لو أنها صفحة وفيات كارثية كتسونامي لما اتسعت هذا الكم من القتلى في غضون عشرة أشهر, ماذا نسميهم الآن .. فقط أتسائل بشيء من الحٌزن والوجع كانوا جميعهم زهور في الصبا الناعم ... يتشوقون لوطن ! *** من غير المعقول أن توأد ثورة وتٌجرف بعقابين, عقاب سفك الدماء والحصار الوضيع وإبتزاز نفسية المواطن بأبشع الطٌرق لشهور عشرة، وعقاب تغيب أهم مطالبها لا بل وطمس ملامحها وحقن انفعالاتها الغاضبة وتشنجاتها بمهدآت وأمصال الإسعافات الأولية والتي لن تُجدي ولن تُفلح في قص جذور العلة من أساسها، ثم يقبل شعب مجروح بهكذا مساومات تنتهي بحقائب وحصص وزارية وغنيمة أطراف يتقاسموها فوق مائدة السلطة ذاتها, والمتسخة بالجرم والدم والاشمئزاز ، أقول من غير المعقول أن يفلح الوزراء الجٌدد في كبح غل أُسر فقدت أبنائها وثُكلث أمهاتها وتيتمت أطفالها، ثم لا زال القتلة بين يدي الوالي ينعمون بأمنيات الرخاء القادم، وكما هو معروف بل مُتعارف علية ,لا أنصاف حلول في الثورة بتاتاً ولا وجود لأنصاف ثورات حتى, أما أن تكون مٌتكاملة غير مُجزاة وإما أن ترتد نصل لحصاد ما تبقى من غضب مؤجج في الصدور لا بل وإزهاق ما تبقى من أمل في الحياة لدى الجموع الثائرة. بالعدالة فقط: تطمأن النفوس ويُشنق غِلها وتتضائل فيها الرغبة للانتقام العدالة هي المطلب الأساس لإسكات القهر، وهي السقف الجامع لكل مدنية يحلم فيها مواطن مذعور جرفته عقود من التهميش فأنتفض وعُوقب بهذه الطريقة المُهينة وكيف يقبل نصف ميتة والأخرى متربصة به بين الحين والحين الآخر، أقول ذلك استناداً على إنسانيته وجروحه العميقة وفزعة في حدود الغيبوبة لا على خلفيات الصراع سواء بسمومه الإحترابية أو حتى الإيديولوجية الصامتة, ومن غير المعقول رفضه طيلة هذه الأشهر الأليمة مساومة الموت القاطعة إما التراجع أو الانتحار وقبل الأخيرة دون تردد, والآن كيف يا ترى يقبل امتثاله لحصص بلهاء تُسيل لعاب اللاهثين للمقاعد والبزات الأنيقة والعربات الفارهة على حساب إذلاله مجدداً وإرتكاسه وتذكيره أن فعله ونبضه لا يشكل أي قوة لها تأثير ومطالبه ترتطم بواجهات الحُقبة القديمة كما ترتطم الأشباح في جدار قديم لمنزل مهجور. الآن وقد تبين خيط المزاح من الدجل, وخيط الصفقة العريضة للثورة من خيط المكاسب المؤجلة كما أن الشعب أضحى مُحصناً بما يكفي بوعي الدسيسة وكيف تمت بها مهمة تقويض ثورثه من الداخل والخارج والإجهاز عليها بالإجماع وأصبح اللصوص والإحترابيون والقوادين عٌراة جميعهم, كما تضاعف رصيده من التهميش هذه المرة بحفر وأكياس الدم العميقة في الذكرى دم الأشهر النازفة, ما الذي يستطيع أن يقرره وماذا تبقى له من خيارات بأسم الحلم والمدنية التي خرج الجميع لأجلها ..قولوا معي قولوا مع مظفر النواب في قصيدة الخوازيق : لا يا قحاب سياسة خلوه صائم موحشا فوق الزناد فإن جنته صيامه قالوا مراحل قولوا قبضنا سعرها سلفا ونقتسم الغرامة
**** إن الثورة التي لا تتسرب في مفاصل القوة , للدولة المُحاربة لا يمكن إضعافها , أو تقليص خطورتها بتاتاً ' مثلها مثل فاعلية العلاج الإشعاعي في تقويض بُنية الخلايا السرطانية و معالجة الأورام، خصوصاً في الإشعاع الداخلي ( Internal radiation ) حيث يأتي من مادة مُشعّة يتم تثبيتها مُباشرة داخل أنسجة الورم أو قريباً منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة ، وفي هذه الطريقة يتم توجيه و تسليط جٌرعات مكثفة منه على حيّز محدود من الجسم و تُقلل بذلك من تعرّض الأنسجة الطبيعية للإشعاع بل وخطورته في غير موضع الإصابة ... الثورة إيضاً فعل إسئصالي ومشروع كنس من الجذور وبصورة دائمة إن أقتضى الأمر يخفف من أكتساح أضرار قيم الإستبداد والفساد المستشري والمُتجذران بقوة في بُناها وخلاياها الداخلية وكافة مؤسساتها والغير قابلة بتاتاً للإصلاح أو التحديث حتى ... كما أنها في المقابل / مشروع صيانة من العبث إيضاً وتنقنين خطورة الذوبان والإنهيار الكلي لجسد الدولة بما في ذلك أمن المواطن وخلفياته في السلم والهوية , وأن صور العلاج تختلف تبعاً للحالة فلا يمكن تفتيت ورم مُشين كالسرطان مثلاً , بإستخدام وخز الإبر الصينية .. والناجعة فقط في تفويق جزء بسيط من جسد يكون فيه مشلول مخدر . **** لا يكفي اعتراف نوبل السلام بكم ولا المينيرفا ولا نجوم الخليج .. ولا حتى أوسكار لو تقررت من نصيب «صلاح الوافي» افتراضاً أو نوبل للأدب إذا ما ذهبت لي مثلاً في موسمها القادم... لا تندهش أيها الشعب العزيز المجروح والمٌثخن بالقدرات الكامنة لا يكفى فتات الانتصارات بتاتاً لتكونوا بعد الآن لا يكفي !