خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    تحت إشراف مركز الملك سلمان.. «البلسم»تحتفي بفريقها بعد إجراء 191 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية ناجحة في الأسبوع الأول من الحملة الطبية باليمن    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    عدن.. ارتفاع ساعات انطفاء الكهرباء جراء نفاد الوقود    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    المبعوث الأممي يصل إلى عدن    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مقتل "باتيس" في منطقة سيطرة قوات أبوعوجا بوادي حضرموت    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    لو كان معه رجال!    أبناء القبطية ينفذون احتجاج مسلح أمام وزارة الداخلية الحوثية للمطالبة بضبط قتلة احد ابنائهم    مفاجأة وشفافية..!    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرحب.. تفاصيل الصمود والإنجاز
تصحو على بندقية الحرس الجمهوري وتنام بين الرصاص..
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 12 - 2011

ملف من إعداد: محمد عبد الله الجماعي – علي العوارضي – مراد ثابت السعيدي – تصوير محمد العماد..
كان ولا يزال معسكر الصمع بمديرية أرحب شمال العاصمة صنعاء يشكل تهديداً كبيراً لأمن واستقرار المنطقة وأبنائها وزراعتها.. ومؤخراً أصبح يشكل مصدر تهديد للثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت عقب الهبة الشعبية في الثالث من فبراير الماضي..
وفي نهاية مارس 2011م أقدمت قيادة المعسكر على تحريك بعض الآليات العسكرية باتجاه العاصمة صنعاء، بالقرب من المعسكر توجد عزلة شعب أرحب، والتي يفصل بينها وبين معسكر فريجة (اللواء 62 حرس جمهوري) سور المعسكر فقط، كان خمسة عشر شاباً قد استعدوا باكراً لمنع أي تحرك عسكري ضد إخوانهم الثوار السلميين في صنعاء، ما إن تحركت بعض تلك الآليات بحسب عادل شمسان الشعبي عضو المنتدى الإعلامي بأرحب، حتى تقدم الشباب ووضعوا أجسادهم وسياراتهم أمام العربات التي تنقل المدرعات والدبابات. الأمر الذي أغضب قائد المعسكر اللواء/ محمد البخيتي، وهو ما جعله يلجأ إلى طريقة أخرى هي استحداث نقطة تفتيش جديدة وكتب عليها باللون الأحمر: نقطة الموت.. وطريقة أخرى وهي الخروج من الجهة الثانية كما يقول الشيخ محمد مبخوت العرشاني الناطق الإعلامي لأنصار الثورة بأرحب لموقع الثورة اليمنية.
ويروي العرشاني وهو أحد أبناء عزلة زندان أن بعض النساء اللواتي كن يمشين في تلك الجهة، استطعن منع الآليات من الخروج، واعتمدن في ذلك على ما يقدسه العرف القبلي في أرحب بوضع المقارم والأحجار وبصورة عفوية غير مرتبة أمام آليات الصمع، وقد نجحت هذه الطريقة في عرقلة الخروج، على الأقل، حتى تنادى الشباب وخرجوا لمحاصرة هذه المعدات والآليات..
كانت قرية شعب على موعد مع العقاب الجماعي والفردي لأزلام النظام، وبمرور الأيام، نصبوا مخيمهم واعتصموا على بعد مئات الأمتار من بوابة معسكر الفريجة.. وصارت نقطة الموت تمثل هاجساً كبيراً عند أبناء شعب وهدفاً رئيسياً يجب أن يزال، وقد حاول العقلاء من أبناء قبيلة أرحب لمرات عديدة أن يتدخلوا لتخفيف الاحتقان وتهدئة الناس لكي لا يصطدمون مع إخوانهم الجنود المغرر بهم في تلك الألوية، لكن لم تكن هناك نتيجة، بل صعَّدت تلك الألوية من اعتداءاتها مرتكبة جرائم بشعة في حق أبناء أرحب كما يقول العرشاني ناطق أنصار الثورة بأرحب..
باستشهاد الشاب حازم محمد حميد المراني غدراً، في الثلاثين من مارس 2011، كما يقول العرشاني من قبل قوات معسكر فريجة، الذين حاولوا أخذ سلاحه الشخصي بالقوة، وبالاتفاق والتفاهم معهم تمكن حازم المراني من المرور إلى شعب، من أمامهم، غير أن أحد الجنود أطلق النار على رأسه من الخلف إلى داخل سيارته فأردته قتيلا.. وهنا بدأت الأمور تتجه للأسوأ بعد هذه الحادثة، ودخل الصمع وأرحب منعطفاً خطيراً، ساهم في إذكاء ناره المزيد من الاعتداءات والقتل المباشر لأبناء عزلة شعب إحدى العزل الحصينة للقبيلة، وكذا الاستهانة بغضب القبائل المدافعة عن نفسها وعن كرامة أبنائها..
