مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ناشطون ومواطنون: الإفراج عن قحطان أولوية وشرط قبل خوض أي مفاوضات مع المليشيا    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرحب.. المأساة المنسية
نشر في المصدر يوم 30 - 12 - 2011

تحقيق وحوار : محمد الجماعي - علي العوارضي - مراد السعيدي
في طريقنا إلى أرحب، رفقة الوفد الصحفي والقانوني الذي خرج معنا إلى مديرية أرحب (50 كيلو متراً شمال العاصمة صنعاء) كانت الأشواق تحملنا إلى محطة هامة من محطات الثورة اليمنية.
الفريق المكون من 25 شخصاً، ضمتهم صورة تذكارية جماعية للفريق، في ساعات الصباح الأولى على منصة ساحة التغيير، وفي حسبانهم أن زيارة منطقة صراع كأرحب تقتضى ترتيب كل الأشياء المتعلقة بالوداع الأخير.
تسابق أعضاء الفريق على الأسماء والمناطق ساعة وصولنا أرحب، البعض يريد «شعب» فيما هناك من يفضل «بني جرموز» وآخر يرى أن من الأفضل زيارة «زندان» و«بيت الحنق»... والأخيرة كانت وجهتنا بدون تخطيط، ولكن الأقدار ساقتنا إلى حيث نريد: إلى الشيخ منصور الحنق، شيخ مشائخ أرحب، والبرلماني المعروف.
تتشابه الجبال في أرحب كما ألوان السماء والتراب والصخور والشقوق الأرضية التي تمثل قاسما مشتركا في تضاريس المديرية الواسعة المساحة والمكان.. كما وتتشابه في الحالة الإنسانية التي وصلت إليها.

أطفال أرحب يسألون متى يتوقف إطلاق الصواريخ؟

يجثم هذان الصغيران على ما تبقى من حطام منزلهما الذي دمره صالح في حربه على أرحب ..
يتأمل محمد في غرف المنزل ... هنا كنت ألعب ... هنا كنت أنام ... هنا كنا نتاول وجبة الغداء
من مكان لآخر. يتنقل محمد في بقايا ركام. أتبعه وقلبي يكاد يتفجر من كلمات أخيه يحيى وهو يمشي معنا ممسكاً قميصي بشدة يسألني: هل سنعود لنسكن في بيتنا من جديد يا عم؟
وهل ستصلحون لنا الجدران وتشترون لنا نوافذ جديدة كالأولى؟
ببراءة يقول يحيى تلك الكلمات ولهفة العودة الى قريته ومنزله بادية على وجهه الشاحب.
أقف مشدوهاً من حجم الدمار والخراب فيقاطعني محمد قائلاً «هل يتوقف صالح عن إطلاق الصواريخ علينا؟» التفت إليه وقلت له بصوت لا يعرف الحقيقة إن شاء الله .
يصرخ يحيى من الفرح ودمعت عيناني من ذلك المشهد وأخذت أمسح دموعي خشية أن يراني الصغار فيعلموا أني لا أملك لهم شيء .

