رفضت سوريا يوم الاثنين دعوة الجامعة العربية للرئيس السوري بشار الاسد بالتنحي وتولي حكومة وحدة وطنية ووصفت ذلك بأنه تدخل في شؤونها الداخلية مؤكدة تصميمها على احباط الانتفاضة المستمرة منذ عشرة أشهر التي تسعى للاطاحة بالرئيس. ولم يتضح على الفور ان كانت سوريا ستقبل قرار الجامعة العربية بالابقاء على المراقبين في البلاد شهرا اخر رغم فشلهم في وقف اراقة الدماء التي راح ضحيتها المئات منذ وصول بعثة المراقبين يوم 26 ديسمبر كانون الاول.
وتقوضت مصداقية البعثة عندما اعلنت السعودية انها ستسحب مراقبيها لان السلطات السورية لم تتعاون مع التفويض الممنوح للبعثة. ولم يتضح ان كانت دول خليجية اخرى ستحذو حذو السعودية.
ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) عن مصدر سوري رسمي قوله ان خطة الجامعة العربية الجديدة التي طالبت الاسد بتسليم سلطاته الى نائب له الى ان يتم اجراء انتخابات ديمقراطية يعكس "مؤامرة ضد سوريا".
وقال المصدر "سوريا ترفض القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري بشأن سوريا خارج اطار خطة العمل العربية والبروتوكول الموقع مع الجامعة العربية وتعتبرها انتهاكا لسيادتها الوطنية وتدخلا سافرا في شؤونها الداخلية وخرقا فاضحا للاهداف التي أنشئت الجامعة العربية من أجلها وللمادة الثامنة من ميثاقها."
وقال رامي خوري وهو معلق مقره بيروت ان الخطة العربية الجريئة على نحو غير معتاد التي أعلنت في مقر الجامعة العربية بالقاهرة يوم الاحد كانت بمثابة "اخبار سيئة" للاسد.
وقال ان كون الدول العربية تقترح مثل هذا التدخل الواضح وخاصة اصدار امر الى الاسد بالتنحي واعطاء آلية له ليفعل ذلك هو علامة مثيرة على مدى فقد الرئيس السوري مصداقيته وشرعيته في المنطقة.
ويواجه الاسد (46 عاما) احتجاجات منذ أكثر من عشرة أشهر ضد حكمه وتمردا مسلحا متزايدا. وتقول الاممالمتحدة ان خمسة الاف شخص قتلوا في الحملة الأمنية. وتقول السلطات انها تقاتل "ارهابيين" يتلقون دعما أجنبيا قتلوا 2000 من جنود الجيش والشرطة.
وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في اشارة الى خطة الجامعة العربية التي قبلتها دمشق في نوفمبر تشرين الثاني "بلادي ستسحب مراقبيها نظرا لعدم تنفيذ الحكومة السورية لاي من عناصر خطة الحل العربي" التي تقضي بانهاء المظاهر المسلحة في المدن.
وطالبت الخطة السابقة بأن ينهي الاسد العنف ويسحب قواته من المدن ويفرج عن المعتقلين ويسمح بالاحتجاجات السلمية ويدخل في حوار مع المعارضة.
وقال الامير سعود "ندعو المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته بما في ذلك اخواننا في الدول الاسلامية واصدقاؤنا في روسيا والصين واوروبا والولايات المتحدةالامريكية... ليمارسوا كل ضغط ممكن في سبيل اقناع الحكومة السورية بضرورة التنفيذ العاجل والشامل لخطة العمل العربية."
وانتقد المصدر الرسمي السوري الوزراء العرب لاصدار تصريحات مثيرة بدلا من منع وصول أموال وأسلحة الى "الجماعات الارهابية" في سوريا وانتقد الجامعة العربية لتجاهلها وعود الاسد باجراء اصلاحات تفتقر اليها العديد من الدول العربية التي تقود حملة معادية ضد سوريا.
وأدت الانقسامات بين أعضاء الجامعة العربية البالغ عددهم 22 الى تعقيد الجهود الدبلوماسية بشأن سوريا لكن في النهاية رفض لبنان فقط الموافقة على اقتراح يوم الاحد رغم ان الجزائر اعترضت على نقل الخطة الى مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
ورحب بهذه المبارة المجلس الوطني السوري المعارض الذي يحث الجامعة منذ اسابيع على احالة الازمة السورية الى مجلس الامن.
وقال رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون في القاهرة ان هذا يؤكد ان كل الدول العربية الآن تعتبر نظام الاسد الشمولي انتهى ويجب تغييره.
ومجلس الامن منقسم ايضا بشأن كيفية الرد حيث تطالب القوى الغربية بعقوبات اشد وفرض حظر على شحنات الاسلحة وهي اجراءات تعارضها روسيا حليفة الاسد.
وحين سُئل بشأن العقوبات العربية التي أعلنت في السابق على سوريا قال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني ان العقوبات الاقتصادية العربية ستفرض من خلال مجلس الامن. ولم يذكر تفاصيل.
وقالت قطر ان الوقت حان لاعادة التفكير في بعثة المراقبين لسوريا وبحث ارسال قوات حفظ سلام عربية. وقال الشيخ حمد للوزراء العرب ان الحقيقة هي ان اراقة الدماء لم تتوقف وان آلة القتل مازالت تعمل واعمال العنف انتشرت في كل مكان.
وحاولت سوريا التي تحرص على تجنب اجراء اجنبي اقوى اظهار التزامها بخطة السلام العربية الاولى. وهذا الشهر افرجت السلطات عن مئات المعتقلين واعلنت عفوا وتوصلت الى اتفاق لوقف اطلاق النار مع المنشقين في بلدة وسمحت للمراقبين بدخول بعض المناطق المضطربة وبدخول بعض الصحفيين الاجانب. وجدد الاسد تعهده بالاصلاح.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء انه تم الافراج عن 5255 سجينا بموجب العفو الذي اعلنه الاسد قبل اسبوع لمخالفات ارتكبت منذ بدء الانتفاضة في مارس اذار.
لكن العنف استمر دون هوادة. وقالت الوكالة ان العميد حسن الابراهيم وهو خبير في "ادارة الحرب الالكترونية" وضابطا اخر قتلا يوم الاحد عندما اطلق مسلحون النار على سيارتهما في محافظة دمشق. وهو ثالث ضابط برتبة عميد يقتل في اسبوع. وقالت ان 11 شخصا قتلوا ايضا عندما اطلق مهاجمون النار من بنادق وقذائف صاروخية على حافلة مدنية في حمص.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض ان عدد القتلى بين المدنيين بلغ 12 يوم الاحد تسعة منهم في بلدات وقرى محافظة دمشق. من اليستير ليون