ويعد الشهيد حازم المراني، أول شهيد سقط في أرحب على يد قوات الحرس الجمهوري المرابطة في نقطة فريجة، لكنهم ومنذ ذلك الحين، قاموا باختطاف جثته وإخفائها إلى وقت قريب، حيث اعترفت قوات الحرس بوجود جثة "الشهيد المراني" الذي كان مقتله سبباً في إقامة مخيم اعتصام جوار معسكر فريجة من أبناء القبائل، وشيعت جنازته مطلع نوفمبر الماضي، أي بعد ثمانية أشهر من مقتله.
وبمقتل الأستاذ/ عبد الحميد شبرين في الثاني والعشرين من مايو 2011، وهو يوم احتفال الساحات بالعيد الحادي والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، ازدادت الأمور تعقيداً، إذ شعر أبناء أرحب أنه وباستهداف قادتهم ووجهائهم، قد حان الوقت لإنهاء صمتهم إزاء هذه الانتهاكات وأعمال الغدر التي يمارسها قادة الصمع ضد رجال القبيلة.
خرج الشيخ عبد الحميد شبرين نقيب معلمي أرحب ونائب نقيب معلمي محافظة صنعاء خرج بسيارته باكراً للمشاركة في احتفالات ساحة التغيير بصنعاء، وكانت قد اعترضته نقطة الموت قبل الدخول إلى قريته، وعند خروجه من القرية سلم عليهم وعرض عليهم بعض الطعام إكراما لهم في يوم عيد الوحدة، وبمجرد مغادرته النقطة المذكورة أطلقوا عليه الرصاص الحي ليخترق سيارته من الخلف وصولاً إلى مؤخرة رأسه ليغادر بعدها هذه الحياة وتتحول على إثرها قبيلة أرحب إلى مربع الدفاع عن النفس..
وقبل أن تقرر القبيلة أمراً ما، اجتمع كبار قادتها، في مكان بعيد عن المعسكر، وعن نقطة الموت تحديداً، واختاروا لأنفسهم مقر كلية التربية بأرحب مكاناً لاجتماعهم حتى لا يشعر البخيتي بالاستفزاز حد قول الناطق الإعلامي لأنصار الثورة بأرحب، وأمام استنفار عزلة شعب لكافة القبيلة بعدم جواز السكوت على دماء أبنائها، قرر المشائخ إطالة أمد الصبر وإتاحة الفرصة أمام الثورة الشبابية الشعبية، وعدم التشويش على سلميتها، إدراكاً منهم أن النظام العائلي يرغب في ذلك.
في ذلك اليوم، وتحديداً، عند عودة المجتمعين إلى قراهم وعزلهم، اعتدت نقطة الموت بالرصاص الحي وقتلت ثمانية مواطنين دفعة واحدة، من أبناء شعب وهم: محمد يحيى عبد الله شبرين - يحيى عبد الله شبرين - بدر علي علي الشامي- محمد علي محمد جميل - عبد الله محمد علي جميل - علي حسبن قائد الشعبي، حيث تم منعهم من الدخول إلى بيوتهم بحجة أنهم يحملون البنادق، مع العلم أن هذه المعسكرات تقع بمحيط قراهم. كل ذلك بعد يومين فقط من مقتل الأستاذ والخطيب المفوه والمصلح الاجتماعي عبد الحميد شبرين.. كما قتل في نفس اليوم شهيد آخر في منطقة المكاريب وهو الشهيد حزام محمد حزام المكروب، وفي اليوم الثالث قتل المواطن ناجي السبعي، ابن أخت الشهيد عبد الحميد شبرين على يد ذات النقطة وفي ذات المكان..
المجزرة حدثت أثناء تواجد قائد معسكر فريجة في المكان الذي حصلت فيه الاشتباكات بعد الاعتداء على مواطني شعب، حيث قتل القائد فيها بسبب تبادل إطلاق النار, وبعد أن تم قصف مخيم الاعتصام وإحراقه بالدبابات والرشاشات وغيرها..
يؤكد الناطق باسم أنصار الثورة، أنه تم اللقاء ببعض قادة تلك الألوية والتفاهم معهم على أن أبناء أرحب ومنتسبي تلك الألوية إخوة، وأنهم جيش للشعب وليسوا جيشاً لحماية أفراد أو أشخاص، ولكنهم صعَّدوا من اعتداءاتهم بإحراق مخيم المعتصمين، والذين كان عددهم ما يقرب من 1000 شخص، ثم تطور الموقف إلى أن قاموا بقصف القرى المجاورة، دون تمييز ولا مراعاة لحرمة مسن أو ضعف امرأة وطفل، وتؤكد التقارير إصابة عدد من الأطفال والنساء بحالات فزع ورعب نتيجة القصف العشوائي العنيف.