الشيخ منصور الحنق: لأنها قالت لا لسفك الدماء.. أرحب تقصف وتدمر
لم أكن أتوقع أن تطأ قدمي تراب أرحب المحاذية لشمال العاصمة صنعاء في وقت كهذا.، ساعة ونصف وإذا بي بين بقايا تلك المنازل المدمرة ، ومع تلك الأسر التي استقر بها الحال بين كهوف الجبال. كغيري كنت أتساءل: لماذا أرحب؟! وما الذي دار هناك طيلة الأشهر الماضية التي رملت فيها النساء ويتم الأطفال.. كل هذا وغيره وضعته بين من يصفه إعلام صالح بقائد المقاتلين في أرحب الشيخ منصور الحنق شيخ مشائخ أرحب الذي تحدث غلينا عن الأوضاع في المنطقة بعد حرب صالح على أرحب التي لا تزال مستمرة حسب تعبيره.. إلى التفاصيل:

ما تقييمكم للوضع وماذا قدمتم للمتضررين؟
بخصوص الوضع الإنساني القائم فإن الوضع الإنساني في اليمن بشكل عام هو وضع كارثي ومأساوي، لم نكن نتصور أن يصل أبناء اليمن إلى هذا المستوى سواءً في أرحب أو اليمن بشكل عام. الوضع الإنساني في أرحب مزرٍ وكارثي ومأساوي جداً، فالسكان يعانون على صعيد الحياة اليومية، من جهة نقص الموارد الغذائية والمياه والملابس والسكن. نحن في فصل الشتاء والسكان يعيشون في العراء، فهناك قرى هجّرت بالكامل ومنازل دمرت وبيوت خربت، الناس اليوم يعيشون في الكهوف والشعاب والوديان. بعضهم لا يجد شربة الماء التي يروي بها ظمأه، والبعض الآخر لا يجد ما يأكل. الناس اليوم يعيشون في وضع مؤسف في الصحراء بين الحيوانات والذئاب والثعابين لا سقف يقيهم حرارة الشمس ولا جدران تحميهم من برد الليل. المزارع تضررت وتأثرت فالوضع الاقتصادي تأثر بشدة وتدهورت حالة الناس وأصبحت مأساوية وكارثية، فالحرب جعلت الناس غير قادرين على الذهاب إلى مزارعهم أو محالهم أو منازلهم ولا حتى الأسواق، وصاروا يعيشون في الكهوف والعراء. النظام عامل أرحب على أنها منطقة عدو وقصفها بلا رحمة دون أن يفرق بين صغير أو كبير ولا رجل أو امرأة.
لماذا أرحب؟
لأنها قالت لا للظلم، لأنها حرصت على عدم سفك دماء الثوار في الساحات ولأنها تقف مع الحق.
هل لديكم إحصائيات بعدد الشهداء والجرحى؟
لدينا إلى الآن 149 شهيداً من بداية القصف سقطوا وهم في منازلهم، بينهم 13 طفلاً و7 نساء وأكثر من 300 جريح، وهناك أكثر من أربعين معاق لا يستطيعون مزاولة أعمالهم أو حياتهم ولا يقوون على الحركة، ودمر أكثر من 18 مسجداً، وهناك عدد من المنازل التي دمرت كما دمرت أيضاً المدارس والمباني الحكومية والعديد من المحلات التجارية، وحتى الأسواق لم تنجُ من قصفهم، حتى الحرم الجامعي لم يسلم هو الآخر من الدمار.
هل هناك رقم حقيقي لعدد المنازل التي دمرت وتضررت جراء القصف على أرحب؟
هناك أكثر من 1200منزل دمر بعضها تدمير كلي، والبعض الآخر تدمير جزئي فضلاً عن تدمير 25 بئر مياه.
هل زارتكم منظمات حقوقية او إنمائية؟
زارتنا اليونسيف ومنظمات عبر جمعية الإصلاح وقدموا مساعدات عينية للمتضررين لكنها لا تكفي ولا تلبي حاجات المواطن المسكين، فعدد النازحين كبير وما يقدم لهم قليل، ولهذا قام أبناء المنطقة بإنشاء جمعية لمساعدة النازحين ومعالجة الجرحى، ونشكر كل من يساعدونا في دعم النازحين. نلقى إحراجاً كبيراً من الأٍسر المتضررة كلما سألونا ماذا قدمتم لنا؟ فهم يريدون معونات، ونحن نطالب المنظمات ورجال الأعمال وفاعلي الخير مساعدة النازحين والمتضررين .
