ندرك حجم المهمة الصعبة الملقاة على هادي الرجل الذي عاش فتر طويلة في الظل ليخرج الى صخب ووضع استثنائي في البلاد لا شك ان الهمة صعبة ومركبة خاصة في ظل بقاء اركان نظام صالح كلاعب رئيس في المشهد السياسي اليمني ومازال بيده الكثير من الاوراق ليلعب بها، ولكن على الرئيس القادم الا يكون هادي في المرحلة المقبلة بل عليه ان يعيش حالة من الضجيج الممنهج ليعيد ترتيب الاولويات القادمة بمفردات جديدة تتناسب مع المرحلة القادمة. اليمن الجديد لا بد ان يتحرك نحو بناء دولة مدنية وليس الى دولة رد فعل لمرحلة سابقة لم تقدم للمشهد اليمني سوى جبال من التردي الاقتصادي والاحتقانات الاجتماعية والسياسية بل ذهبت الى ابعد من ذلك في هدم البنية الفكرية لمفهوم الدولة والمجتمع. هادي اصبح الان رجل المرحلة هكذا شاءت الاقدار ان تضع حدا لهدوء هادي وتلقي به الى واقع سياسي لم تشهده البلاد من قبل لكن في المقابل لم يجتمع الداخل والاقليم والدولي على رجل في تاريخ اليمن كما اجتمع لهادي. الامر الذي يعطيه من القوة لقطع الطرق امام الاوراق التي ما زلت تقلى علينا من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، ليس المطلوب من الرئيس القادم تغير المشهد بين عشية وضحاها بقدر ما يبدأ السير في الطريق الصحيح. الحديث عن الانتخابات ليس الحديث عن الية واجراءات ليختلف فريق هنا وفريق هناك وترفع قضية هنا واخرى هناك نحن امام انتخابات شكلية في ظاهرها ولكنها عميقة بفعلها بقدر عمق جراح هذا البلد الذي يعاني مخاض عسير منذ اكثر من عام علينا الالتفاف حول هادي كنعوان لمرحلة قادمة لنجتاز الى شاطي نقي نستطيع في التفكير والعطاء ولملمت جراحات غائرة في ذاكرة اليمن علىنا كما قال الاستاذ ياسين سعيد نعمان أن ان ندرك اننا ورثنا وطنا معطل الإمكانيات، تسوده نزعات التفكك ومشاريع نخب خسرت الماضي وليس لديها مانع أن تخسر الحاضر والمستقبل، وأن الاستغراق في مشاريع هذه النخب سيسرق منه المبادرة التي يتوجب عليه صياغتها بمعايير ورؤى تستند إلى روح جديدة لم تتشوه بالانكسارات التي أغرقت البلاد في تجارب سياسية عطلت السير إلى الأمام ولم تفلح سوى في فتح خط مع الماضي بكل آلامه وتعقيداته. يجب أن نوسع مساحة قراءة المشهد بدلا من اختزاله في جزء [شهداء وقتلة] من موضوعه الكبير كي يصبح للتضحية دلالتها العظيمة. لذلك نطلب من هادي الضجيج للسير نحو المستقبل كما تتطلب منا المرحلة العمل على انجاح الانتخابات القادمة لتبدأ رياح التغير بتحريك أشرعة سفينتنا المثقلة بملامحنا والى ذلك الوقت تحتاج تلك لسفينة الى تفاني كبير ممزوج بصدق اكبر.