كل ذلك وأرحب لا تزال على هدوئها مراعاة لسلمية الثورة.. لكن الأمر اختلف تماماً مع اشتداد القصف وتكرار محاولات الاقتحام لقرى شعب بالآليات الثقيلة، وهي البلد والروضة والقصبة وبيت العذري الأعلى وبيت العذري الأسفل، وتدمير عدد من المنازل والبيوت والمزارع والآبار والممتلكات، وتذكر إحصائية صادرة عن المركز الإعلامي للرصد والتوثيق التابع لأنصار الثورة: بأنه تم تدمير عشرة آبار لمياه الشرب في شهر مايو فقط، وهي: بئر فريجة، وبئر زيلة روق، بئر بيت جحاف، بئر الشعب بيت العذري، بئر بيت الحج، بئر الحضيرة القصبة، بئر محجر جابر، بئر الرهاق، بئر العقبة، بئر الجبوب (القصبة)، بالإضافة إلى 16 بئر أخرى تم تدميرها بالكامل خلال شهر يونيو 2011 فقط.
كما قامت قوات الحرس بحسب مركز الرصد والتوثيق أعلاه بقصف وحصار 34 وادياً ومزرعة، تعتمد عليها حوالي 1806 أسرة، في بيت مران وزندان والمكاريب والجنادية والبوة وسلمان وبني وجرموز والقصبة والبلد وبيت العذري، كما تتنوع محاصيل هذه المزارع بين العنب والفرسك (الخوخ) والقات والحبوب والطماطم والقضب والخضار وغيرها، وتقدر خسائرها بمئات الملايين وأكثر من ذلك بحسب التقرير المشار إليه..
أطفال أرحب يسألون: متى يتوقف إطلاق الصواريخ؟
موقع الثورة اليمنية/ مراد ثابت السعيدي
يجثم هاذان الصغيران على ما تبقى من حطام منزلهما الذي دمره صالح أثناء حربه العوجاء على أرحب..
يتأمل محمد في غرف المنزل... هنا كنت ألعب... هنا كنت أنام... هنا كنا نتناول وجبة الغداء، من مكان لآخر يتنقل محمد في بقايا ركام، أتبعه وقلبي يكاد يتفجر من كلمات أخيه يحيى وهو يمشي معنا ممسكاً قميصي بشدة يسألني هل سنعود لنسكن في بيتنا من جديد يا عم؟ وهل ستصلحون لنا الجدران وتشترون لنا نوافذ جديدة كالأولى؟.
ببراءة يقول يحيى تلك الكلمات ولهفة العودة إلى قريته ومنزله بادية على وجهه الشاحب.
أقف مشدوهاً من حجم الدمار والخراب، فيقاطعني محمد قائلاً "هل يتوقف صالح عن إطلاق الصواريخ علينا " ألتفت إليه وقلت له بصوت لا يعرف الحقيقة إن شاء الله.
يصرخ يحيى من الفرح ودمعت عيناني من ذلك المشهد وأخذت أمسح دموعي خشية أن يراني الصغار فيعلموا أني لا أملك لهم شيئاً.
الشيخ منصور الحنق: لأنها قالت لا لسفك الدماء.. أرحب تقصف وتدمر
موقع الثورة اليمنية حوار : مراد ثابت السعيدي تصوير محمد العماد
لم أكن أتوقع أن تطأ قدمي تراب أرحب المحاذية لشمال العاصمة صنعاء في وقت كهذا، ساعة ونصف وإذا بي بين بقايا تلك المنازل المدمرة، ومع تلك الأسر التي استقر بها الحال بين كهوف الجبال كغيري كنت أتسأل لماذا أرحب؟! وما الذي دار هناك طيلة الأشهر الماضية التي رملت فيها النساء ويتم الأطفال؟.. كل هذا وغيره وضعته بين من يصفه إعلام صالح بقائد المقاتلين في أرحب الشيخ/ منصور الحنق شيخ مشائخ أرحب الذي تحدث لموقع الثورة اليمنية عن الأوضاع في المنطقة بعد حرب صالح على أرحب والتي لا تزال مستمرة حسب تعبيره.. إلى التفاصيل
× رأينا حجم الدمار والخراب في المنطقة ورأينا أسراً لا مأوى لهم.. ما تقيمكم للوضع وماذا قدمتم لهم؟
** بخصوص الوضع الإنساني القائم فإن الوضع الإنساني في اليمن بشكل عام هو وضع كارثي ومأساوي، لم نكن نتصور أن يصل أبناء اليمن إلى هذا المستوى سواءً في أرحب أو اليمن بشكل عام، أما الوضع الإنساني في أرحب فهو كما رأيتم وضع مزري وكارثي ومأساوي جداً، فالسكان يعانون على صعيد الحياة اليومية نقص الأكل والموارد الغائية والمياه والملابس والسكن ونحن في فصل الشتاء والسكان يعيشون في العراء، فهناك قرى هجرت بالكامل ومنازل دمرت وبيوت خربت، أبناء أرحب يعانون من نقص في الأكل والشرب، الناس اليوم يعيشون في الكهوف والشعاب وفي الوديان، البعض لا يجد شربة الماء التي يروي بها ظمأه والبعض الآخر لا يجد ما يأكله، الناس اليوم يعيشون وضعاً مؤسفاً، فهم يعيشون في الصحراء بين الحيوانات والذئاب والثعابين، لا سقف يقيهم حرارة الشمس ولا جدران تحميهم من برد الليل. تضررت المزارع وتأثر فالوضع الاقتصادي بشدة وتدهورت حالة الناس، فالحرب قضت على كل شيء، جعلت الناس غير قادرين على الذهاب إلى مزارعهم ومحالهم أو منازلهم ولا حتى الأسواق وصاروا يعيشون في الكهوف والعراء، النظام تعامل مع أرحب على أنها منطقة للعدو وقصفها بلا رحمة ودون أن يفرق بين صغير أو كبير ولا رجل أو امرأة.
