نترك للتاريخ يسجل أحداث الحاضر والمستقبل ويصل بهمزة وصل مع ماضي اليمن التاريخية بما فيه من تقارب للأحداث وقواسم مشتركة تجعلنا نقف عندها وقفة مراجعة وتبصر، حتى ندرك الأخطاء ونبادر إلى إصلاحها والاستفادة من تجارب الماضي لبناء الحاضر والمستقبل.. حينما نتناول القبيلة اليمنية ليس معناه الإساءة لهذا التكوين الاجتماعي الديمغرافي العريق الذي نتشرف به كيمنيين بحكم التركيبة القبيلة لسكان اليمن وأصالتها بتاريخها التليد في القدم الزاخر بالذكر الطيب فكلنا أولاد قبائل ،ولكن نتكلم عن دورها في الحكم وماله من تعبات في إعاقة التنمية بحكم التعصب للعرف والحكم القبلي وتعطيل القانون بالتحكيم وتغليب نفوذ الشيخ على نفوذ الحاكم ،وتحجيم الدولة بالقبيلة .. وحتى تتضح الصورة أكثر نورد لمحة تاريخية من دور القبيلة منذ 50عاما من عمر اليمن... منذ قيام الثورة اليمنية في 1962 ومشاركة القبيلة فيها ظهر على الساحة السياسية تنافس بين القبيلة بزعامة مشايخ القبائل منهم الشيخ عبدالله الأحمر و سنان أبو لحوم والغادر،وأيضا العسكر بزعامة السلال ورفقاءه،وبعد سنوات من المد و الجزر انتهى بعزل السلال وتولي بعده القاضي عبدالرحمن الإرياني ،وفي أيامه ظهر جناح ثالث يتمثل بالسياسيين (القوميين) وعودة أفكار تطالب بالإمامة ترعاها دول ملكية (السعودية والأردن) بدعم البدر، فتوصل الارياني إلى خطوة بعد فشله باحتواء آل الوزير بدلا عن آل حميد الدين -بحكم تأييد آل الوزير للثورة- واعتراض دول على تمكينهم في ذلك ، تمثلت هذه الخطوة بما يسمى باتفاق حرض لاحتواء الأجنحة الثلاثة وتقاسم السلطة بين الجناح القبلي (المشايخ) والجناح السياسي والجناح العسكري..
وبعد تولي المقدم إبراهيم الحمدي السلطة أراد إنهاء التقاسم وتصحيح مسار الثورة وتمكين أهدافها بفرض القانون وبناء دولة القانون والكثير يعرف هذا،،، فاصطدم بالقبيلة وبدأت الخلافات بين الحمدي ومشايخ القبائل ، فغادر الأحمر وأبو لحوم الى خارج اليمن،زيد على ذلك رفض دول الجوار لأفكار ومشاريع الحمدي، وانتهت مشاريع الحمدي بمقتله،،فعادة القبيلة الى الصدارة من جديد وبقوة ،هذه المرة بدعم خارجي سخي مكن القبيلة من السلطة أكثر من ذي قبل حتى قيل أن الشيخ الأحمر صانع الرؤساء في اليمن،، ومع تولي صالح بقوة القبيلة سلم اليمن لكل من يخشى أن يجابهه،و بمشاريع مغايرة تماما لمشاريع الحمدي أصبحت اليمن غنيمة في الداخل لكل جناح يملك القوة يمارس دوره فوق القانون،وفي الخارج حدث ولا حرج،،،صارت اليمن في عهد صالح غنيمة للعائلة والقبيلة والعسكر،فأصبحت تعيش أسوأ عقودها،فالقانون معطل والفساد السياسي بتعدد الأجنحة الحاكمة من قبيلة وعسكر وعائلة،والفساد الاقتصادي بالسرقات ونهب المال العام والرشوة والمحسوبية والتقاسم، و الفساد الاجتماعي بنشر العصبيات والمناطقية حتى يحتمي كل فرد بجناحه،...وبلغ باليمنيين مبلغه فقامت الثورة بمكونات الأجنحة الثلاثة (العسكر والقبيلة والسياسيون)والشباب، والفارق عن ثورة سبتمبر كمكون للثورة دور الشباب القوي فهم شرارتها وطابعها السلمي. *ما يجب أن نسأله: هل ستتخلى القبيلة عن ثمن دورها بهذه الثورة وتترك للقانون السيادة لبناء الدولة المدنية بجناح واحد يختاره اليمنيون بعيدين عن مراكز القوة والنفوذ؟أم التاريخ سيعيد نفسه ودماء اليمنيين ستظل حبرا لكاتبته؟