اللواء الركن علي محسن صالح يمتلك شخصية اجتماعية جذابةً يأسر محدثيه بهدوئه ورزانته وبالرغم من شخصيته العسكرية القوية والصارمة إلا أنه رجل متواضع بشهادة كل من يعرفه . اللواء محسن لديه الكثير من المحبين والكثير من الخصوم وهذا أمر طبيعي جداً لأي شخص في مثل مكانته وموقعه العسكري. ولكن ما يجمع عليه الكل هو أن الرجل قوي ومؤثر جداً على المستوى العسكري والقبلي والاجتماعي ويعتبر رقماً صعباً في المعادلة اليمنية بكل مكوناتها وله أدوار وطنية وعسكرية مشرفة ومشهود لها فقد أثبت قدرته على فهم الواقع واتخاذ القرارات المناسبة في الزمان والمكان المناسبين فقد كان صمام أمان للوطن وأدواره معروفة في حل الكثير من الخلافات السياسية والعسكرية والقبلية الشائكة بل كان همزة الوصل بين مختلف الفرقاء. لقد كان وجود اللواء محسن عقبة كبيرة أمام أي مشروع لتوريث السلطة وليس من المستغرب أن نسمع عن تعرضه لمحاولات التصفية والاغتيال من قبل اندلاع الثورة الشعبية وأثناءها. والمعروف أن مركزه العسكري هو نقطة قوته الرئيسية ولهذا فقد حاول خصومه في النظام ضربه في نقطة قوته وذلك بالزج بقواته في حرب مدمرة في صعدة وغيرها من المناطق بهدف إنهاكها تمهيداً لتقليص نفوذه وتنحيته عن المشهد العسكري والسياسي ولكنه تجاوز ذلك بذكاء واقتدار . يتعرض اللواء محسن لحملة شعواء تكيل له مختلف التهم على خلفية تأييده للثورة الشعبية فإذا كان مقترفاً لكل تلك الجرائم فلماذا سكت عنه النظام تلك السنوات الطويلة فقبل أن يساءل اللواء يجب محاكمة النظام الذي لم يكن على قدر تحمل المسؤولية والأمانة. وأنا لست مدافعاً عنه ولكني أحيي فيه شجاعته الأدبية ورباطة جأشه عندما أعلن بملء الفم وأمام العالم أنه يأسف لمساندته النظام في الفترات السابقة بل وأعلن استعداده للوقوف أمام قضاء الثورة العادل شاهداً أو متهماً ولم يفر إلى الأمام كما فعل البعض طالباً كل ضمانات العالم . وهذا يقطع الطريق أمام من يقول أنه أيد الثورة خوفاً من المساءلة القانونية . اللواء محسن كان مستفيداً من بقائه تحت مظلة النظام ولكن روحه الوطنية وقسمه العسكري وضميره الحي أبى إلا أن ينحاز لمطالب الشعب ويقوم بدوره الوطني في حماية المعتصمين خاصةً بعد مجزرة جمعة الكرامة التي أزهقت فيها أرواح الشباب الطاهر على بعد أمتار من مكتبه على يد قتلة مأجورين . فقد غامر بحياته الشخصية وكل مصالحه ومكاسبه ووقف في وجه آلة القتل وحمى ساحة الاعتصام وتحمل كل الاستفزازات التي حاولت جر قواته إلى حرب شوارع قذرة ومع قدرته على الرد فقد حكم العقل والمنطق ومصلحة الوطن ومضى في طريق التأييد السلمي والرد المحدود على أي إعتداء يطال ساحة الاعتصام . وبالرغم من حجم وكثافة وتسليح القوات الموالية للرئيس صالح والمحيطة بالعاصمة إلا أن اللواء بحكم خبرته خلق توازن رعب منع المواجهة الشاملة بحكم الانتشار الجيد لقواته وتلاحمها مع الوسط السكاني والمعتصمين . وكما أكد أكثر من مرة أنه لا يوجد لديه أي طموح سياسي أو عسكري مستقبلاً إلا أنه أراد أن يختم مشواره العسكري والوطني بموقف شريف يحقق للشعب طموحاته ويكفر عن سنوات تواطئه مع النظام ويدخله التأريخ من أوسع أبوابه. فقد أيد كل الحلول السلمية التي تحقق للشعب مطالبه سلمياً وبأقل التكاليف وأعلن عن تعاونه مع اللجنة العسكرية وتأييده المطلق لحكومة الوفاق الوطني من أجل انجاز الانتقال السلمي والآمن للسلطة وأثبتت الأشهر الماضية أن الرجل قد تحمل الضغوطات والتهديدات بل أنه لم يكن قائداً عسكرياً فحسب بل كان سياسياً بامتياز يعرف كل الأبعاد السياسية والتداعيات داخلياً وخارجياً للأحداث في اليمن وأعطى رسائل واضحة ومطمئنة للداخل والخارج أن الحرص على مصلحة اليمن ستكون الأولية في المرحلة الراهنة والمستقبلية. وبالرغم من قربه القروي والقبلي من الرئيس إلا أنه غلب مصلحة الوطن على مصلحة الأشخاص وجعل الانتماء للوطن والشعب هو المعيار الذي رجح كفة الميزان نحو مصلحة اليمن وتطلعات الشباب. تحياتي له ولكم ولكل من يحب اليمن.