× لماذا أرحب؟.
×× لأنها قالت للظلم لا.. لأنها حرصت على عدم سفك دماء الثوار في الساحات ولأنها تقف مع الحق.
× هل هناك إحصائيات لعدد الشهداء والجرحى ؟
×× الاحصائية التي لدينا إلى الآن هي 149 شهيداً من بداية القصف سقطوا وهم في منازلهم بينهم 13 طفلاً و7 نساء وأكثر من 300 جريح وهناك أكثر من أربعين معاقاً لا يستطيعون مزاولة أعمالهم أو حياتهم ولا يقوون على الحركة ودمر أكثر من 18 مسجداً وهناك عدد من المنازل التي دمرت و25 بئراً دمرت، كما دمرت أيضاً المدارس والمباني الحكومية والعديد من المحلات التجارية وحتى الأسواق لم تنجو من قصفهم، حتى الحرم الجامعي لم يسلم فقد قصفت الجامعة.
× هل هناك رقم حقيقي لعدد المنازل التي دمرت وتضررت جراء القصف على أرحب؟.
×× هناك أكثر من1200 منزل تم تدمير بعضها تدميراً كلياً والبعض الآخر تدميراً جزئياً..
هل هناك منظمات حقوقية أو إنمائية زارتكم وقدمت لكم مساعدات أو معونات.؟
زارتنا اليونسيف ومنظمات عبر جمعية الإصلاح الخيرية وقدموا أشياء عينية للمتضررين، لكنها لا تكفي ولا تلبي حاجات ذلك المواطن المسكين، فعدد النازحين كبير وما يقدم لهم قليل ولهذا قام أبناء المنطقة بإنشاء جمعية لمساعدة النازحين ومعالجة الجرحى ونشكر كل من يساعدونا في دعم النازحين، فنحن نتلقي إحراجات كبيرة من تلك الأٍسر المتضررة كلما سألونا ماذا قدمتم لنا؟ فهم يريدون معونات، ونحن نطالب المنظمات ورجال الأعمال وفاعلي الخير مساعدة النازحين والمتضررين.
× هل أنتم نادمون على مساندتكم للثورة بسبب الخسارة التي تلقيتموها في أبنائكم ومنازلكم؟
لاشك أن تأييدنا للثورة كان هو السبب في قصف أرحب، فمنذ بداية الثورة بدأ الحرس الجمهوري يتسلل من المعسكرات ليتجه إلى صنعاء لقمع إخواننا الثوار هناك، لكن أبناء أرحب رفضوا ذلك وأصروا على منعهم وقالوا لهم لن تذهبوا وتقتلوا إخواننا في صنعاء، فخرجت الدبابات والمدافع والآليات، فخرج أبناء أرحب لمنعهم ونام بعضهم أمام جنازير الدبابات وقالوا لهم إذا أردتم أن تذهبوا فدوسوا علينا واذهبوا، وقاموا بوقفة احتجاجية أمام المعسكرات وبعد الوقفة أنشأوا ساحة هناك وكان الهدف منها أن لا يخرج الحرس الجمهوري لقتل شباب الثورة في صنعاء وكان اعتصاماً سلمياً.
لكن الحرس بدأ بافتعال المشاكل بقتلهم للأخ حازم المراني احد أبناء مشائخ أرحب في نقطة فريجة، ثم نقيب المعلمين وشيخ من مشائخ أرحب "عبد الحميد شبرين في نفس النقطة.
وبعدها وضع الأمن القومي قائمة بأسماء كثيرة لشخصيات عدة ليتم اغتيالهم والتخلص منهم، لكونهم شخصيات مؤثرة وفاعلة في المجتمع، لكن الناس بدأوا يدركون أمورهم ويأخذون حذرهم، فأبناء أرحب يشعرون أن هذا واجب عليهم ولسنا نادمين على وقوفنا مع الثورة وسنظل أوفياء للثورة.. وأقول عبر صحيفة أخبار اليوم إننا ضحينا وسنضحي وسنستمر في ذلك حتى تحقيق كافة أهداف الثورة، مع العلم أننا لم نختر هذه الحرب بل فرضت علينا، فقد أعتدي علينا وقتلت نساؤنا وأطفالنا فقررنا الدفاع عن أنفسنا.
