دعا نائب الرئيس اليمني السابق، علي سالم البيض، دولة قطر إلى تقديم مبادرة من أجل اللقاء بين أطراف جنوب وشمال اليمن. وفيما اشاد بإيران كدولة موجودة في المنطقة وقادرة ولها دور كبير، نفى أن يكون تلقى أية مساعدات منها، حتى الآن، لكنه رحب بأي دور يأتي من جهتها، مؤكداً أنه لن يتوانى من إعلانه على الملأ. وتطرق البيض، في مقابلة صحافية مع جريدة "الأخبار" اللبنانية – عدد الثلاثاء 29 سبتمبر2009 – الى ما قامت به دولة قطر من دور جيد بمحافظة "صعدة"، متمهاً السلطة اليمنية بإفشال مساعيها. وقال "من جانبنا لا يوجد أي اتصال مباشر مع قطر، لكن إذا رأت الدوحة أن لديها أهلية للقيام بمبادرة من أجل اللقاء بين أطراف الجنوب والشمال، فنحن نرحّب بذلك، بل نطلب منها مثل هذه المبادرة".
وحول تقديمه طلباً للدعم من إيران، أكد أنهم طلبوا مساعدات من كل القادرين على علاج الجرحى، أو إسعاف المصابين، أو الانتباه إلى وضع الناس. إلى جانب تأكيده طلب "مساعدات سياسية من كل الناس القادرين على حل هذه المشكلة، سواء دول عربية أو إيران". وقال أن "إيران دولة موجودة في المنطقة وقادرة ولها دور كبير، وهي جارة للعرب وسند لهم وقد ساعدت لبنان وفلسطين وحزب الله، وما من دولة عربية قامت بما تقوم به إيران من أجل تعزيز الصمود في لبنان في وجه إسرائيل".
وفيما عزز تأكيده بالقول "نحن نطلب المساعدة من أي دولة قادرة على توفير ذلك، باستثناء إسرائيل". موجهاً نداءه "إلى كل قادر على أن يساعد على علاج الجرحى، وحل المشكلة سياسياً"، إلا أنه، عاد ونفى أن يكون تلقى أية مساعدات من إيران، وقال "وأقول بالمناسبة إننا لم نتلقّ أيّ مساعدة من إيران، ولكننا نرحّب بها، ولن نتوانى عن إعلان ذلك على الملأ." وكشف أن الدعم المادي الحالي "قائم على التبرّعات من أهلنا ومن المغتربين، ولا يوجد أي دعم مادي للحراك الجنوبي من أيّ دولة كانت". وحول موقف دول الخليج من الوضع في اليمن، ذهب لإتهام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، بالعمل على تخويف دول الخليج، في قضايا الإرهاب والقاعدة والقراصنة، بهدف ابتزازها، بينما أتهمه بالوقوف ورائها.
وفي محاولة تطمينية منه، لدول الخليج، من مطالبه الداعية لفك الإرتباط، قال "لكنّنا أكثر وعياً بالنسبة إلى هذه القضايا، ولا أرضية حاضنة للعنف والإرهاب هناك، والحراك سلمي استقلالي لا علاقة له بموضوع الإرهاب لا من قريب أو بعيد، وبالتالي لا داعي إلى أيّ من دول الجوار أن يخاف منه". مضيفاً "ونقول لدول الخليج، وخصوصاً السعودية، إننا ملتزمون بالاتفاقيات التي وقّعت بين الرياضوصنعاء، حتى اتفاقيات ترسيم الحدود".
وهو إذ أكد على الاستمرار في التحرك السلمي وصولاً إلى الهدف المنشود بإقامة الدولة المستقلة في الجنوب، هدد قائلاً "نحن الآن في إطار التحرك السلمي، متمسكون به، ونعتقد أنه مع الوقت وبتوافر الإرادة سنفرض أنفسنا. لكن الحراك السلمي ليس سقفاً من دون نهاية. ممارسات السلطة قد تفرض سقفاً جديداً. إلا أنّ الناس الآن ليس لهم خيار آخر، وخصوصاً أنهم لا يريدون نزاعاً جديداً في المنطقة".