ألا تشعرون ان وقوفكم مع الثورة هو السبب في خسارتكم لأبنائكم ومنازلكم وهل أنتم نادمون على ذلك؟
لا شك أن تأييدنا للثورة هو السبب في قصف أرحب، فمنذ بداية الثورة بدأ الحرس الجمهوري يتسلل من المعسكرات ليتجه إلى صنعاء لقمع إخواننا الثوار هناك، لكن أبناء أرحب رفضوا ذلك وأصروا على منعهم، وقالوا لهم لن تذهبوا وتقتلوا إخواننا في صنعاء، فخرجت الدبابات والمدافع والآليات، فخرج أبناء أرحب لمنعهم، ونام بعضهم أمام جنازير الدبابات وقالوا لهم إذا أردتم أن تذهبوا فدوسوا علينا واذهبوا.
وقاموا بوقفة احتجاجية أمام المعسكرات وبعد الوقفة أقاموا ساحة اعتصام سلمي هناك، وكان الهدف منها أن لا يخرج الحرس الجمهوري لقتل شباب الثورة في صنعاء. لكن الحرس بدأ بافتعال المشاكل بقتلهم للأخ حازم المراني أحد أبناء مشائخ أرحب في نقطة فريجة. ثم نقيب المعلمين وأحد مشائخ أرحب عبد الحميد شبرين في نفس النقطة.
وبعدها وضع الأمن القومي قائمة بأسماء كثيرة لشخصيات عدة ليتم اغتيالهم والتخلص منهم كونهم شخصيات مؤثرة وفاعلة في المجتمع، لكن الناس بدؤوا يستدركون أمورهم ويأخذون حذرهم، وشعر أبناء أرحب أن هذا واجب عليهم ولسنا نادمين على وقوفنا مع الثورة وسنظل أوفياء لها. وأقول إننا ضحينا وسنضحي حتى تحقيق كافة أهداف الثورة. مع العلم أننا لم نختر هذه الحرب، بل فرضت علينا فقد اُعتُدي علينا وقتلت نساؤنا وأطفالنا فقررنا الدفاع عن أنفسنا.

أرحب .. المأساة المنسية
أرحب .. المشتقة لغوياً من «رَحُبَ المكان» إذا اتسع لمدعويه، ضاقت مؤخراً أمام أهلها الذين غادروها تحت وابل القذائف والنيران، إلى جبال لم تعصمهم من جوع وبرد وخوف تعيش تفاصيله مئات الأسر المشردة داخل كهوف ومغارات لا تتوفر فيها أبسط مستلزمات الحياة.
معاناة حقيقية وجرائم ضد الإنسانية بدأت تتكشف في قرى ونواحي أرحب مع نزول أول فريق صحفي وحقوقي إلى المنطقة الأربعاء الماضي ضم عدداً من القنوات الفضائية والصحف المحلية والمواقع الالكترونية.
149 شهيداً بينهم 10 أطفال و3 نساء و322 جريحاً بينهم 22 طفلاً و9 نساء إحداهن بإعاقة دائمة، حصيلة أولية لضحايا القصف المتواصل الذي تشنه ما يسمها الأهالي بقوات الحرس العائلي المطوقة أرحب من ثلاث جهات مختلفة وعلى مدى 6 أشهر متتالية.
وتتصدر مساكن المواطنين قائمة الأضرار التي لحقت مديرية أرحب جراء القصف المتواصل عليها من قبل قوات الحرس الجمهوري سيما منطقة «الشعب» القريبة من معسكر الفريجة حيث لا تزال قوات الحرس تواصل توغلها في المنطقة وتستحدث مواقع عسكرية جديدة كما حدث في منطقة «الصنصل».
«شعب» أرحب
«الشعب يريد إسقاط النظام» عبارة استقبلتنا عند مدخل أول منزل زرناه في قرية الشعب والذي دمر بالكامل جراء القصف العنيف الذي تعرض له من قبل قوات الحرس المتمركزة في جبل الصمع والصنصل، وأسفر عن إصابة شخص وتشريد 4 عائلات كانت تقطن المنزل.