رحلة على هامش المبادرة الخليجية وحكومة الوفاق
الطريق إلى أرحب
موقع الثورة اليمنية/ محمد عبد الله الجماعي
في طريقنا إلى أرحب، برفقة الوفد الصحفي والقانوني الذي خرج معنا إلى مديرية أرحب 50 كيلو متر شمال العاصمة صنعاء، كانت الأشواق تحملنا إلى محطة هامة من محطات الثورة اليمنية..
الفريق المكون من 25 شخصاً، أخذوا صورة تذكارية جماعية، في ساعات الصباح الأولى على منصة ساحة التغيير، وفي حسبانهم أن زيارة منطقة صراع كأرحب تقتضى ترتيب كل الأشياء المتعلقة بالوداع الأخير..
رحيبة تلك الضواحي التي زرناها، واسمها أرحب، هي موطن السلام والعنب، وهي أرض لا تنجب إلا الرجال، كجبالها استعلت على كل الجبال.. لأرحب لا تزال ثمة نافذة، منها تطل، ومنها يدخل شيء من نسيم عليل، تصحو على بندقية الحرس الجمهوري وتنام بين الرصاص، وليس ما يدل في أرحب كثيراً على أن اسمها قد ضاق عن صفتها.. فهي أرض معطاءة كرجالها ونسائها وليس العكس..
تسابق أعضاء الفريق على الأسماء والمناطق ساعة وصولنا أرحب، البعض يريد شعب، فيما هناك من يفضل بني جرموز، وآخر يرى أن من الأفضل زيارة زندان وبيت الحنق... والأخيرة كانت وجهتنا بدون تخطيط، ولكن الأقدار ساقتنا إلى حيث نريد.. إلى الشيخ منصور الحنق شيخ مشائخ أرحب، والبرلماني المعروف..
تتشابه الجبال في أرحب كما ألوان السماء والتراب والصخور والشقوق الأرضية التي تمثل قاسما مشتركا في تضاريس المديرية الواسعة المساحة والمكان.. كما وتتشابه في الحالة الإنسانية التي وصلت إليها.
مدارس تحت الجسور
طلاب مدرسة بيت الحنق كانوا يفترشون قاعدة أحد الجسور كفصول دراسية، بها يحتمون من قصف الطائرات والصواريخ، وفيها يتلقون دروس فجائع النظام العائلي..
"نحن في الصف السادس" بصوت جماعي واحد أجابوا على سؤالي لأستاذهم: في أي صف يدرس هؤلاء الطلاب.
وفي السبورة الخشبية المعلقة على جدار، أقصد أحد أعمدة الجسر، مكتوب بخط الأستاذ في حصة الخط كما يبدو لي "خرج عمر بن الخطاب ليلاً ليتفقد أحوال الرعية!!"..
على بُعد من هذه المدرسة (السفري) تنتشر كهوف النازحين من بيوتهم بسبب القصف على القرى والتجمعات السكنية، وفي أحد هذه الجروف القريبة من قرية بيت الحنق بعزلة زندان، يقف عبدالوهاب هادي بجوار باب الجرف، وتقف زوجته خلفه أمام تنور الحطب، حيث من الصعوبة بمكان إدخال المطبخ داخل الكهف.
ويتكون منزل عبد الوهاب من غرفتين، تم بعناية نحتهما متقابلتين ويقف ما يسمى بالحمام في الوسط، وينام الرجل وزوجته في غرفة فيما البنت الكبرى تقطن في الغرفة الثانية (المجلس)، ومع كل ذلك لا يزال الحلم غضا طريا، لا يبارح ذاكرة عبد الوهاب، إذ يسهر الليل في حراسة حراس الثورة، ويترك الصباح لعياله وزوجته، ويقول بأنه طيلة التسعة أشهر وما سيأتي بعدها، لم يشعر خلالها باليأس
هنا الزنداني
هناك في إحدى قمم الجبال المقابلة لجبل الصمع الرهيب، كانت وجهتنا قبل الأخيرة مع مجموعة من الصحفيين، قبل أن نجد أنفسنا وجهاً لوجه مع منزل الشيخ العلامة الدكتور/ عبدالمجيد الزنداني في قرية بيت الحنق عزلة زندان, حيث الموطن الأول لأبيه وجده، في الحصن المطل على العزلة بكاملها.
وفي سفح تلك التلة يوجد منزل الشيخ الذي عاد إلى أرحب مغاضباً بعد تعرضه لاستفزازات من قبل النظام، بسبب مواقفه مع شباب الثورة، ورفضه إصدار فتوى تحرم التظاهر في الميادين العامة والساحات اليمنية المختلفة، وزاد فأفتى علامة اليمن بأن ذلك، أي التظاهر السلمي، من أفضل الجهاد عند الله.. وفي ساحة التغيير عقب عودته من دار الرئاسة أعلن الشيخ أن ما يفعله الشباب يستحق منحهم إزاءه براءة اختراع.
الكثير من الأسئلة والذكريات تراءت أمام خواطرنا ونحن نمر بجوار منزل الشيخ الأكثر كاريزما في اليمن.
