أنهى صلح قبلي تم التوصل إليه في منطقة نصاب بمحافظة شبوة بين مشايخ قبائل العوالق ومشايخ قبائل ردفان تداعيات جريمة مقتل أحد أبناء قبيلة العوالق الذي لقي مصرعه في 20 أكتوبر الماضي على يد عصابة من قطاع الطرق تقطعت له في الخط العام على مدخل مدينة الحبيلين بمحافظة لحج وأمطرته بوابل من الرصاص، ثم لاذت بالفرار. وعادة ما تلجأ القبائل إلى أعرافها في حل المشاكل بينها، ولا تلجأ إلى الأجهزة الحكومية إلا نادراً.
وقتل ثلاثة من عصابة قطاع الطرق على يد قبائل ردفان قبل أشهر، وهو ما اعتبره الحكم القبلي الصادر عن قبيلة العوالق تنفيذاً لاتفاق سابق بين الطرفين، لكنه أيضاً دعا ردفاع إلى ملاحقة أحد أفراد العصابة الذي ما يزال فاراً وهدر دمه. وتوجه يوم السبت وفد قبلي ضم عدد كبير من مشايخ واعيان ووجهاء مديريات ردفان ويافع والضالع إلى مدينة نصاب العوالق العليا بمحافظة شبوة مسقط رأس المجني عليه المواطن محمد القمد الصريمي. وكان في استقبالهم حشد كبير من مشايخ وأعيان وأبناء قبائل العوالق الذين قاموا ووفقاً لعاداتهم وتقاليدهم القبلية باستقبال وفد قبائل ردفان ويافع والضالع بمراسيم استقبال قبلية تراثية، حيث استقبلوا ب«الزوامل الشعرية» الذي تزامن مع إطلاق زخات كبيرة من الرصاص في الهواء جرياً على عادات وتقاليد العوالق في مثل هذه المناسبات. وألقيت في مراسيم الاستقبال التي بدأت بتلاوة آيات من الذكر الحكيم الكلمات الترحيبية والقصائد الشعرية من الجانبين. وبعد انتهاء مراسم الاستقبال ذهب الجميع لأداء صلاة الظهر جماعة ثم عادوا إلى صالة الطعام في منزل شيخ مشايخ العوالق الشيخ عوض الوزير، وبعد تناول طعام الغداء بدأت مراسم الختام وهي كلمات الشكر والتقدير والامتنان من الجانبين, وعقب ذالك قام أحد كبار مشايخ العوالق بقراءة حيثيات ومنطوق الحكم القبلي الذي أعلن مشايخ ردفان مسبقاً تشريفهم وقبولهم به. وينشر المصدر أونلاين حيثيات ومنطوق الحكم. نص الساس المتحاكم بموجبه: ساس عدالة من قبيلة آل قطيب بردفان عنهم الشيخ عبدالله احمد محمد القطيبي بانهم معدلين الشيخ فضل محمد صالح عركل شيخ قبيلة الحميدي لقبيلة العسكر العولقية عوالق شبوة (نصاب) في قضية مقتل ولدهم المرحوم محمد صالح محمد القمد العولقي الذي قتل في الحبيلين من قبل قاطعي الطريق العام من بعض أهالي المنطقة وأننا طارحين العدل في تسليم الجناة خلال شهر من تاريخه قابل للتجديد بموافقة الطرفين.
الحكم بسم الله الرحمن الرحيم ((وما الحكم الا لله)) الحكم- الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. قال تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) صدق الله العظيم.
وأي إفساد في الأرض أكبر من قتل النفس البريئة بغير ذنب ارتكبته غير أن صاحبها كان عابر سبيل ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل. ونظراً لعدم وجود المرجعية التي يوكل لها تنفيذ حكم الله وشريعته في البلاد فقد تعارف الناس في بلادنا على تحكيم العرف وأسلاف القبيلة التي جرت العادات والتقاليد عليها ومن هذا المنظور والواقع ونظيراً لما أبدوه أخواننا في ردفان من عدم رضاء عما حدث في منطقتهم واستنكارهم وأسفهم لذلك الحدث ولما بذلوه من جهود وتعاون في سبيل الكشف عن الجناة في هذه القضية واستعدادهم التام لكل ما يطلب منهم وتقديم ما بوسعهم لمتابعة القضية وكل ما يتعلق بها وتقديم العدول الثقيلة في القضية التي نحن بصددها وبناء على إقبال أهل ردفان ومن حضر معهم وعلى رؤوسهم قبائل آل قطيب عامة وبعد كل ما قاموا به في منطقتهم ومتابعتهم للجناة فإننا نحكم في قضية مقتل الشهيد محمد صالح محمد القمد العولقي بالتالي: 1-بموجب ما علمناه بقيام الإخوة أهل قطيب بملاحقة وقتل ثلاثة أشخاص من الجناة فإنا نعلن البيضاء لهم ولأهل ردفان جميعاً على ما فعلوه ونعتبره تنفيذاً لجزء مما تم الاتفاق عليه في الساس المؤرخ بتاريخ 23/11 الذي توافق عليه الطرفين في مدينة الحبيلين. 2-بما أن الجاني الأساسي جمال سيف الملقب ب«الجرذي» لا يزال هارباً من العدالة فإنهم ملزومين بمتابعته وإهدار دمه واعتباره صيد لمن صاده من أبناء ردفان أو أبناء العوالق ولا يكون فيه أي مطالبة قبليه أو سياسية أو قانونية لكونه القاتل الأساسي والمعروف لدينا. 3-يعتبر كل ما ذكر في فقرات الحكم في والى وجوه مشايخ ردفان ومن حضر معهم وفي مقدمتهم الشيخ عبدالله احمد محمد القطيبي. والشيخ فضل عبدالله صالح الوحدي والشيخ فضل محمد صالح عركل الحميدي القطيبي.
وعقب ذالك أعلن مشايخ ردفان قبولهم وتشريفهم للحكم وعبروا عن شكرهم وتقديرهم لمواقف مشايخ قبائل العوالق وأقارب وذوي المجني علية. ثم قام مشايخ قبائل العوالق وفي موقف قبلي أصيل بتكريم الشيخ فضل عركل الذي قدم نفسه كعدل لدى قبائل العوالق لنزع فتيل التوتر وتجنيب أبناء ردفان وشبوة من حدوث أي مكروه والذي وبموجب ذالك الموقف للشيخ عركل، أعلن مشايخ العوالق انسحابهم من المواقع التي خيموا فيها على أطراف مدينة الحبيلين وقيامهم بدفن جثة ولدهم المجني عليه حيث كرم مشايخ العوالق الشيخ فضل عركل الذي ضل لديهم في نصاب منذ الأول من نوفمبر الجاري بقطعة سلاح قام باستلامها ومن ثم أعلن أمام الحاضرين إهدائها إلى شيوخ ورجال قبائل العوالق الذين وصفهم «بأهله وناسه ورجال الشهامة والأصالة والكرم». وعقب قيام مشايخ ردفان ومن معهم بالتوقيع على الحكم أقيمت مراسيم توديع شعبية كبيرة وسط أجواء من البهجة والألفة والمودة والتآخي بين الجميع، ودع شيوخ ورجال العوالق إخوانهم من أبناء ردفان ويافع والضالع بالرايات البيضاء الذي سلموها لهم لوضعها على أكتافهم وفوق السيارات والحافلات التي أقلتهم.
الصورة من الأرشيف لبعض شيوخ العوالق أثناء قدومهم إلى ردفان عقب مقتل أحد أبناء قبيلتهم.