تفجرت الثورات العربية في وجهة الحكام القابعين على كراسي الحكم لعقود من الزمن ، وكان الشباب في مختلف الأقطار العربية هم المحرك الأول لتلك الثورات ، وبذالك تغيرت نظرت المجتمعات إلى ذلك الجيل ، الذي رفض ما ارتضاه إباؤهم من الظلم والجور، وعقدت عليهم الآمال في صنع مستقبل أفضل على مختلف الأصعدة . لكن لا أخفيكم سراء أني قد وجدت عكس ما يظهر للعوام وبحكم احتكاكي بطبقة تعتبر من أرقى طبقات المجتمع بما تمتلكه من علماء في مختلف التخصصات العلمية والأدبية، وفي متلف المستويات العلمية سوى البكالوريوس أو الماجستير او الدكتوراه ، ومن مختلف الجامعات المصرية والعربية. وجدت جيل مختلف تماما عن ما يظنه الآباء الذين ينتظرونهم وهم على أقسام: الصنف الأول: مجموعة تدعو إلى تطبيق نظم ونظريات ومفاهيم غربية وأبزها العلمانية – الليبرالية - ويخوضون في التفسير والشرح لتلك النظريات ومدى صلاحيتها للتطبيق في المجتمع اليمني ، و وكيف المجتمع اليمني مجتمع تتنوع فيه المذاهب والطوائف والعرقيات ، وفي مثل تلك الظروف لا يمكن إن يحكم مجتمع بهذه التقسيمات إلى بنظم لا تؤمن بكل تلك التفريعات ، حتى إنني تخيلت أن المجتمع اليمني، لم يدخله الإسلام ولم يخرج منه الفاتحون ولم يخرج منه العلماء والمجتهدون ، بل هو مجتمع تعود أصوله إلى الهنود الحمر تتعد طرقهم العقدية من هندوسية وكنفوشية وبوذية ، ولذلك لا يمكن أن يحكم بدين الإسلامي لأنهم لا يدينون به . بل إن ذلك النوع من الشباب لا يستطيع أحيانا التفريق بين تلك المصطلحات التي يرددها فهو يخلط بين العلمانية والليبرالية وقد ذهب بعضهم ليقول انه علماني ليبرالي – سلفي جمع المتناقضات في قالب واحد . وهذا النوع يذكرني بما ابتليه به بعض الأسر عندما كان يذهب أبنائهم للدراسة على أيدي بعض المشايخ ،لمدة شهرين أو ثلاثة ، فيعودون بفكر غريب على مجتمعهم المتواضع لا لذات الفكر إنما لسوء فهمهم له فيحكمون بأن العقد الذي يربط بين أبويه باطل وان النظر إلى وسائل التكنولوجيا حرام وغيرها من العجائب . فيا ترى ماذا سيعود ذلك الشاب المتعلم لمجتمعه المسلم ؟ ماذا سيقول لوالدة كيف سيفسر له تلك المصطلحات علمانية – ليبرالية – سلفية ؟ كوكتيل مستورد لم يصنع محليا. ومن الريب الملاحظة على هذا الصنف انه يرفض تلك المفاهيم أن تطبق على حياته الشخصية ، لأنه ما زال مرتبط بدينة بالفطرة ؟ تعرفت على شاب ؟ يقول بأنه كوكتيل ليبرالي -علماني – سلفي – لم استطع أن اجمع بين كل ذلك الكم من الكلمات ، لكن اخبرني بما يدور بين مجموعة أصدقائه الذين يطلقون على أنفسهم تلك المسميات فيقول أنه دعي إلى احد الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة استقبال الطلبة الجدد ، فكن المقترح من بعض منظري المجموعة بأن تجسد المفاهيم التي يدعون إليها في ذلك الحفل ، وأبرزها الاختلاط بين الحاضرين والحاضرات للتعارف وتبادل الخبرات ، على النمط الغربي ، فما كان من كثير من الشباب إلا أن رفض ذلك ، لا لشيا لا لان ذلك عيب ولا يصح ، وإذا كانت تلك هي الليبرالية فلا نريدها . سبحان الله الم تعلموا إن تلك الألفاظ تحمل تلك الدلالات والمعاني: الليبرالية بمعنى الحرية المطلقة التي لا يقيدها دين ولا عرف . . وهذا الصنف سيعلم عندما يعود انه مرفوض حتى من جدته العجوز التي لم يعد فيها نفس للنقاش فما بالك بوالدة وأمه الأمية التي عرفت أن السارق تقطع يده والزاني يرجم وشارب الخمر يجلد وان أخته لو خرجت كاشفة غير الكف واليدين في متبرجة، وان الطلاق أنواع ، وان الربا حرام ،و غيرها من المفاهيم الإسلامية التي توحي بارتباط الدين بالدولة، ولا تحتاج إلى فلسفة أو نقاش لأنك تتحدث مع مجتمع يدين بالإسلام، وحديثك عن تلك الألفاظ والمصطلحات، تجعلك ريبا، كم يقدس الحاكم ، ويكفر مخالفيه ، ويتنكر على مجتمعه لاستخدام الراديو أو التلفون أو يرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة ، إذا أنت تغرد خارج السرب . . والصنف الثاني : أما الصنف الأخر فيدعو إلى العلمانية – الليبرالية – محاربة الكهنوت الديني – الوقوف أمام الاضطهاد الديني . مصطلحات كبيرة ومتنوعة في خطابة ، وعند نقاشك لهذا الصنف تجد انه لا يؤمن بما يقول أبدا ومتناقض في إجاباته ، وقضيته الوحيدة انه يختلف مع س ، أو ص من الناس الذين ينتمون إلى بعض الجماعات أو الأحزاب الإسلامية فقط ، فقد اختل الفكر أو الحزب أو الجماعة في فرد وسعى إلى محاربة الفكر ، فالشخص الذي يختلف معه شخصيا ينتمي إلى التيار الإسلامي أما الصنف الثالث: فهم مجموعة لديها قدر كبير من الثقافة والإطلاع في الكتب الدينية وكتب الفلسفة، وتاريخ الثورة الفرنسية ، ولديهم قدرة على الحوار لكنهم ، يسعون من خلال ذلك الفهم والقدرة على الحوار إلى إسقاط كل مفرزات الحضارة الغربية على واقعنا الإسلامي ، ويرون أن حضارتنا تكمن في تطبيق النظريات الغربية التي من وجهة نظرهم أسهمت في تقدم ارويا ، بل إنهم ذهبوا إلى ابعد من ذلك في فلسفتهم ، بقولهم الإسلام علماني ،أو الإسلام يدعوا إلى العلمانية ، وبصراحة حالهم محزن لأنهم يتلاعبون بالألفاظ والتعريفات التي أوضحتها معاجم اللغة وترجمات الغرب أنفسهم ، والتي مفادها ان العلمانية تعني ألا دينية أو فصل الدين عن ألدوله ،أو لا رقابة دينيه على الدولة فكيف تم لهم علمنة الإسلام ، ثانيا من هو الأقدم حتى يقاس علية الإسلام ام العلمانية ، ومن هو الذي استطاع أن يثبت ولا يتغير الإسلام ام العلمانية . وهذا الصنف ذكرني بدعاة الماركسية أو الاشتراكية العلمية عندما كانوا يسعون إلى نشر ذلك الفكر في بلاد الإسلام ، كانوا يقولون الإسلام الاشتراكي . أيه الشباب لم كل تلك الفلسفات التي لا تؤدي إلى خير لقد ذهبت الماركسية ولم تستطع الثبات في ارض اليمن ولم تجلب إلا الخراب والدمار والسفور ومحاربة الدين ، واليمن ليس حقلا للتجارب فنحن نمتلك دستورا إسلاميا يصلح لكل زمان ومكان ، المشكلة فقط تكمن فينا نحن.. لابد من محاولة فهم الإسلام فهما صحيح يخدم البشرية كما هو روح الإسلام، لا يحتاج إلى اجتهادات تخدم فرد أو جماعة أو حزب الإسلام اشمل واعم من كل النظريات . لكن مع وجود هذه الأصناف من الشباب ، يوجد صنف متميز يؤمن بعدالة فكرة الإسلامي الذي ينبع من أصول التشريع الحكيم الكتاب والسنة، يؤمن أن الإسلام هو الحل لك قضايا المجتمعات الإسلامية وليس اليمن فقط، وهذا الصنف يحتاج إلى من يفسح له المجال لكي يسهم في إعادة صياغة الفكر الإسلامي الصحيح.