وبالقرب منه يقع منزل شيخ مشائخ أرحب وعضو البرلمان عن الدائرة بأكملها الشيخ منصور الحنق، غير أن ما كان يشغلنا أكثر هو الوصول إلى كهف هذا الرجل للتعرف عن قرب على طريقة عيش أمراء الحرب، مع الفارق هنا أن الرجل إنما هو أمير أنصار الثورة (السلمية) في أرحب، والمدافع عنها ليس إلا..
وتبدو الأمور والترتيبات لأول وهلة ملفتة للنظر بشكل قوي، إذ أقدم القوم على شق طريق خاصة بهم في بطن الجبل المغطى بالصخور الصماء، بعيداً عن أعين الصمع وفوهات المدافع والدبابات والصواريخ.
وأياً يكن فقد نال المشهد من عاطفتنا كما لم ينل من قبل، إذ تزاحمت أمام الذاكرة ومنذ النظرة الأولى الخطوات الأولى التي قرر فيها هؤلاء أن يكونوا أنصاراً للثورة..
كم هو شاق وصعب أن يكون الطرف الأضعف من حيث العدة والعتاد، في صف الشعب!! ذلك ما يراه فقط المتفرجون, أما ما رأيناه وشاهدناه من همة واندفاع وحسن تخطيط وتدبير واستعداد جيد لملاقاة أصناف الويل الذي جرعهم ولا يزال يجرعهم إياه معسكر الصمع، الأول والأكبر والأقوى بين معسكرات الحرس الجمهوري على مستوى السعيدة بأكملها.. فقد كان مذهلاً ومدهشاً حقاً..
لم يذهلنا فقط استقبال الشيخ الحنق للوفد الحقوقي والصحفي، ولا استعدادته النفسية والذهنية للتفاعل مع ما جئنا لأجله، ولا تواجد أبنائه الصغار مع الكبار في ذات الكهف الذي ينحاز إلى جوفه حين مناص.
كما لم يذهب ألبابنا كرم هؤلاء الأفذاذ، أو حتى نظافة خيامهم أو أفنيتها.. واحدة للاستقبال، وأخرى للصلاة، وأخرى للطبخ والمخازن وما أشبه، بل لقد اعترانا الذهول جملة حين شاهدنا قوارير الماء المعدني بالكراتين، والكهرباء والإنترنت والفواكه والحلويات.
إنهم يعيشون أيامهم بل وشهورهم بكل تفاصيلها، إذ لا يحتاج الواحد منهم للنزول والصعود إلى قمة ذلك الجبل الذي تسبب برودة قمته التثلج في عز الظهيرة، سوى أن يستقل أي سيارة ثم ليفعل ما بدا له, ولكم كانت نقاط السيطرة على المحل كثيرة ومتعددة ويشرف عليها شباب في قمة فتوتهم وعنفوانها.
تبدو الأمور هناك منذ ولوج حدود المديرية الأشهر في الجمهورية بوقوفها واستبسالها وتضحياتها من أجل الثورة.. تبدو كما لو أنها قد حسمت من قبل المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، لصالح من نذروا أنفسهم للدفاع عن حياضهم وثورة شبابهم.
أرحب.. المأساة المنسية
موقع الثورة اليمنية l علي العوارضي
أرحب.. المشتقة لغوياً من (رحب المكان) إذا اتسع لمدعوه، ضاقت مؤخراً أمام أهلها الذين غادروها تحت وابل القذائف والنيران، إلى جبال لم تعصمهم من جوع وبرد وخوف تعيش تفاصيله مئات الأسر المشردة داخل كهوف ومغارات لا تتوفر فيها أبسط مستلزمات الحياة.
معاناة حقيقية وجرائم ضد الإنسانية بدأت تتكشف في قرى ونواحي أرحب مع نزول أول فريق صحفي وحقوقي إلى المنطقة الأربعاء الماضي، ضم عدداً من القنوات الفضائية والصحف المحلية والمواقع الالكترونية على رأسها موقع الثورة اليمنية الذي نقل بالصورة والكلمة جزءاً من تلك المعاناة والجرائم التي التقطتها عدسته.
149 شهيداً بينهم 10 أطفال و 3 نساء و322 جريحاً بينهم 22 طفلاً و9 نساء إحداهن بإعاقة دائمة، حصيلة أولية لضحايا القصف المتواصل الذي تشنه ما يسمها الأهالي بقوات الحرس العائلي المطوقة أرحب من ثلاث جهات مختلفة وعلى مدى 6 أشهر متتالية.
وتتصدر مساكن المواطنين قائمة الأضرار التي لحقت مديرية أرحب جراء القصف المتواصل عليها من قبل قوات الحرس الجمهوري، سيما منطقة الشعب القريبة من معسكر الفريجة حيث لا تزال قوات الحرس تواصل توغلها في المنطقة وتستحدث مواقع عسكرية جديدة كما حدث في منطقة "الصنصل".