وفي المنزل (الضخم) كما يظهر من بقايا أطلاله، تبدو الصورة أقرب إلى ما يحدث في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية، حيث تحول المنزل إلى أثر بعد عين، وبقيت آثار الخراب والدمار الذي خلفته قذائف المدافع والدبابات شاهداً حياً على جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها قوات صالح بحق السكان والمدنيين في أرحب ومدن يمنية أخرى.
قال الشيخ صالح أحمد المراني صاحب المنزل إن عائلته المكونة من 75 نسمة تعيش حالياً وضعاً مأساوياً داخل كهوف لا تجد فيها ما تأكله أو تفترشه، بعد أن أتلف القصف كل محتويات المنزل الذي يمثل بالنسبة لنا جهد وكد وتعب وعرق سنوات بكاملها قضيتها في بنائه وتأثيثه من أجل لم شمل العائلة.
وعزا المراني قصف منزله إلى موقفه المؤيد والمناصر لثورة الشباب السلمية المطالبة بالتغيير، مؤكداً في الوقت ذاته احتفاظه بحقه في مقاضاة مرتكبي هذا العمل الإجرامي، والمطالبة بالتعويض العادل عن كل ما لحقه هو وأسرته من أضرار وخسائر مادية وبشرية.
بيت العذري الأعلى
ويتكرر المشهد ذاته في قرية بيت العذري الأعلى حيث وقفنا هناك على ثلاثة منازل دمرت هي الأخرى بالكامل جراء قصف قوات الحرس الجمهوري المتمركزة في معسكر الفريجة للقرية دونما تفريق بين إصلاحي ومؤتمري ومؤيد للثورة أو معارض لها –حسب غانم العذري- صاحب أحد المنازل المتضررة.
وأفاد غانم أن اثنين من أسرته استشهدا وأصيب آخران في القصف الذي استهدف منزلهم ليلاً، مشيراً إلى أن من نجوا من القصف كانوا ساعتها في الجزء الشرقي من المنزل الذي لم يتعرض – حسب قوله- للقصف المباشر من قبل دبابات ومدافع الحرس الجمهوري المتمركزة في معسكر الفريجة.
ووصف غانم الوضع الذي تعيشه أسرته وغيرها من الأسر النازحة من بيت العذري بالسيئ داعياً المنظمات الحقوقية والإنسانية وهيئات الإغاثة المحلية والدولية إلى زيارتهم في الكهوف التي يسكنونها والاطلاع على حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشونها بسبب البرد القارس والنقص الحاد في الغذاء والدواء.
«قصبة» في مرمى النيران
واصلنا السير صوب قرية القصبة الواقعة أمام مرمى نيران معسكر الفريجة حرس جمهوري وتبعد عنه بنحو كيلو متر فقط، وهناك بدت الجريمة أكثر بشاعة والأضرار أكثر جسامة، خصوصاً وان معظم المباني فيها قديمة ولم تصمد أمام قذائف دبابة الحرس التي لا زالت حتى اللحظة في انتظار أوامر جديدة بارتكاب مزيد من الجرائم وتدمير ما تبقى من منازل المواطنين.
منزل محمد علي الفقيه (مأمون المنطقة) ومنزلان آخران مجاوران تحولت إلى «نصع» ثابت لفوهات مدافع ودبابات الحرس المنتشرة حتى اللحظة على امتداد سور معسكر الفريجة التي لم تدخر جهداً في ترويع من تبقى من الساكنين وتدمير البنية التحتية، واستهداف كافة الخدمات العامة للمواطنين بما في ذلك شبكة الكهرباء التي طرحتها القذائف أرضاً ومواسير وخزانات المياه الخراسانية والحديدية.
وفي تلك القرية التي لا يزال الرعب يسكنها ورائحة الموت تنتشر في كل أنحائها استمعنا إلى قصص إنسانية تراجيدية عن أسر فقدت عائلها الوحيد وأطفال يتموا ونساء رملت وآباء وأمهات يبكون فلذات أكبادهم، وغيرها من المآسي التي لا يتسع المجال هنا لذكرها.
