من واجب الحكومة أي حكومة، هو حماية مواطنيها من كل ضرر يصيبهم أو حيف يلحق بهم، ومن هذه الأضرار جريمة التقطع أو ما تسمى شرعا ( الحرابة ). ولكن ماذا لو كانت الحكومة هي التي ترتكب هذه الجريمة بحق محكوميها؟ وهي التي تقطع الطريق لعدة أيام وتمنع الناس من دخول مدنهم وقراهم كما تفعل السلطة الحاكمة بصنعاء هذه الأيام من حصار وقطع ضروريات الحياة عنها. وقد نالت تعز حظها من ذلك، كما فعلت كثيرا بعدن والمكلا والضالع وردفان وباقي ارضي الجنوب منذ عام 2007م وما قبل، وتقتل اليوم العشرات بطائرات محلية وأمريكية مواطنين عزل أبرياء بابين باستهداف عشوائي للمنازل والمساجد، كان آخرها يوم الاثنين 5 سبتمبر حين قتلت غارة جوية أكثر من ثلاثين مواطن، قالت هذه السلطات بعد ان علم العالم بهذه الجريمة (الفضيحة) إن الغارة كانت عن طريق الخطأ وهي تزعم زوراً بأنها تحارب القاعدة الوهمية التي تعرف هذه السلطات أكثر من غيرها إن الإرهاب الحقيقي والقاعدة الأصل هي قاعدة هناك في أروقة وردهات قصورها الوثيرة وتنشر فوق أكتاف عناصرها رتب عسكرية وتنصب بعضهم مناصب مدنية وأمنية رفيعة تحيط بالدائرة الضيقة للأسرة من الأبناء وأولاد الأخوة والأصهار والأنساب وبعض الأذناب المتكسبين من خارج الأسرة بداخل القصر ذاته وتخلع على قيادات بارزة فيها ألقاب عدة.،وكل هذه الجرائم المروعة تتم باسم القانون وباسم (الشر -عية) الدستورية المزعومة ، وقديما قالوا: حين ينتهي القانون يبدأ الطغيان. فإن كان الروائي الراحل (محمد عبد الولي) قد أبان لنا في روايته الشهيرة (صنعاء مدينة مفتوحة) حجم المأساة التي عايشتها صنعاء بفترة من فترات القرن الفارط، فإن قطر دائرة المأساة اليوم يكبر بكبر أدوات الطغيان وتنوع وسائل الاستبداد وآلات القتل الجماعي الفتاكة بأيادٍ محلية وأمريكية وريالات عربية عابرة للحدود، فان حال صنعاء وغيرها اليوم لم تعد فقط مدينة مفتوحة لناهبين ولصوص هذه الأسرة الفاسدة وأعوانها من أصحاب الدفع المسبق بل لقد أضحت مدينة مغلقة بتلالٍ من الأسلحة الثقيلة وبحزام من البلاطجة القتلة (دراكولا أعوان الحكم الأسري) . لم تكتف سلطة (التقطع الدستورية) بأذية المدينة التي تقع تحت قبضتها من الخارج وحسب بل إن تلك الأذية تكون متزامنة مع دراجات الأذى والشيطنة بحق ساكنيها بالداخل والذين يجدون أنفسهم وكأنهم داخل طائرة مختطفة واقعة بيد إرهابيين لن يترددوا بنسفها إن لم تلبى مطالبهم. ولم تكتف هذه السلطة الخرقاء بان جعلت من هذه المدينة المختطفة والمشطورة شطرين (شمالي وجنوبي) غارقة ببحر العناء بل هي تكرس أمر واقع لهذا الحال وتريد من الكل ان يوطن نفسه على هذا المآل. ومن أطرف ما يمكن سماعه بهذا الشأن هي الرسالة التلفونية التي وزعتها إحدى شركات الاتصالات التابعة لهذه الأسرة، ورد فيها بما معناه :( إن الله قد من على الجزء الجنوبي من العاصمة صنعاء بأمطار غزيرة..)، والمقصود بالجزء الجنوبي هو الجزء الواقع تحت سيطرة الأسرة الحاكمة والقصر الجمهوري بطريق الستين الجنوبي عنوانا لذلك، فهل رأيتم أسخف من هذه السلطة الوحدوية جداااااا؟. لعمري لقد بلغ السفه مبلغه بهؤلاء المتشدقون ب(الوحدة ) وبحماية الوحدة الوطنية، والأيام تبدي لنا ما كنا نجهله من إننا أمام عصابة اقرب منها إلى سلطة، وهي تمارس الانفصال قولا وعملا وتكرسه ثقافة مثلما طبعت عليه لسنوات، وبأضيق حدود الانفصال وامقتها، وجبلت على حكم الفوضى والهمجية لعقود ثلاث، وجعلت من الفساد الذي شغفها حباً عنوانا لحكمها البائس هذا. ومن مفارقات هذا الزمن أن عدن حاضرة الجنوب والموصومة بعرف هذه السلطة الانشطارية بأنها وباقي مدن الجنوب مدينة انفصالية،هي اليوم وبرغم قسوة المؤامرة وضبابية المشهد، تقف أكثر تماسكا وتوحدا بوجه قوات (الاحتلال العائلي)، ولم تمنح هذه القوات الانشطارية وأذنابها المستأجرين بالدفع المسبق فرصة لان يشطروا أحيائها إلى شطرين. *خاتمة:(ثمن الكرامة والحرية فادح ولكن ثمن السكوت عن الذل والاستعباد أفدح..)