(شعب) أرحب
"الشعب يريد إسقاط النظام" عبارة استقبلتنا عند مدخل أول منزل زرناه في قرية "الشعب" والذي دمر بالكامل جراء القصف العنيف الذي تعرض له من قبل قوات الحرس المتمركزة في جبل الصمع والصنصل، وأسفر عن إصابة شخص وتشريد 4 عائلات كانت تقطن ذلك المنزل.
وفي المنزل (الضخم) كما يظهر من بقايا أطلاله، تبدو الصورة أقرب إلى ما يحدث في"غزة" على أيدي القوات الإسرائيلية، حيث تحول المنزل إلى أثر بعد عين، وبقيت آثار الخراب والدمار الذي خلفته قذائف المدافع والدبابات شاهداً حياً على جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها قوات صالح بحق السكان والمدنيين في أرحب ومدن يمنية أخرى.
وقال الشيخ صالح أحمد المراني صاحب المنزل:"إن عائلته المكونة من 75 نسمة تعيش حالياً وضعاً مأساويا داخل كهوف لا تجد فيها ما تأكله أو تفترشه بعد أن اتلف القصف كل محتويات المنزل الذي يمثل بالنسبة لنا جهد وكد وتعب وعرق سنوات بكاملها قضيتها في بناءه وتأثيثه من أجل لم شمل العائلة".
وفي تصريح لموقع الثورة اليمنية عزا المراني قصف منزله إلى موقفه المؤيد والمناصر لثورة الشباب السلمية المطالبة بالتغيير، مؤكداً في الوقت ذاته احتفاظه بحقه في مقاضاة مرتكبي هذا العمل الإجرامي والمطالبة بالتعويض العادل عن كل ما لحقه هو وأسرته من أضرار وخسائر مادية وبشرية.
بيت العذري الأعلى
ويتكرر المشهد ذاته في قرية بيت العذري الأعلى، حيث وقفنا هناك على ثلاثة منازل دمرت هي الأخرى بالكامل جراء قصف قوات الحرس الجمهوري المتمركزة في معسكر الفريجة للقرية دونما تفريق بين إصلاحي ومؤتمري ومؤيد للثورة أو معارض لها –حسب غانم العذري، صاحب أحد المنازل المتضررة.
وأفاد غانم أثناء حديثه لموقع الثورة اليمنية بأن اثنين من أسرته استشهدا وأصيبا آخران في القصف الذي استهدف منزلهم ليلاً، مشيراً إلى أن من نجوا من القصف هم المتواجدون ساعتها في الجزء الشرقي من المنزل والذي لم يتعرض – حسب قوله-للقصف المباشر من قبل دبابات ومدافع الحرس الجمهوري المتمركزة في معسكر الفريجة.
ووصف غانم الوضع الذي تعيشه أسرته وغيرها من الأسر النازحة من بيت العذري بالسيئ، داعياً المنظمات الحقوقية والإنسانية وهيئات الإغاثة المحلية والدولية إلى زيارتهم في الكهوف التي يسكنونها والإطلاع على حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشونها بسبب البرد القارس والنقص الحاد في الغذاء والدواء.
(قصبة) في مرمى النيران
واصلنا السير صوب قرية القصبة الواقعة أمام مرمى نيران معسكر الفريجة حرس جمهوري الذي تبعد عنه بنحو كيلو متر فقط، وهناك بدت الجريمة أكثر بشاعة والأضرار أكثر جسامة، خصوصاً وأن معظم المباني فيها قديمة ولم تصمد أمام قذائف دبابة الحرس التي لا زالت تراوح مكانها حتى اللحظة في انتظار أوامر جديدة بارتكاب المزيد من الجرائم وتدمير ما تبقى من منازل المواطنين.
منزل محمد علي الفقيه (مأمون المنطقة) ومنزلان آخران مجاوران تحولت إلى نصع ثابت لفوهات مدافع ودبابات الحرس المنتشرة حتى اللحظة على امتداد سور معسكر الفريجة والتي لم تدخر جهداً في ترويع من تبقى من الساكنين وتدمير البنية التحتية واستهداف كافة الخدمات العامة للمواطنين، بما في ذلك شبكة الكهرباء التي طرحتها القذائف أرضاً ومواسير وخزانات المياه الخراسانية والحديدية.
وفي تلك القرية التي لا يزال الرعب يسكنها ورائحة الموت تنتشر في كل أنحاءها استمعنا إلى قصص إنسانية تراجيدية عن أسر فقدت عائلها الوحيد وأطفال يتموا ونساء رملت وآباء وأمهات يبكون فلذات أكبادهم وغير ذلك من المآسي التي لا يتسع المجال هنا لذكرها ونعدكم بنشرها في أعداد قادمة.
لكن الملفت في الأمر أن كل ما روجت له وسائل الإعلام الرسمية من اقتحام وسيطرة لمعسكر الفريجة من قبل مسلحين قبليين، ثبت لنا أنه لا أساس له من الصحة، إذ لا يزال المعسكر تحت السيطرة الكاملة من قبل الحرس الجمهوري بقيادة العقيد/ محمد حسين البخيتي، وهو ما اعتبره بعض المواطنين محاولة للتغطية على الجرائم التي ارتكبها هذا المعسكر بحق السكان المدنيين.