لكن الملفت أن كل ما روجت له وسائل الإعلام الرسمية من اقتحام وسيطرة لمعسكر الفريجة من قبل مسلحين قبليين ثبت لنا أنه لا أساس له من الصحة، إذ لا يزال المعسكر تحت السيطرة الكاملة للحرس الجمهوري بقيادة العقيد محمد حسين البخيتي، وهو ما اعتبره بعض المواطنين محاولة للتغطية على الجرائم التي ارتكبها هذا المعسكر بحق السكان المدنيين.
بيت العذري الأسفل
وفي بيت العذري الأسفل تعرضت عدة منازل للقصف العشوائي من قبل قوات اللواء 62 حرس جمهوري، مما تسبب في تدمير منزلين بالكامل وإلحاق أضرار بالغة بالمنازل الأخرى، فضلاً عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من السكان الآمنين بينهم نساء وأطفال.
استوقفنا هناك أحد المساجد التي لم تسلم هي الأخرى من نيران الحرس الذي تحول في أرحب –حسب الأهالي- إلى لصوص وقطاع طرق وتجار موت، ومثيري فتن ومصدر خوف وقلق ورعب، مستنكرين تعاطي بعض وسائل الإعلام المحلية والخارجية مع ما يحدث في أرحب على أنه مواجهات مسلحة بين مسلحين قبليين وجيش نظامي.
الحاج صالح عبدالله الظفاري إمام الجامع المتضرر تحدث للصحفيين بحرقة عن عملية القصف التي استهدفت الجامع ومنزلين مجاورين يسكنها هو وأولاده مؤكداً أن ما حدث لبيت الله قد ساءه وآلمه أكثر من الذي حدث لمنزليه المدمرين بالكامل.
«الدرب» طفولة مذبوحة وشظايا في الأجساد
قرية الدرب كانت محطتنا الأخيرة وفيها التقينا 3 أطفال وقعوا ضحايا لقصف قوات الحرس الجمهوري القرى والأحياء السكنية بصورة عشوائية ودون أي مراعاة للمعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الطفولة التي صادقت عليها اليمن في ظل حكم علي عبدالله صالح المسؤول الأول عن تلك الجرائم بحسب أولياء أمور الأطفال.
«قصي» و«عدي» ابنا عم يسكنان في بيت واحد لم يتجاوزا سن العاشرة أصيب الأول بعدة شظايا في الجهة الخلفية لساقه اليمنى والآخر بشظيتين إحداها في كتفه والأخرى في صدره، جراء سقوط قذيفة على حوش منزلهما خلال شهر رمضان الماضي، بينما كانا يلعبان غير آبهين بأصوات القذائف التي تهتز لها الأرض من تحت أقدامهما.
من يومها طلق الفتيان اللعب خارج المنزل - حسب والديهما- خصوصاً بعد أن أصيب قصي بإعاقة في رجله، في حين لا يزال عدي يحتفظ بشظية في صدره عجز الأطباء هناك عن نزعها فقرروا تسفيره إلى صنعاء لكن والده أجل ذلك خشية أن يحدث له ما حدث للشيخ علي يحيى القطراني أحد مشائخ نهم والذي قصفت دبابة الحرس الجمهوري سيارته أثناء إسعافه ابنته في طريق قرية «الأبوة» بأرحب.
وتفيد معلومات حصلنا عليها من أولياء أمور وأطباء وممرضين يجوبون القرى لإجراء بعض الإسعافات الأولية أن ثمة حالات كثيرة تشبه حالة الطفل عدي لم تتمكن من الوصول إلى صنعاء لإجراء عمليات جراحية خطيرة تتعلق بنزع الشظايا وجبر الكسور وغيرها من الحالات المستعصية، الأمر الذي عرض حياة كثيرين منهم للخطر وانتهى ببعضهم إلى شلل كلي، سيما المصابين بكسور وانزلاقات في الظهر وتحديداً العمود الفقري.ِِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.