وتابع البيض "نحن نحاول أن نعطّل عضلات النظام القائمة على الدبابات والطائرات، ونقوم بالحراك السلمي لمنعه من الفتك بشعبنا كما يفعل في صعدة، ورغم ذلك استهدف المتظاهرين العزّل".
وحول مطالبهم من هذا الحراك، جدد مطلب فك الإرتباط، وشدد "إن مطلبنا هو فك الارتباط. وفك الوحدة قانوني حسب القرارين 924 و931 اللذين صدرا عن مجلس الأمن. الأول يتحدث عن عودة الطرفين إلى طاولة التفاوض للاتفاق على صيغة الوحدة، والثاني عدم جواز فرض الوحدة بالقوة".
وعن الموقف العربي، كشف البيض، عن توجيهه رسالة إلى الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، في الفترة الأخيرة، مؤكداً أنه تلقى الرد منه، مشيراً إلى أن المعطيات التي وصلت من الجامعة إيجابية، "فقد جرى تدارس الموضوع في اجتماع وزراء الخارجية العرب أخيراً. وهذه إشارة جيدة لجهة الاعتراف بالأزمة". لكنه عاد وقلل من ذلك، بالقول "ورغم أنها غير مثالية فهي تفتح باباً للأمل لمساهمة الجامعة في حل هذه المشكلة".
أما دولياً، فقد أكد أن "الأصداء تغيّرت كثيراً ومثال على ذلك موقف أوروبا، التي لم تعد تصرّ على وحدة اليمن بأي ثمن. بات هناك تفهم للوضع، وصار الموقف مع الحوار لحل الأزمة".
وإزاء ذلك، كشف ما يخطط له خلال الأيام القادمة، وقال "سنقدّم في الأيام المقبلة شكوى إلى مجلس الأمن للتحرك لبحث الوضع في الجنوب بناءً على قراريه السابقين"، مؤكداً "وقطعنا شوطاً هاماً بالتشاور مع شخصيات قانونية وسياسية عربية وأجنبية لإعادة طرح قضية الجنوب بالاستناد إلى القواعد التي حدّدها هذان القراران".
كما كشف عن "السعي إلى إنشاء لجنة لتقصّي الحقائق مهمّتها العمل على الإعداد لإجراء استفتاء في الجنوب على الصيغة الحالية التي نجمت عن حرب 1994، وأن تطرح على الجنوبيين سؤالاً واحداً: هل هم مع استمرار ما هو سائد أم أنهم مع فك الارتباط؟ إذا كانت إرادة الجنوبيين مع فك الارتباط فلا أتصور أن هناك قوى دولية ستقف ضد إرادتهم في تقرير مصيرهم".
وحول الحرب في صعدة، قال "نحن لا نخفي تعاطفنا ووقوفنا إلى جانب ضحايا نظام صنعاء، من حوثيين وغير حوثيين. والحرب على صعدة هي عدوان من جانب السلطة مع سبق الإصرار"، معتبراً أنها "ورقة من أوراق علي عبد الله صالح التي من خلالها يحاول ابتزاز الداخل والخارج من خلال اللعب على التناقضات الإقليمية، ولكنه فشل في تحقيق مكاسب ميدانية، وأدى إلى كوارث إنسانية وأوقع أعداداً كبيرة من الضحايا والمشرّدين". وإزاء ذلك، دعا إلى "جهد عربي ودولي لمواجهة هذه الكارثة التي لا تقلّ تداعياتها السلبية عمّا هو عليه الوضع في دارفور." حد وصفه، متمها الدول العربية والعالمية بالتقصير، في الوقت الذي حيا فيه، المناشدة التي صدرت عن الأمين العام ل“حزب الله”، السيد حسن نصر الله.
وفي ختام حديثه وجّه "إلى كل الأطراف السياسيّين والقبليّين، لتحريم اللجوء إلى القوّة لحل الخلافات". مذكراً بموقفه أثناء الأزمة التي أفضت إلى حرب 94، حيث قال "ولعلّكم تذكرون أنّني مارست الاعتكاف السلمي عامَي 1992 و1993 تعبيراً عن عدم رضاي عن الوضع الذي آلت إليه الشراكة الوحدوية، ورفضت استخدام القوّة لحل المشاكل السياسية"