بيت العذري الأسفل
وفي بيت العذري الأسفل تعرضت عدة منازل للقصف العشوائي من قبل القوات المتواجدة في اللواء 62 حرس جمهوري مما تسبب في تدمير منزلين بالكامل وإلحاق أضرار بالغة بالمنازل الأخرى، فضلاً عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من السكان الآمنين بينهم نساء وأطفال.
كما استوقفنا هناك أحد المساجد التي لم تسلم هي الأخرى من نيران الحرس الذي تحول في أرحب –حسب الأهالي- إلى لصوص وقطاع طرق وتجار موت، ومثيري فتن ومصدر خوف وقلق ورعب، مستنكرين في ذات الوقت تعاطي بعض وسائل الإعلام المحلية والخارجية مع ما يحدث في أرحب على أنه مواجهات مسلحة بين مسلحين قبليين وجيش نظامي.
الحاج صالح عبدالله الظفاري إمام الجامع المتضرر تحدث للصحفيين بحرقة عن عملية القصف التي استهدفت الجامع ومنزلين مجاورين يسكنهما هو وأولاده، مؤكداً بأن ما حدث لبيت الله قد أساءه وآلمه أكثر من الذي حدث لمنزليه المدمرة بالكامل.
وألجم الظفاري أفواه الصحفيين الذين زاروا المكان بالسؤال:"لماذا أقمتم الدنيا ولم تقعدوها عندما استهدف جامع النهدين في صنعاء بينما قصفت عشرات المساجد في قرى ومناطق أرحب دون أن تحرك أقلامكم ساكنا؟!".
من جانبه اعتبر أحمد صالح الظفاري ما حدث لمنزله الذي قصف بعد يوم من قصف منزل أخيه، يعد حلقة ضمن سلسلة جرائم نظام صالح العائلي وامتداداً لحربه الشعواء التي يشنها ضد أبناء أرحب منذ حوالي 6 اشهر إلى الآن على خلفية وقوفهم إلى جانب الحق والثورة.
وقال في حديثه ل"أخبار اليوم":"لقد بدأت مشكلتنا مع هذا النظام العائلي منذ لحظة خروجنا إلى أمام معسكر الفريجة خلال شهر مايو الماضي بصدور عارية وطرق سلمية للحيلولة دون دخول دبابات وأسلحة الحرس المتواجدة في معسكرات الصمع والفريجة إلى العاصمة صنعاء للمشاركة في تنفيذ مخطط اقتحام ساحة التغيير وقتل شباب الثورة المعتصمين هناك".
(الدرب) طفولة مذبوحة وشظايا في الأجساد
قرية الدرب كانت محطتنا الأخيرة وفيها التقينا 3 أطفال وقعوا ضحايا لقصف قوات الحرس الجمهوري القرى والأحياء السكنية بصورة عشوائية ودون أي مراعاة للمعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الطفولة والتي صادقت عليها اليمن في ظل حكم علي عبدالله صالح، المسؤول الأول عن تلك الجرائم بحسب أولياء أمور الأطفال.
قصي وعدي أولاد عم يسكنان في بيت واحد لم يتجاوزا سن العاشرة، أصيب الأول بعدة شظايا في الجهة الخلفية لساقه اليمنى والآخر بشظيتين إحداها في كتفه والأخرى في صدره، جراء سقوط قذيفة على حوش منزلهما خلال شهر رمضان الماضي بينما كانا يلعبان "زراقيف" غير آبهين بأصوات القذائف التي تهتز لها الأرض من تحت أقدامهما.
من يومها طلق ثنائيهما اللعب خارج المنزل - حسب والديهما- خصوصاً بعد أن أصيب قصي بإعاقة في رجله في حين لا يزال عدي يحتفظ بشظية في صدره عجز الأطباء هناك عن نزعها فقرروا تسفيره إلى صنعاء، لكن والده أجل ذلك خشية أن يحدث له ما حدث للشيخ علي يحيى القطراني أحد مشائخ نهم والذي قصفت دبابة الحرس الجمهوري سيارته أثناء إسعافه ابنته في طريق قرية الأبوة بأرحب.
وتفيد معلومات حصل عليها موقع الثورة اليمنية من أولياء أمور وأطباء وممرضين يجوبون القرى لإجراء بعض الإسعافات الأولية بأن ثمة حالات كثيرة تشبه حالة الطفل عدي لم تتمكن من الوصول إلى صنعاء لإجراء عمليات جراحية خطيرة تتعلق بنزع الشظايا وجبر الكسور وغيرها من الحالات المستعصية، الأمر الذي عرض حياة الكثير منهم للخطر وانتهى بالبعض إلى شلل كلي سيما المصابين بكسور وانزلاقات في الظهر وتحديداً العمود الفقري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.