل محافظات اليمن..لا يتسع المقام هنا لذكر هؤلاء, لكن سأتحدث عن المشروع الذي يناضلون من أجله..هؤلاء ببساطة عرفوا باكراً مكامن الخلل في بنية الدولة اليمنية . إنهم يريدون وطننا للجميع , وطن المؤسسات والنظام والقانون يحصل فيه الإنسان على قدر ما ينتجه لمجتمعه..أحسن هذا الفريق صنعاً عندما أنشأ المجلس الوطني, الذي أثير حوله لغط كثير.. المجلس الوطني خطوة جبارة في الاتجاه الصحيح ..خطوة تسترد اليمن من خاطفيه..أشيد هنا برؤية الدكتور ياسين سعيد نعمان حول هذا المجلس الضرورة..قليل هم السياسيون الذين يجمع عليهم وعلى وطنيتهم الناس باختلاف مشاربهم السياسية.. الدكتور ياسين هو أحد هؤلاء السياسيين.. بالله عليكم دعوه يعمل..هذا الرجل أتاه الله حظاً وافراً من الوطنية والرشاد. دعونا ننظر للمجلس الوطني بعيداً عن ثقافة الفيد وتقاسم بنت الصحن... الوطن بحاجة كل أبنائه المخلصين مدنيين وقبائل وعسكر للعبور به إلى مشرع الوطن الجديد الذي تسوده دولة المساواة والنظام والقانون, والتداول السلمي الحقيقي للسلطة. خواتم مباركة للوطن والجميع .